تأتي الذكريات الأليمة على شعب فلسطين تباعًا؛ في ظل إضراب الأسرى البطولي والمفتوح عن الطعام منذ ما يا يقارب الشهر، والأسرى يخوضون إضراباً بطولياً أسطورياً بأمعائهم الخاوية ضد النازيين الجدد الصهاينة الغاصبين مطالبين بحريتهم وكرامتهم وتحقيق حقوقهم المشروعة والإنسانية لتحسين ظروف اعتقالهم في الباستيلات والمعتقلات الصهيونية، وقد اقتربت ساعة النصر لهم، وقد وافقت أخيراً إدارة السجن على المفاوضات مع القائد مروان البرغوثي في زنزانتهِ، وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية لشعب فلسطين البطل الصامد فوق تُراب أرضهُ الوطني، تمر علينا في الخامس عشر من مايو الذكرى المُفجعة التاسعة والستين لنكبة اغتصاب وضياع فلسطين، ذكرى النكبة الحزين، والتي فيها اغتصبت عصابات بني صهيون الإجرامية فلسطين، وهي ذكرى أليمة ومريرة على شعب فلسطين والذي منذُ ذلك اليوم المشؤوم، من عام 1948م، وليومنا هذا في الألفية الثانية لعام 2017م، وهو يدفع شعبنا الثمن، ثمن النكبة، وثمن وعد بلفور المشؤوم الذي أقرتهُ حكومة بريطانيا المُجرمة في الثاني من نوفمبر 1917م، مما يتطلب علينا العمل بكل قوة من أجل محاكمة بريطانيا وجرها لمحكمة الجنايات الدولية، لتُحاسب على جريمتها بحق شعب فلسطين، والذي منذُ ذلك اليوم وترتكب بحقه ألاف المجازر والجرائم من العصابات الصهيونية، فكل دماء الشهداء وأهات الأسرى ومعاناة وألام الجرحى والثكالى، واليتامى والأرامل سببهُ المباشر بريطانيا، والتي يجب عليها أن تُحاكم ثمُ تعتذر تم تدفع تعويضاً مالياً مستمراً، كما تدفع ألمانيا للكيان الغاصب (إسرائيل) تعويضاً مالياً سنوياً بحجة المحرقة النازية!!؛ والحقيقة أن شعبنا هو من يتعرض يومياً للمحارق النازية من قِبل العصابات الصهيونية المجرمة بحق شعب فلسطين؛ فحكومة بريطانيا هي التي أعطت "وعد من لا يملك لمن لا يستحق"؛ وإعطائها وعد لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والذي نتج عنه مذابح مستمرة لأهل فلسطين واستمرار الاحتلال الصهيوني الإجرامي جاثمًا فوق صدور وأرض شعب فلسطين، ولازالت عجلة الزمان تدور رحاها مُسرعةً، فالأيامُ تطويها الأيام والشهور تطويها الشهور، والسنين، ومع مرور تسعة وستون عاماً ولا تزال فلسطين وشعبها المكلوم النازف دمًا يحلمون بالعودة إلى فلسطين التاريخية رغم كل الجراح والآهات للآلف من الأسرى الأبطال المستمرون بإضرابهم المفتوح عن الطعام منذ شهر تقريباً، وما تزال قوافل الشهداء الكرام كل يوم ترتقي أرواحهم إلى العلياء عند بارئها عز وجل تشكي ظلم الظُلام، وتستمر أنات الثكالى والأيتام والمحرومين والمعذبين والجرحى، وتستمر الهبة والانتفاضة الشعبية للدفاع عن القدس الشريف الذين هبوا للدفاع عن القدس الشريف وعن فلسطين الأرض الطيبة المقدسة المباركة الطاهرة؛ ونحن في عام 2017م تأتي علينا الذكرى الأليمة التاسعة والستين لضياع فلسطين والتي بقيت لهذا اليوم أسيرة ومُغتصبة، ومنهوبة، ومنكوبة، ومحتلة، ومسلوبة، ومقهورة ومظلومة بفعل المجرمين الُغزاة الصهاينة قتلة الحجر والبشر، و يا حبذا لو بقي الأمر عند هذا الأمر للعصابات الصهيونية وقطعان الغاصبين المستوطنين المُجرمين، بل جاءت لنا نكبات جديدة بحجم نكبة عام 1948م!! بل أعتقد أنها تفوقها قوةً وشراسةً، وهي نكبات الانقسام الفلسطيني، الفلسطيني، لأنها أدت إلى شرخ وتشقق كبير في النسيج الاجتماعي والمجتمعي الفلسطيني، فأصبح الأخُ يكرهُ أخاهُ بل ويعتدي على أخاه، لأنهُ ليس من فصيله أو من حزبهِ وحركتهِ!! وأصبحت ملامح الانقسام بارزة ظاهرة للعدو قبل الصديق، مما زاد الأمور خرابًا فوق خرابًا وضياعًا فوق ضياعًا وهجرةً فوق هجرة و يا أسفاه!! على ما وصلنا إليه اليوم من انقسام أكل الأخضر واليابس وخلف الحنظل والمُرّ؛ وما دام الانقسام مستمراً بعد عشر سنوات عجاف!!