وضع رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بمشاركة وزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي م.ج. أكبر، حجر الأساس لمشروع الحديقة التكنولوجية الفلسطينية- الهندية في حرم جامعة بيرزيت، بحضور عدد كبير من الأكاديميين ورجال السياسة والاقتصاد.

وقال الرئيس في كلمة له خلال الاحتفال بوضع حجر الأساس: 

"الهند كانت ومازالت صديقة للشعب الفلسطيني، في عام 1947 ابلغنا اساتذتنا الكرام باننا علينا ان نحتفل اليوم باستقلال الهند الصديقة، وهذا يعني اننا منذ زمن طويل نعتبر الهند دولة صديقة ومازالت.

ما تقدمه لنا الهند من دعم سياسي واقتصادي وفني ليس غريبا على هذا البلد الصديق، نحن في كل مناسبة عندما نتحدث عن الدول التي تقف معنا نقول الهند بدون تفكير، ومن خلال الزيارات الكثيرة التي بدأها الرئيس المرحوم الشهيد ياسر عرفات ونحن تابعناها، والزيارات التي قام بها زعماء الهند لفلسطين، واللقاءات التي تحصل بيننا وبينهم في كل المناسبات تعزز وتؤكد بانه الهند صديق يستحق كل الاحترام والتقدير، وهذا المشروع الذي يفتتح اليوم هو جزء لا يتجزأ من الدعم الذي تقدمه الهند للشعب الفلسطيني، فكل الشكر والتقدير للرئيس الهندي ورئيس وزراءها والحكومة وللشعب الهندي.

يسعدنا اليوم ان نشارككم احتفالكم لوضع حجر الاساس للحديقة التكنولوجية الفلسطينية- الهندية، التي تقام هنا على ارض جامعة بيرزيت العريقة، وهي من اهم جامعاتنا التي نفتخر بها ونقدر جهودها ومؤسسيها وكل الاحترام للدكتور حنا ناصر، وبدعم كريم من الحكومة الهندية الصديقة.

وأنتهز هذه الفرصة لا تقدم بشكر خاص للحكومة الهندية على المنحة المقدمة لهذا المشروع، والتي تم الاعلان عنها اثناء زيارة فخامة الرئيس الهندي برناب موخارجي، لبلادنا في العام الماضي، وها نحن اليوم قد وضعنا حجر الاساس لهذا المشروع الرائد، على أمل ان نراه بعد عام ونصف من الان،  او بعد عام  جاهزا لاستقبال رجال الاعمال، وغيرهم من الراغبين في الاستثمار في هذا المجال، وكذلك الطاقات الشابة الفلسطينية، ونحن ليس لدينا ثروات طبيعية ولا بترول ولا غاز، ولدينا احتلال، لذلك الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، وعلى هذه العقول الشابة،  لذلك نهتم بأمرين اساسيين هما التعليم والصحة ليأتي هذا الجيل صحيحا صحيا.

وهذه الحديقة ستكون احدى الاسس الهامة لبناء عقل الشباب الفلسطيني المبدع المتميز، ولسنا اقل من غيرنا من شعوب الارض، التي تخترع وتتميز، لذلك املنا بان يكون هنا البؤرة التي يخرج منها مخرجات العقول الفلسطينية القادمة..

ولابد هنا ان نتقدم بالشكر الجزيل لجامعة بيرزيت، ممثلة برئيس مجلس امنائها  د.حنا ناصر  ورئيس الجامعة د. عبد اللطيف ابو حجلة، على قرارهم بتقديم قطعة الارض التي نقيم عليها هذا المشروع العظيم، وهذا ليس جديدا على جامعة بيرزيت، فهي دائما سباقة في إسهاماتها العملية والوطنية، فبالأمس القريب افتتحنا المتحف الوطني الذي كان ايضا على ارض منحتها جامعة بيرزيت.

نأمل أن يساهم هذا المشروع في تعزيز علاقات الصداقة مع الهند، وخاصة بين الباحثين ورجال الاعمال، وكذلك لتشجيع رجال الاعمال  والشباب من الفلسطينيين  الرواد لتطبيق أفكارهم  ومشروعاتهم في مجالات التكنولوجيا، والطاقة النظيفة، التي نريد ان نراها في مكان في الارض الفلسطينية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير صناعات الادوية، والصناعات الزراعية، وغيرها من اوجه التكنولوجيا.

ونتطلع أن يفتح هذا المشروع المجال واسعا، ويهيئ افاقاً جديدة لآلاف الشباب والشابات المختصين في مجالات التكنولوجيا للعمل فيه، وبما يسهم في تطوير ونهضة الاقتصاد الوطني.

بالأمس القريب احتفلنا بانطلاق العمل لبناء مشروع الاسمنت وهو مشروع عملاق، وقريبا سنضع حجر الاساس لأكبر محطة لإنتاج الكهرباء في منطقة جنين، وسنفتتح مصنع المكيفات الفلسطيني الاول في منطقة طولكرم.

العجلة تسير والايام تسير، وكل شيء يسير على احسن ما يرام، وبناء المؤسسات، وعلاقاتنا الدولية على احسن ما يرام، وانجازاتنا على المستوى الدولي بدءا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى رفع العلم وغيرها كلها تسير بالطريق الصحيح، ولا يبقى الا ان يخرج هؤلاء من ارضنا.

نحن صامدون متمسكون بوطننا باقون كالشوكة في حلق من لا يريدنا، وكالوردة في انف من يريدنا، وستستمر جهودنا وسنبقى صامدين على ارضنا، نبني اقتصاد دولتنا، ونعمل على المستوى السياسي والدبلوماسي لحين تحقيق حريتنا واستقلالنا.

ولا يفوتنا ان ننتهز هذه الفرصة لنعبر عن الشكر والتقدير لكل من ساهم في تنظيم هذا الاحتفال، وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك، مثمنين دعم اهالي وبلدية بيرزيت لهذا المشروع. نجدد التحية والترحيب بمعالي الوزير الهندي، وكل من ساهم بجهود مخلصة في هذا المشروع".

ويأتي هذا المشروع ثمرة لمباحثات الرئيس مع نظيره الهندي، ولحاجة فلسطين للاستفادة من التجربة الهندية الغنية في هذا المجال، التي أصبحت من أبرز التجارب الرائدة في العالم في العقود الأخيرة.

بدوره، أكد الوزير الهندي التزام بلاده بهذه المنحة للسلطة الوطنية والشعب الفلسطيني، وأكد على الشراكة بين الطرفين التي يأمل أن تأخذ حيزاً أكبر في هذا المجال، حيث إن الهدف هو نقل وتطوير التجربة. وشدد على أهمية إشراك دول أخرى في تطوير الحديقة التكنولوجية وإنشاء مشاريع مشتركة.

وقال: إن هذا اليوم تاريخي للشعبين الفلسطيني والهندي، سيسهم في تعزيز دور الشباب الفلسطيني، وخلق الطاقات الابداعية، مشيرا إلى أن هذا المشروع تنفيذ لرؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واصراره منذ 10 سنوات لتحقيق هذا الحلم.

وتابع: المشروع نظرة مستقبلية وليس حلم فقط، وهو سيخلق فرقا للأجيال القادمة، ونؤمن أن لدينا القدرات الكافية لخارطة طريق للمستقبل.

من جانبه، قال رئيس مجلس أمناء جامعة بيرزيت د. حنا ناصر، إن الجامعة تنظر للمشروع باهتمام كبير، كونه سيمثل لها اكتمال حلقات تنموية ثلاث، كخدمة للمجتمع الفلسطيني داخل حرم الجامعة، بدءًا بالبرامج الأكاديمية الجامعية، والحلقة الثقافية المتمثلة بمتحف فلسطين (الذي تم إنشاؤه على 40 دونماً من أراضي الجامعة خصصتها لمؤسسة التعاون في العام 2007، لهذا الغرض)، والآن بالحديقة التكنولوجية التي يتم إنشاؤها على حرم الجامعة، وذلك كحلقة رفد اقتصادي مبني على المعرفة.    

ويهدف المشروع ليكون المكان المناسب للبحث عن فرص النمو لشركاء الأعمال من خلال تطوير التعاون بين مختلف العاملين في القطاعات التكنولوجية والإبداعية، للمساهمة في تطوير الصناعة القائمة على المعرفة وعلى البحوث العلمية، بالتعاون مع الشركاء في قطاع الأعمال.

وسيعمل المشروع على تعزيز التعاون الاقتصادي بين الشركات الهندية والفلسطينية، وتوفير فضاء ومرافق للأعمال المشتركة، ومركز للابتكار، ومركز للأبحاث والتطوير، إلى جانب تحفيز برامج الريادة، وبناء القدرات في مجال التكنولوجيا.

وستتضمن الحديقة التكنولوجية الفلسطينية الهندية عدة مبان تبدأ بالمبنى الفلسطيني الهندي الذي سيكون نقطة البداية في المشروع، وكذلك خدمات ومزودات للطاقة الشمسية، وخزان مياه، ومحطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، ومساحات خضراء، وغيرها من الإضافات التي تلتزم بالبناء الأخضر المعاصر (الصديق للبيئة).

يذكر أن هذا المشروع يشمل تطوير البنية التحتية لمنطقة مساحتها 20 دونماً خصصتها جامعة بيرزيت للمشروع، كما يشمل تشييد المبنى الأول الذي تمت الإشارة إليه، وذلك بدعم سخي من جمهورية الهند الصديقة.

ويأمل القائمون على المشروع أن يتم بناء شراكات أخرى لاحقاً، لتطوير باقي المباني ضمن رؤية المشروع، من أجل تحقيق أهدافه على كل المستويات، ومنها إنشاء تجمعات عنقودية للولوج إلى اقتصاد مبني على المعرفة، وتوفير فرص عمل في هذا القطاع تحت بيئة وبنية تحتية محفّزة للابتكار.