جاءت هذه الزيارة بعد انتفاضة المقدسين الأبطال نُصرة للمسجد الأقصى المبارك ما فيه وكل ما حولهُ، ضد وضع البوابات الالكترونية وكاميرات مراقبة ذكية في المسجد، ومن ثّم قيام الاحتلال صاغراً برفع تلك البوابات، وتحقيق انتصار للمقدسين على الاحتلال الغاصب، جاء ذلك مع توحد كل الجهود الفلسطينية والعربية تحت راية القدس ضد ما يجري في الأقصى.

وصولاً لحادثة حارس السفارة الإسرائيلية في الأردن والذي قتل ظلمًا وعدواناً شابين أبرياء من أبناء الشعب الأردني الشقيق، بلا وجه حق وبغير ذنب اقترفوه، ثم يأتي الضغط الأمريكي، ومن كيان الاحتلال على الأردن، من أجل إعادة الحارس الاسرائيلي القاتل، لفلسطين المحتلة! ومن ثم وبعد عودتهِ ثم استقبال المجرم نتنياهو للمجرم القاتل استقبال الأبطال بالأحضان، واتاح لهُ المجال ليتمتع بعد جريمته وقتلهِ الأبرياء عن طريق ما قال له الإرهابي اللص نتنياهو داعياً إياهُ ليقابل صديقته ليستمتع بها، وذلك كمكافأة له من (النتن) على ما فعل من قتل للأبرياء، مما أثار غضب الشارع الأردني واستفزازه بصورة كبيرة، وحدوث مشادات كلامية وعراك بالأيدي بين أعضاء مجلس النواب الأردنيين الرافضين لما تم من تسليم الحكومة الأردنية القاتل بلا ثمن، تلك الأحداث أضرت بصورة العاهل الأردني بين شعبه، وأثارت غضبه ما فعلهُ نتنياهو مع القاتل، مما حذا بالملك عبدالله الثاني أن يتخذ خطوات تصعيدية ضد الاحتلال عقاباً على فعل نتنياهو من استقبال القاتل كالبطل وشكره علي جريمته، ومن تلك الخطوات المُهمة هو لقاء الملك عبدالله بالرئيس محمود عباس لتنسيق المواقف مع القيادة الفلسطينية؛ وتعمد العاهل الأردني عدم زيارة  رئيس وزراء كيان الاحتلال نتنياهو، تعتبر بمثابة رسالة قوية لما فعله الأخير من الاستخفاف والاستهتار بكرامة الأردنيين ورد للإساءة التي اعتبرت شخصية من نتنياهو للملك لما فعله من استقبال القاتل المجرم وتكريمه بدل عقابه، كما أن من أسباب الزيارة أن الملك الأردني عبدالله تربُطه علاقة حميمة مع الرئيس عباس أولاً ومن ثم مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فمنُذ انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة كان العاهل الأردني أول من التقى الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض وسعى لإقناعه للاستثمار في تفعيل عملية السلام وحل الدولتين، وخاصة بعد ما عُرف بصفقة القرن، وكان من المفروض أن يعمل الأخير للضغط على الاحتلال، ولكن العكس حصل؛ وزاد الاستيطان واتسعت وثيرة القتل الصهيوني للفلسطينيين، وكذلك زادت الاقتحامات اليومية الاستفزازية للغاصبين من قطعان المستوطنين  للمسجد الأقصى المبارك، وأصبح هناك انسداد في الأفق بخصوص عملية السلام، التي تحتضر، ومن الواضح أن الزيارة جاءت بعد  استمرار تعنت حكومة اليمين الصهيوني المتطرفة، وافشالها لحل الدولتين، وتنكرها لعملية السلام، وكذلك وقوع حادثة السفارة المؤلم للعرب، ومع وجود علاقة حميمة ومتينة تربط علاقة الشعبين الفلسطيني والأردني، ولتحريك المياه الراكدة في بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، كلما سبق أدى لزيارة العاهل الأردني الملك عبد الله للرئيس أبو مازن في مقر الرئاسة في رام الله، ومما نستقرأ أيضاً من تلك الزيارة ما تمخض عنها من مباحثات وتفاهمات على مستوى القيادة حول الأزمات التي تعصف بأمتنا العربية والإسلامية وبقضيتنا الفلسطينية، وانسداد الأفق السياسي وغياب الشريك لعملية السلام المتوقفة والمتعثرة أصلاً، والأهم من ذلك هو بعض التسريبات غير المؤكدة التي تبين أن العاهل الأردني يسعى لحلحة وحل ملف المصالحة الفلسطينية، الفلسطينية، وبالمجمل تأتي الزيارة في وقت خطير وحساس وهام وتعتبر مهم لاستمرار التنسيق المشترك والتشبيك والتشاور والمؤازرة الأخوية بين الأخوة الأشقاء من أجل الخروج من النفق المظلم، ومن العواصف الهوجاء، والرياح العاتية التي تعصف في الأمة العربية والإسلامية والأمواج المتلاطمة التي توشك أن تغرق تلك السفينة في بحر لجي عميق من فوقه موجٌ، ومِّن تحتهِ موجٌ ظلمات بعضها فوق بعض، فهل تنجو السفينة العربية وينجو رُكابها؟ في خضم تلك الصعاب الجسام والمصائب العّظِيمة، والأليمة.