كنا قد تحدثنا مراراً عن التغيرات التي طرأت على مواقف حماس وذكرنـــا أمثلة على ذلك منها الإنتقال من الموقف الى الموقف النقيض دون أن يكون هناك أي ردة فعل من اتباع حماس.. وكنا قد تحدثنا أيضاً عن تصريحات هامة لقيادي حمـــاس على رأسهم خالد مشعل حيث أشار أبو الوليد في تصريحاته الى قبول حماس بالدولة المستقلة على أراضينا المحتلة عام 1967وطبعا" لحق أبو الوليد في هذه التصريحات البعض من سياسي حماس وبالطبع لم يكن يُلحظ أية ردة فعل من اتباع حماس.. كما أنني كتبت وتحدثت وأشرت سابقاً الى تطور علاقات حماس السياسية في الإقليم ومحاولتها الدخول في معادلات تجعلها مقبولة دولياً وسياسياً وهذه المعادلات تقتضي منها المرونة والتسامح والتراجع.
ودعونا حماس لأن تنسجم في برنامجها وميثاقها مع موقفها السياسي وبأن تسعى للخروج من مأزق التناقضات السياسية بين ما تؤمن به وبين مواقفهـــــــــــــا من خلال تعزيز الوحدة الوطنية وتسليم القطاع الحبيب الى الشرعية والتراجع عن الإنقلاب. وكذلك أكدنا في العديد من المناسبات الى ضرورة عضوية حماس في منظمة التحرير الفلسطينية لتعزيز الموقف الفلسطيني السياسي والتفاوضي القائم على أساس إقامة دولة فلسطينية على أراضينا المحتلة عام 1967 بموجب ما تنص عليه القرارات الدولية. وللتوضيح وللتأكيد لا فرق بين الموقف السياسي لحماس ولمنظمة التحرير الفلسطينية أو لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) .
الكل الآن يريد دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على أراضينا المحتلة عام 1967 .
لقد سقطت شعارات حماس التي كانت (تزاود) بها على الأخرين لحشد الجماهير وإختفت العبارة المتداولة في العقود الماضية: خيبر خيبر يا يهود // أرض وقف // لا يجوز التنازل عن أي شبر من فلسطين // فلسطين أرض وقف إسلامي وحق للمسلمين ..
بل إن الموقف السياسي الجديد والمرن لحمـــــــــــــــاس أسقط شعارات دينية أخرى كانت تعبير عن تشدد حماس الذي جاء من باب المزاودة على الاخرين لا من باب المسؤولية الوطنية وبالنسبة لي أعلم وأتابع مرونة حماس ومنذ زمن ومنها تصريحات يمكن الرجوع لها للشيخ أحمد ياسين رحمه الله .
مرونة حماس عندما انتهجتها فتح كانت خيانة وتفريط وعار، وللعلم فإن هذه المرونة التي تميّزت بها حركة فتح جاءت تدريجية ومرتبطة بوعي سياسي ونسق نضالي مرتبط بضرورة التواجد على الخارطة السياسية الدولية وتكوين الهوية السياسية أوّلاً؛ ومن ثم كواقع من خلال دولة مستقلة. أما مرونة حماس التي أنتقلت من النقيض الرافض لوجود إسرائيل فهي تنبع من ضرورات فرضت على حماس وقيادتها التراجع عن شعارتها وميثاقها ومبادئهـــــا.
لست هنا في معرض المقارنة ولن أدخل هذا السجال رغم أني أعي أسباب تغيير المواقف السياسية لفتح وتطورها، ولا أفهم كيف تبرر حماس التغيير في ميثاقها فلقد أستند الميثاق الحمساوي الى حقائق غير قابلة للتغير باعتبارها جزءً من الدين والآن نحن الشهود على تغيير ننتظر تبريره !!
أظن ان حركة حماس سوف تلجأ لاستخدام الدين لتبرير التغيير وهي قادرة على ذلك وفعلتها عندما حرّمت الانتخابات ومن ثم اعتبرتهـا لاحقاً واجباً شرعياً وهذا هو أسوء ما في مواقف حماس التي تستغل الدين الإسلامي لتحقيق ما تريد.
بكل الأحوال مرونة حماس ووعيها المتأخر تعبر بلا أي مجال للشك عن صحة موقف حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وقد إحتاجت حماس وغيرها من منظمـــــــــــات لسنوات لتفهم ذلك. والفرق بيننا أن مواقف فتح تقوم على أساس مصلحة الشعب والقضية ولتحقيق ما يمكن من أهداف للشعب الفلسطيني بموجب القوانين الدولية، ومواقف حماس بالمقابل تقوم على أساس مصالحها الخاصة والضيقة والمادية ولا تملك سبيلاً لتحقيقها الا باستخدامها للدين.
ما يلفتني في (مرونة حمــــــــــــــاس) هو رد فعل أتباعها.. فهؤلاء الأتباع تربوا على مفاهيم غرستها حماس في عقولهم وصدورهم باعتبارها حقائق نابعة من الدين وها هي الآن تقوم بتغييرها لتحقيق مصالحها .
فهل لمس الأتباع هذا التغيير !!!!!!
في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إحتاجت قيادات الحركة وكوادرها لسنوات لحين أقناع الكادر بضرورة التغيير في المواقف السياسية وفي أساليب الصراع لتحقيق المرجوّ. وجاء هذا التغيير تدريجي، والبعض وبشكل كبير لا يزال يرفض التغيير في المواقف وأدوات الصراع ولكن في حماس السمع والطاعة التغيير فقط يحتاج (لكبسة زر) وعندها سيكون موقف الأتباع موحداً.
ولكن (كبسة الزر) هذه لا ينتج عنها سوى وكما أشرت أتباع لا كوادر، والوطن لا يحرره الاتباع والدولة لا يمكن النهوض بها الا بالكوادر .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها