المضمون: لا أحد يهتم بالقضية الفلسطينية على خلفية ما يمر به الشرق الاوسط والعالم بأزمات، لهذا يجب على أبو مازن استغلال فرصة قدوم الوفد الامريكي من أجل تحريك العملية السلمية لأن هذه هي فرصته الاخيرة.

سيصل وفد من الولايات المتحدة إلى اسرائيل في محاولة للمساعدة في تقدم العملية السلمية بين اسرائيليين والفلسطينيين. هناك افضلية كبيرة لكون اعضاء الوفد هم رجال اعمال يعملون حسب مبدأ أنه ليس لديهم الوقت لاضاعته على المحاولات غير المجدية. منذ سنوات كثيرة حاول المبعوثون والوسطاء والسياسيون، لكن بدون نجاح، التوصل الى اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين. وكانت نظريتهم الاساسية هي أن الارهاب الدولي وجنون الشرق الاوسط مرتبطان بالموضوع الفلسطيني. واذا كان هناك اتفاق فان الارهاب سيتوقف، وسيسلم الشيعة والسنة بذلك، وسيمتليء الشرق الاوسط بحمامات السلام التي تحمل في فمها اغصان الزيتون.

ادارة اوباما، رغم سطحيتها، استثمرت ثماني سنوات بدون نتيجة، انطلاقا من رؤية الفلسطينيين كضحايا يجب ارضاءهم. وكانت النتيجة هو أنه يجب تركيز الضغط على اسرائيل وجعلها تتنازل عن مناطق مع تعريض أمنها للخطر، وفرض العقوبات الدولية عليها وعزلها. وقبل ذلك، استخدام الضغط الكبير وقدرة صمود باراك وشارون واولمرت المحدودة، تسببت في ابداء دولة اسرائيل الاستعداد لتقديم تنازلات كبيرة في القدس ايضا. والنتيجة هي ملاحظة ضعف اسرائيل، الامر الذي جعل الفلسطينيين يتشددون في مواقفهم، وكل تنازل كان يؤدي الى زيادة شهوتهم وكان يشجعهم على الاستمرار في الارهاب. ولم تكن لهم مصلحة في المفاوضات الجدية التي تعني تقديم التنازلات ايضا.

معظم المواطنين في اسرائيل أدركوا أن الفلسطينيين لا يريدون حل الدولتين لشعبين، بل هم يريدون دولة واحدة لشعب واحد، وأن يعود اليهود الى المناطق التي جاءوا منها. وهم ينسون أنه فقط في اوروبا يصعب الآن استيعاب لاجئين جدد بعد اضطرار الملايين الى الهرب من الحرب الدينية الدموية. في مجتمع الغابة الذي لا يعتبر أن للحياة قيمة، لا حاجة الى البحث عن السلام الذي ينقذ الحياة.

المواطنون في العالم كله ايضا ادركوا في السنوات الاخيرة، بمن فيهم مواطنو الدول العربية، أن ارهاب الاسلام المتطرف لا يعنى بالفلسطينيين. الشيعة يقتلون السنة والعكس صحيح، وهم لا يهتمون بمخيم بلاطة للاجئين ولا بمخيمات اللاجئين في غزة. بفضل الادارة الامريكية الجديدة أصبح واضحا للجميع أن المشكلات الحقيقية هي كوريا الشمالية وايران. ولا حاجة الى الاهتمام بالمشكلة الفلسطينية، واسرائيل بصفتها قوة عظمى تستطيع ضمان الموقع المتقدم لحضارة الغرب في منطقتنا التي تتعرض لكارثة.

في نهاية طريق أبو مازن السياسية توجد له فرصة الآن لن تتكرر، وهي تحريك عجلة التاريخ في صالح شعبه من خلال التوقف عن الرفض والتعبير عن الانفتاح والاقتناع بأن اليهود ليسوا صليبيين في وطنهم. هكذا يمكنه تغيير الصفحة في كتاب التاريخ التي تعتبره استمرار للارهابي ياسر عرفات، كي يتم تذكره كزعيم أخرج أبناء شعبه من داخل أنفاق الحياة المظلمة. واذا لم يتم ذلك الآن، فهو لن يتم أبدا.