لكن مشكلتنا مع تجار الدين الاسلامي في كل الازمان وخاصة زمن العربدة الدينية، زمن الاخوان المسلمين، مشكلة كبيرة وعويصة، لأنهم يعانون من انفصام في الشخصية، وجهل مدقع بالدين وسننه، وتَّجبر على العباد دون وجه حق. مع ان الخالق العظيم افسح المجال للعلماء بحق الاجتهاد لتبسيط سبل وصول الانسان من اتباع الديانات المختلفة لأديانهم، ومنهم الدين الاسلامي. كما ان العلي القدير دعا رسوله العربي الكريم محمد بن عبد الله، (صلى الله عليه وسلم) إلى اللين والمعاملة الطيبة والحسنة لكل من يتعامل معهم في قرآنه الكريم في الآية رقم 159 من سورة آل عمران "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". وذلك حرصا على بلوغ اهدافه وإيصال رسالته؛ لان التجبر والعنف والاكراه والاساءة للعباد لا تخدم رؤيته ومبتغاه.
وحتى ننتقل الى جادة الملموس في تكفير العباد من غير الاخوان المسلمين وخاصة في فلسطين، واكثر تحديدا في قطاع غزة عشية الانتخابات البلدية والمحلية، لنكشف عارهم وعوراتهم وبؤس مآلهم، وخروجهم عن الدين الاسلامي الحنيف، يمكن إيراد بعض النماذج البسيطة دليلا على زنقدقة الاخوان المسلمين عموما وحركة حماس خصوصا، اولا عندما استخدموا مقولة "الحكومة الربانية" كتوصيف للحكومة العاشرة، بهدف إسباغ الهالة الالهية عليها، ولتخويف وارهاب العباد. مثل هذا القول بائن لا علاقة له بالدين. لأنه لا توجد حكومات ربانية، هناك حكومات وضعية تحكم وفق شرائع وانظمة ودساتير البلاد إن كانت إسلامية أم مسيحية أم يهودية او بوذية او ايا كان دستورها الناظم لعلاقة الحاكم بالمحكوم.
ثانيا السيطرة على المساجد وحرمان المصلين من اتباع فصائل ذات اتجاه إسلاموي أو وطني من الصلاة فيها، واستخدامها مخازن للسلاح والاعتقال للخصوم من التيارات السياسية الاخرى. هذا العمل يعتبر انتهاكا فظا لتعاليم الاسلام. وليس له علاقة بالاسلام لا من قريب او بعيد. فمن حق كل مسلم ان يصلي في المسجد، الذي يراه مناسبا، لا سيما وان المساجد وصفت، بانها بيوت الله، وهي مكان للتعبد فقط. كما لا يجوز تهديد حياة المصلين بوضع مخازن السلاح تحت بيوت العبادة. ولا يجوز ان تتحول المساجد، التي تعتبر أماكن تسامح وتعاضد بين ابناء الشعب الواحد والديانة الواحدة، ان تكون مقرا مخابراتيا للتعذيب والتنكيل بالناس الابرياء لمجرد اختلافهم مع قيادة الانقلاب الحمساوية.
ثالثا قصف المساجد على رؤوس المؤمنين كما حصل في رفح بعد الانقلاب مباشرة، وقتل ثمانية وعشرين مؤمنا من المسلمين مع شيخهم عبد اللطيف ابو موسى. هذه عملية قتل وسفك دماء المسلمين دون وجه حق، وهذا ما نص عليه القرآن الكريم: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا..." الآية 32 من سورة المائدة، وبالتالي النص هنا يؤكد ان عملية القتل السياسية للشيخ عبد اللطيف ومن معه، شكل من اشكال الكفر والزندقة والخروج عن الملة والدين.
من الممكن إيراد مئات والاف الامثلة عن فسق وفجور حركة حماس الاخوانية الانقلابية. ولكن بعجالة سأتوقف امام امرأة تحتل موقعا مسؤلا فيها، لأوضح بشكل جلي كفرها، وكفر من لقنها علوم القرآن بطريقة مشوهة ومتناقضة مع الدين الاسلامي الحنيف، فتقول رجاء الحلبي، مسؤولة العمل النسائي في حركة حماس لقناة "الجزيرة" القطرية "إن ظهور الاسلام في غزة تزامن مع إنشاء حركة حماس". واضافت "ما قبل حركة حماس كان المجتمع الفلسطيني لا يمت بصلة للفكر الاسلامي"؟! كيف لامرأة تفتقد لأبسط المعارف الاسلامية الافتاء بتكفير المجتمع الفلسطيني العربي؟ وما هي معايير الفكر الاسلامي الاخواني؟ وهل الاسلام، الذي جمع على مدار تاريخه الطويل الـ 1400 عام ما يزيد عن 800 فرقة ومدرسة إسلامية، وينتشر في اصقاع الدنيا بين مليار و300 الف نسمة من مختلف القوميات والجنسيات والشعوب، لا يمت بصلة لدين الله عز وجل الذي حمل رسالته الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لانه لا يرتبط بحركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين؟ ماذا عن اتباع المذاهب الاسلامية الاربعة: الحنبلي والحنفي والشافعي والمالكي، هل هؤلاء مسلمون ام لا؟ وماذا عن الفروض الخمسة، التي حددها الله جل جلاله لدخول الاسلام؟ هل يمكن اعتمادها اساسا للدين ام ما تطرحه حركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين هي الاساس؟ وهل يمكن اعتبار الشيخ عزالدين القسام والشيوخ الاخرين من المجاهدين الفلسطينيين والعرب، الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن فلسطين وارضها وشعبها، هل هم مسلمون ام كفار؟ وهل ابناء ارض الرباط، مسرى آخر الأنبياء صلى الله عليه وسلم كفرة فيما سبق نشوء حركة حماس؟ ماذا نقول لجداتنا واجدادنا واهلنا وابناء شعبنا على مدار تلك الحقب التاريخية الطويلة، انتم "متم كفارا" لأنكم لم تتلمذوا على يد حركة الفسق والتكفير الاخوانية، حركة حماس؟ اي عار وفضيحة دينية واخلاقية ودنيوية هذه، التي افتت بها امرأة المفترض، انها حاملة رسالة لاستقطاب المواطنين لحركتها بدل تكفيرهم؟ ولماذا لم تتم ملاحقتها امام القانون من قبل رجال الدين والقوى السياسية ومنظمات حقوق الانسان؟ لماذا الصمت المريب على تكفير الشعب؟
وتعميقا لبؤس وجريمة الفكرة التكفيرية لهذه السيدة، قام احد الفنانين التابعين لحركة حماس قبل ان تدلي رجاء الحلبي بتفوهاتها الخرقاء، بنشر رسم كاريكاتوري، أظهر فيه ثلاثة شبان يرتدون الـ (تي شيرت) الصفراء ويحملون شعار حركة فتح ويدخنون الارجيلة والسجائر، وكتب عنوانا لكاريكاتيره التافه مثله ومثل حركته، يقول فيه: "شعب فلسطين بريء من سبابي الدين والرب والفلسطيني المسلم لا ينتخب العلمانيين الكفرة". لانك امي وجاهل ولا تفقه الف باء الدين من الدنيا. ولا تعي علاقة العلمانية بالدين. وتجهل دور حركة فتح الريادي، فانك سقطت كما ستسقط حركتك من الوجود، حتى لو فازت ببعض المواقع هنا او هناك لسبب او آخر في المرحلة الحالية (مع ان كل المؤشرات تشي، بان حركتكم تعمل بشكل منهجي على إفشال الانتخابات، وتحميل المسؤولية لحركة فتح عبر تسويق إشاعات مغرضة). لان تحريضك يعكس بؤس الظلامية، التي تنهلون منها فكركم الاسود العبثي. العلمانية لا تعني معادات الدين، وحركة فتح، رغم كل الاخطاء، التي وقعت فيها، وقد تقع، كانت وما زالت رائدة النضال الوطني، وقائدة المشروع التحرري. والشعب العربي الفلسطيني في محافظات الجنوب، الذي كشف عورات حركتكم الاخوانية، بات عميق الادراك لكفركم وابتعادكم عن الدين الاسلامي وعدائكم له، والعمل على تشويهه والاساءة له ولكل المسلمين في اصقاع الارض.
منذ وجدت حركتكم حماس في المشهد السياسي الفلسطيني، وهي حركة معادية للتاريخ الوطني المشرف للشعب العربي الفلسطيني، وتعمل دون كلل او ملل على نفي الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية، وهددت عبر السنوات العشر الماضية وحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي الديمقراطي التعددي. وبالتالي سيلعنكم الشعب والامة والشعوب الاسلامية والرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم والائمة المباركون وكل إنسان مؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الاخر وبفلسطين وشعبها وحريتها واستقلالها. وستبقى فلسطين وطنا للكل الفلسطيني من اتباع الديانات السماوية والمعتقدات والنظريات المختلفة. ولن تميز بين إنسان وإنسان إلا بمقدار وطنيته ودفاعه عن مصالح الشعب العليا. وستبقى عنوانا للتعددية والتعايش السلمي كانعكاس لوحدة الارض والشعب والهوية والتاريخ والاهداف الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها