في الذكرى الحادية والأربعين لمجزرة مخيَّم تل الزعتر، أحد مخيّمات الصمود الفلسطينية، وتكريمًا لأرواح شهداء مجزرة العصر، أحيا المجلس التنفيذي لـ"رابطة أهالي مخيَّم تل الزعتر" ذكرى استشهاد المخيَّم، بوضعِ أكاليلَ من الورد على النّصب التذكاري لشهداء تل الزعتر، وذلك في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية، عند مستديرة شاتيلا، اليوم السبت 12-8-2017، وقرؤوا الفاتحة لأولئك الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء دفاعاً عن العرض والوجود والكرامة.
وتأتي هذه الزيارة في ذكرى مرور واحدٍ وأربعين عامًا على سقوط مخيَّم تل الزعتر في 14-8-1976، بعد حصارٍ دامَ أكثر من خمسة وخمسين يوماً، حيث دخلت الميليشيات اللبنانية المسيحية المتطرّفة المخيَّم، تحت غطاء من حليفها الجيش السوري، وبدعمٍ من أمريكا وإسرائيل، وارتكبت فيه أفظع المجازر والجرائم من هتكٍ للأعراض، وبقرٍ لبطون الحوامل، وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ، وهدمٍ للبيوت، وسلب للأموال، كما في مخيمَي "جسر الباشا" و"الكرنتينا" اللّذين سقطا بيد الكتائب قبل تل الزعتر.
ومنذ سقوط مخيَّم الأبطال وحتى اليوم يُحيي أهالي مخيَّم تل الزعتر هذه الذكرى كي تُضاف إلى سِجِل الجرائم التي ارتُكِبَت، وما زالت تُرتكَب بحقِّ الشعب الفلسطيني.
وقد تقدَّم المشاركين في إحياء الذكرى الأليمة: سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة، ومُنسِّق عام "الحملة الأهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الأُمّة" معن بشور، وقيادة حركة "فتح" في بيروت، وممثِّلو الأحزاب والقوى السياسية الوطنية والإسلامية الفلسطينية واللبنانية، وممثِّلو اللجان الشعبية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني، ومسؤول مؤسّسة أُسَر الشهداء والجرحى في بيروت "أبو أِشرف"، والدكتور "يانو" أحد رموز الصمود في مخيَّم شاتيلا، وحشدٌ كبيرٌ من وجهاء وفاعليات وأهالي مخيَّم تل الزعتر ومخيّمات بيروت.
وقد أُلقيَت بالمناسبة عدة كلمات، فكانت الكلمة الأولى للواء فتحي أبو العردات جاء فيها: "اليوم نفتخرُ ونعتزُّ بإحياء ذكرى مجازر تل الزعتر، التي تُمثِّل عنوان البطولة والتضحية والفداء، هذا المخيَّم الذي خرَّج أشبالاً وزهراتٍ ومقاتلين وقادة مناضلين، بالرغم من الحصار الرهيب والتهجير الذي عاشَهُ أبناء تل الزعتر وآلاف الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن الأرض والمقدَّسات".
وتابع: "نحن نفتخرُ ونعتزُّ بشلال الدَّم الذي سال، ونحن نُحْيي هذه الذكرى كلَّ سنة ونضع أكاليل الورد على النّصب التذكاري لكلِّ شهداء الثورة الفلسطينية وخاصّةً شهداء تل الزعتر، لتبقى الذكرى راسخةً في عقولنا وقلوبنا، ولن ننسى ذكرى القائد أبو عدنان قيس -القائد الوطني الفلسطيني- الذي ارتقى على درب فلسطين ومن أجل فلسطين، وأيضًا شهداء الحركة الوطنية واللجان والروابط التي قاتلت وناضلت واستشهدت من أجل فلسطين، وشهداء المقاومة الوطنية والإسلامية، وشهداء القدس المرابطين والمرابطات الذين جسَّدوا بتضحياتهم وصمودهم الانتصار الكبير عبر وحدة القيادة والشعب في وجه الاحتلال الغاصب دفاعاً عن المقدسات الإسلامية والمسيحية".
وختم أبو العردات كلمته قائلاً: "إنَّنا كفلسطينيين ولبنانيين وطنيين وقوميين وديمقراطيين وأُمَميين، نؤكِّد أنّ تل الزعتر سيبقى في ذاكرة أولادنا وأجيالنا عنواناً لأسطورة الصمود والتضحية، وأنَّ البوصلة ستبقى باتجاه فلسطين والقدس، وأنَّ دماءَ كلِّ الشهداء ستبقى شموعاً تُنير لنا الدرب من أجل فلسطين".
وألقى كلمة أهالي مخيَّم تل الزعتر "أبو العواصف"، ممّا جاء فيها: "في الذكرى الحادية والأربعين لملحمة البطولة والرجولة في تل الزعتر، نتوجَّه بتحية فخر واعتزاز إلى أجمل وطن، إلى فلسطين، وإلى كلِّ الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن الأرض والمقدسات"، وأشاد بتلاحم كل الفصائل في تل الزعتر، وتجسيدها وحدةً وطنيّةً لتوحيد الدم تحت لقب (مقاتل).
وطالبَ "أبو العواصف" الفصائل الفلسطينية بتحقيق الوحدة الوطنية التي طالما دعا إليها الرئيس الشهيد أبو عمار، لأنَّه بالوحدة الوطنية فقط نستطيع مواجهة المؤامرات التي تُحاك ضدَّ القضية الفلسطينية، والإجراءات الإسرائيلية التصفوية لشعبنا وقضيتنا، مؤكِّداً أنَّ الشعب الفلسطيني لن يتخلَّى عن حفنة تراب من أرض الوطن مادام القلب ينبض.
كلمة "الحملة الأهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الأُمّة" ألقاها مُنسّقها الأستاذ معن بشور، فقال: "يا أبناء تل الزعتر علاقتي المتينة بالمخيّم تعود إلى بداية السبعينيات، كنا نذهب كلَّ أسبوع لنعمل بالمصارف الصحية، وتربطني أيضًا علاقة لبنانية فلسطينية متينة ممتدّة طوال أيام الحصار لمخيّم تل الزعتر. لطالما نبّه الشهيد الرمز أبو عمار لتدمير المخيَّمات قائلاً إنَّ هناك خطة لإزالة المخيَّمات الفلسطينية من لبنان من أجل ضرب فكرة العودة والتحرير".
ودعا بشور إلى طي هذه الصفحة السوداء من حياة اللبنانيين والفلسطينيين وبناء علاقة لبنانية فلسطينية موحَّدة متينة، مبنية على احترام بعضنا البعض، واحترام سيادة لبنان، واحترام حقوق الشعب الفلسطيني كاملةً اجتماعيّةً واقتصاديّةً.
وختم بشور قائلاً: "نحن نلتقي هنا كلَّ سنة، وبكل ذكرى نحييها، لنُجدِّد العهد وفاءً لفلسطين، وانتصارًا لقدسها وشعبها وشهدائها وأسراها ومجاهديها على امتداد فلسطين".
وألقى عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" صالح زيدان كلمةً قال فيها: "كلَّ عام نلتقى هنا أمام النّصب التذكاري في مقبرة الشهداء من أجل أن نُحيي هذه الملحمة الخالدة، ملحمة الصمود في سبيل الدفاع عن الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وحماية منظمة التحرير الفلسطينية. كلَّ عام نأتي لنقدّم تحيّة إجلال وإكبار ومجد لكلِّ جرحى الثورة الفلسطينية، وجرحى وأهالي تل الزعتر الذين جسَّدوا أسطورةً بتضحياتهم ومعاناتهم بكلِّ ما أُوتوا من قوة".
وأردف: "اليوم في ظِلالِ انتصارٍ حقَّقتهُ انتفاضة القدس والأقصى لنؤكِّد بأنَّ الصمود والتضحية هُما السبيل من أجل الدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية".
وطالبَ زيدان "باستعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام المدمِّر من أجل التماسك، والقضاء على العدو الصهيوني للوصول إلى درب التحرير".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها