افتتح امس العام الدراسي الجديد في دولة فلسطين المحتلة، حيث أَم المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية مليون ومئتا الف تلميذ وطالب من الجنسين. حتى بدت فلسطين، كما لو تعيش لحظة عيد وفرح مع عودة الأبناء لمدارسهم، كون الحياة دبت في اوصال المدن والقرى وليس المدارس فقط، وكانت ومازالت الاسواق في حالة نشاط وحيوية إسوة بأيام الاعياد.
وتميز العام الدراسي الجديد بوضع منهاج التوجيهي الجديد، وكذلك تطوير العديد من المواد الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة تماشيا مع برنامج الوزارة، الهادف لتجاوز المثالب والنواقص، التي شابت المناهج التعليمية خلال العقود الماضية. الاهم في النقلة النوعية، هو منهاج التوجيهي، الذي سيدخل الطلبة مرحلة ثورة الاتصالات والمعلومات، كي يواكبوا روح العصر، ويرتقوا بعلومهم ومعارفهم إلى مصاف ومستويات جديدة. لا سيما وان الاستثمار الامثل في الاجيال الجديدة، يعني الاستثمار في اغلى واهم رأس مال وطني. الذي من خلاله تتضاعف القدرات والامكانيات الوطنية في مواجهة التحديات المختلفة خاصة تحدي دولة الاستعمار الاسرائيلية، التي لا تحتل الارض والمصالح الفلسطينية فحسب، بل حاولت على مدار العقود الماضية من استعمارها احتلال العقول الوطنية عبر تغيير المناهج التعليمية قبل قيام السلطة الوطنية، ومازالت حكومات إسرائيل المتعاقبة، خاصة الحالية، التي يقودها إئتلاف اليمين المتطرف العنصري الفاشي، تعمل بمنهجية فاقعة اولا لتعطيل العام الدراسي الجديد، عبر عملية الاعتقال لمئات آلاف الكتب المرسلة للتلاميذ والطلاب في المراحل المختلفة، رغم ان جهات الاختصاص قدمت طلبا للادارة الاستعمارية قبل عشرة ايام لادخالها للقطاع. لكن إدارة حكومة نتنياهو، تدعي ان الطلب قدم يوم الثلاثاء الماضي، وعلى فرض في اسوأ الاحوال، ان جهات الاختصاص الفلسطينية تأخرت في تقديم الطلب، ألم يكن بامكان الجهات الاستعمارية تسهيل دخول الكتب؟ اين مشكلتها؟ وهل المطلوب تفتيش الكتب كتابا كتابا ام وفق المعايير المعمول بها يتم التفتيش دون تعقيد، وإفساح المجال لدخول الكتب قبل بدء العام الدراسي لكي يتم تسليمها للطلاب والتلاميذ؟؟
لكن إسرائيل الاستعمارية تعمل بكل الوسائل والسبل لتعطيل حياة الشعب الفلسطيني في كافة مناحي الحياة، وليس فقط في مجال التعليم. لأن ذلك يصب في مصالح إسرائيل المعادية والمتناقضة مع اي تطور في مجال العلم والمعرفة. ثانيا الجميع تابع ما تقوم به بلدية القدس من عملية مساومة رخيصة مع المدارس والطلاب وعائلاتهم، بهدف إخضاع الطلاب الفلسطينيين للمنهاج الاسرائيلي، وعندئذ وعدت من يوافق بتقديم التسهيلات ورصد الموازنات المالية لهم، كنوع من الرشوة المسمومة. غير ان ابناء الشعب الفلسطيني في القدس العاصمة، ولادراكهم خطورة ما ترمي اليه حكومة نتنياهو- بينيت وليبرمان وشاكيد وريغيف واريئيل، رفضوا تلك المساومة، رغم ان المدارس الفلسطينية تعاني من الاكتظاظ وعدم الاهلية والنقص الشديد في الموازنات.. إلخ.
ومع ذلك كان الحرص عاليا جدا على الانتماء للوطنية الفلسطينية والمنهاج التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم العالي؛ ثالثا العمل على مواصلة اغلاق المؤسسات الثقافية والفنية خاصة مسرح القصبة وغيرها من المنابر والمؤسسات والمراكز الثقافية الفنية؛ رابعا منع الكتب المشاركة في معارض الكتاب، ومنع العديد من اصحاب دور النشر العربية من الدخول للوطن الفلسطيني من العديد من الدول بذرائع، انها طبعت في دول معادية. وهو ما يعني الحؤول دون وصول الكثير من الكتب والمصادر الادبية والمعرفية والعلمية لأبناء فلسطين. هذا بالاضافة لتأخير دخول الكتب، التي يسمح لها حتى بعد افتتاح المعارض.
هذه السياسات المنهجية الاستعمارية ليست جديدة، ولكنها تتجلى بأبشع اشكالها في هذه الايام، الامر الذي يضاعف التحدي المفروض على وزارتي التربية والتعليم والثقافة، الذي لن يفت في عضد الارادة الوطنية وتوجهات القيادة الشرعية والقائمين على الوزارات ذات الصلة بالعلم والتعليم والثقافة والمعرفة عموما بمشاربها ومدارسها المختلفة. لان الكل الفلسطيني يدرك إدراكا عميقا، أن العلم السلاح الامضى في مواجهة الاستعمار الاسرائيلي، وهو السلاح الذي يؤهل وعي الشعب بمسؤولياته تجاه الاهداف والمصالح العليا، ويضعه في مقدمة الشعوب الذكية، ويؤصل لعملية التحرير الكامل من براثن الاحتلال الاسرائيلي البغيض، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها