أعلنت حكومة التوافق الوطني موعدا جديدا لإنتخابات المجالس البلدية والمحلية والقروية في الثالث عشر من مايو / آيار القادم. من حيث المبدأ يعتبر هذا التحديد إلتزاماً ووفاءاً  من الحكومة بما تعهدت به سابقا، عندما تم تأجيل إجرائها في الثامن عشر من إكتوبر 2016. أضف إلى ان إجراء الإنتخابات البلدية يعتبر إستحقاقا قانونيا كفله النظام الأساسي (الدستور) الفلسطيني، ولا يجوز للسلطات التنفيذية الحؤول دون إنفاذ القانون والنظام. كما ان الإنتخابات المحلية، هي حاجة جماهيرية في إنتخاب من تراه مناسبا لتمثيل مصالحها في المجالس البلدية والمحلية والقروية. لإن طريق التعيين والفرض من قبل الوزارة المختصة يسيء للعلاقة مع المواطنين، ويصادر حقهم في إختيار ممثليهم.

غير ان المرء، يعتقد ان الشروط الذاتية مازالت غير مهيئة لإجراء الإنتخابات، لإكثر من إعتبار، منها: اولا رفض حركة الإنقلاب الحمساوية إجراء الإنتخابات في محافظات الجنوب. لإنها لا تتوافق مع خيارها الإنقلابي. فالجميع لاحظ كيف تعاملت محاكمها غير الشرعية مع قوائم العديد من المجالس المحلية والقروية في قطاع غزة. بالإضافة إلى انها راهنت على إستغلال الإنتخابات لتعويم إنقلابها، والقاء عبء المجالس البلدية والمحلية في وجه السلطة، وتحميلها تبعاتها، وتشريع محاكمها ومؤسساتها الميليشاوية رسميا؛ ثانيا لا يجوز إجراء الإنتخابات البلدية في الضفة دون غزة والقدس. وأي خطوة من هذا القبيل تسيء لوحدة الأرض والشعب والمؤسسة؛ ثالثا حسب التقدير المبدئي، لا توجد جاهزية عند القوى السياسية المختلفة، رغم دعمهما الصريح لإجراء الإنتخابات. لكن هناك فرق بين الترحيب والتأييد المبدئي للإنتخابات، وبين الواقع المعطي. صحيح جاهزيتها (القوى) من عدمه لا يحمل الحكومة المسؤولية عن تحديد التاريخ لإجراءها، لإنها مسؤوليتها هي، وليس القوى السياسية. ومن لم يستعد للإنتخابات، فهذه مسؤوليته. مع ذلك في إطار التناغم والتكامل بين الحكومة والقوى السياسية، يفضل دائما إيجاد المناخ الملائم للتفاهم المشترك بين فصائل منظمة التحرير بشكل خاص والفصائل بشكل عام والحكومة؛ رابعا الإستعدادات اللوجستية الأخرى المتعلقة بالإنتخابات، هل باتت جاهزة من محاكم ورقابة وضمان شفافية الإنتخابات في محافظات الجنوب؟

إنطلاقا مما تقدم، فإن المرء بقدر ما يرحب بخطوة الحكومة وإلتزامها بتعهداتها ، بقدر ما يضع اليد على القلب خشية عدم إستكمال التحضيرات الضرورية لإجرائها. اضف الى ان الأفضل للسلطة وحكومتها الشرعية التريث قليلا، لاسيما وان الأجواء تتجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وهي بدورها المؤهلة لخلق مناخ أنسب لتحديد زمان الإنتخابات وضمان الشروط الملائمة لإتمامها بما يتوافق مع النظام الأساسي.

نعم الجميع مطالب  بدعم الخيار الديمقراطي، ودعم الإنتخابات كإستحقاق ضروري للشعب عموما والمواطن بشكل خاص بالتلازم مع المؤسسة الرسمية، التي عليها واجب ترسيخ معايير الديمقراطية في مختلف اوجه الحياة الفلسطينية. لكن كي تصيب وتنجح في مسعاها، يتطلب منها إتمام إجراء الإنتخابات في جناحي الوطن في آن واحد بما فيها القدس العاصمة المحتلة، والإبتعاد عن سياسة القفز عن اي تجمع من تجمعات شعبنا، لما لذلك من مردود سلبي على الشعب والمؤسسة في آن.

مع ذلك لا يملك المرء، إلآ ان يبارك خطوة الحكومة، وأن تتمكن من النجاح في مساعيها الديمقراطية لبلوغ ما تصبو إليه. وأي كانت الملاحظات على تحديد الموعد، فإن الضرورة تحتم على الجميع الإستعداد لإجراء الإنتخابات البلدية والمحلية والقروية.