، ونحن اليوم على موعدٍ مع الذكرى التاسعة والستين لاغتصاب فلسطين ونكبتها، لم يعد مصطلح كلمة النكبة كافيًا وملائمًا لضياع فلسطين التاريخية من قبل عصابات الكيان الصهيوني وإعلان دويلتهم المزعومة (إسرائيل) على أنقاض فلسطين وشعب فلسطين- بل إن كلمة النكبة مصطلح فلسطيني صغير جدًا مع حجم المأساة الإنسانية والوطنية المتعلقة بمجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية أمثال الشتيرين والهجانا وغيرها، والإبادة الجماعية التي مُورست بحق أبناء شعبنا وكذلك قيامها بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج ديارهم تحت وقع المجازر الدموية لتلك العصابات الصهيونية في مايو من العام 1948م وهو تاريخ بداية إحياء فعاليات فلسطينية بذكرى النكبة وضياع فلسطين التاريخية، والتي اعتدنا على إحيائها بكثير من الحزن والأسى في الخامس عشر من أيار في كل عام؛ إلا أن حقيقة المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك بسنوات عندما هاجمت العصابات الصهيونية الإجرامية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها عن بِكرة أبيها، و دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها وجعلهم لاجئين ومشردين في كافة أصقاع الأرض، وبعد مرور 69 عامًا على ضياع فلسطين التاريخية بمدنها الخالدة في الذاكرة الفلسطينية – قرية سمسم، وهربيا، وبربرة، وقرية دير دبوان المحتلة، وقرية حمامة وسدود ويبنا وصفد وحيفا ويافا وتل الربيع وأم الرشراش وعكا واللد والرملة وبرير، ودير سنيد، وغيرها من القرى والمدن التي تم اغتصابها واحتلالها وطرد الشعب الفلسطيني منها لصالح إقامة دويلة الكيان الإسرائيلي المجرم؛ الذي يمارس اليوم سياسة الابترهايد كانت في أحداث النكبة حكايات من الضياع والتشريد واحتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يزيد على 900 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما شملت تلك الذكرى الأليمة قيام العصابات الصهيونية بارتكاب عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وهدم أكثر من 520 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية وطمسها وتهويدها ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي غربي وأجنبي في فلسطين عام 1948م، والنكبات لا تزال تتوالى على شعب فلسطين من الانقسام والربيع الدموي وتنكر الصديق والعدو لنا، والمذابح مستمرة بحق شعبنا ليومنا هذا من قتل الإنسان الفلسطيني وتهويد الشجر والحجر وقتل الإنسان الفلسطيني؛ مما يتوجب علينا جميعاً بأن نوحد صفنا وجبهتنا الفلسطينية الداخلية وأن نعمل بشكلٍ فوري على إنهاء الانقسام وتبنى إستراتيجية وطنية موحدة لمقاومة عصابات الاحتلال والاستيطان الإجرامية الصهيونية بكافة السبل المشروعة؛ ومهما كانت تلك الذكرى مريرة وصعبة علينا؛ بنكبة وضياع فلسطين التاريخية وأليمة على قلوب وأحرار العالم كله، إلا أن فلسطين لازالت من بحرها لنهرها بكل قراها ومدنها المحتلة منذ عام 1948م تعيش فينا ونعيش فيها بأرواحنا؛ وخاب وخسر وخاب ظن بن غوريون ـأول رئيس عصابة للصهاينة الغاصبين عام 48م حينما قال : ” إن الكبار يموتون والصغار ينسون”، صحيح إن الكبار يموتون ولكنهم وإن ماتوا فإنهم قبل موتهم وشهادتهم غرسوا ودمغوا حب وعشق فلسطين السرمدي ليكون خالدًا في قلوب وعقول صغارهم؛ وحال الصغار كبروا ولكنهم لم ولن ولا ينسون فلسطين من بحرها لنهرها هي لنا.. هي لنا.. هي لنا.. ولن نفرط بشبرٍ واحدٍ منها، كيف لا! وهي الأرض المباركة المقدسة وحتمًا يومًا ما وقريب وليس ببعيد سنعود وسيتحقق الحلم مهما كان الليل حالك السواد فلابد من بزوغ فجر الحرية القادم، يرونه بعيدًا ونراهُ قريبًا، وبالرغم من النكبات الكثيرة التي تحيط بقضيتنا الفلسطينية وقساوة المشهد والحصار والإجرام الفاشي من الصهاينة للمنتفضين الأبطال في القدس والضفة والإعدامات الميدانية للمنتفضين وسحق وعزل وقمع وظلم الأسرى الأبطال في سجون الصهاينة الأنذال كل الظلم والقهر؛ مبشرات لنا بقرب النصر والتخلص من الظالمين والمجرمين الصهاينة، على الرغم من اشتداد الليل حلكةً وظلامًا فلقد علمتنا دروس التاريخ، أن أكثر ساعات الليل حلكة وظلامًا تلك الساعة التي تسبق بزوغ الفجر- فيا أهل فلسطين ويا أسرانا الأبطال إن النصر لآتٍ أتّ؛ فأنتم على حق وقضيتكم أعدل قضية عرفها التاريخ البشري المعاصر، وعصابات الإجرام الصهيوني مصيرهم إلى الزوال والفناء والدمار والاندحار والاندثار والانكسار، والانهزام، وما النصر إلا صبر ساعة يا شعب فلسطين.
في الذكرى التاسعة والستين لنكبة اغتصاب وضياع فلسطين: بقلم جمال عبد الناصر ابو نحل
13-05-2017
مشاهدة: 448
جمال ابو النحل
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها