لعل ما جاء في كلمة الرئيس محمود عباس في قمة نواكشوط، عن المطالبة بدعم الاشقاء العرب " لرفع قضية ضد بريطانيا لاصدارها وعد بلفور، وتنفيذه كسلطة إنتداب بعد ذلك، الامر الذي تسبب في نكبة شعبنا وتشريده، وحرمانه من العيش في وطنه وإقامة دولته المستقلة". التي تلاها نيابة عنه الدكتور رياض المالكي، وزير الشؤون الخارجية، يعتبر من اهم ماشهدته القمة العربية السابعة والعشرين، دون التقليل من كلمات الملوك والرؤساء العرب، التي اناب ممثلوهم عنهم في إلقائها او القلة، الذين شاركوا مباشرة فيها. لان الفكرة النوعية، التي اثارها الرئيس ابو مازن، لن تركن على الرف إسوة بالقرارات والافكار، التي شهدتها مؤسسة القمة والجامعة العربية منذ نشوئها قبل سبعين عاما خلت؛ كون القيادة الفلسطينية معنية بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بكل الوسائل السياسية والديبلوماسية والقانونية والاقتصادية / المالية والثقافية/التربوية والصحية المتاحة، ووفق معايير الشرعية الدولية، التي تمنح هذا الحق للشعب العربي الفلسطيني وشعوب ودول الامة العربية. ولان بريطانيا ودول الاتحاد الاوروبي عموما ومعها الولايات المتحدة، مازالت تدعم وتتساوق مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية على حساب المصالح والاهداف الوطنية الفلسطينية، وتحول دون تحقيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتتلكك وتسوف وتماطل في الضغط على دولة الاحتلال تحت ذرائع واهية، وهي في الجوهر تغطي على انتهاكاتها الخطيرة لمصالح الشعب الفلسطيني العليا والسلام على حد سواء.
حكومة المملكة المتحدة لعبت دورا تاريخيا مدمرا لحياة الشعب العربي الفلسطيني ليس بإصدارها وعد بلفور، الذي منح من لا يملكون حقوق اصحاب الارض، الذين يملكون الارض وما فوقها وما تحتها والتاريخ والمؤسسات والتراث الحضاري، ولا بالدور التنفيذي لإنتدابها، الذي كرس نشوء الدولة الكولونيالية الاسرائيلية الغريبة عن إرث وتاريخ شعوب الامة العربية، انما في مواصلتها الدعم للدولة الاستعمارية العبرية، وإسنادها بالمال والسلاح والاقتصاد والهجرة المتواصلة للطاقات البشرية اليهودية الصهيونية او المضللة وغير اليهودية، والوقوف بعناد في عدم السماح بإقامة الدولة الفلسطينية بمعايير الشرعية الدولية وفقا للقرار الدولي 181، الصادر في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947، الذي اقيمت على اساسه دولة إسرائيل، ولا حتى وفق مرجعيات التسوية السياسية الحالية، التي وافق فيها الفلسطينيون على اقامة دولتهم على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وهو ما يعني تنازل القيادة الفلسطينية عن ال50% من مساحة قرار التقسيم الدولي المذكور انفا، ومواصلة التواطؤ مع الدولة العنصرية الاسرائيلية، التي شكلت على مدار تاريخ وجودها خطرا مباشرا على حياة ومستقبل الدول والشعوب العربية عموما والشعب الفلسطيني خصوصا، وهددت الامن القومي العربي بسلسلة طويلة من الحروب بدعم مباشر اوروبي واميركي، والتي نتج عنها سفوط عشرات ومئات الاف من الشهداء والجرحى والاسرى، وتدمير وتعطيل دورة الحياة الاقتصادية والعمرانية العربية، وأمنت تعميق حالة التبعية للغرب والسماح لاميركا واوروبا بنهب ثروات وخيرات العرب جميعا، وحالت دون نهوض وتطور شعوب الامة العربية، كما وشكلت خطرا على الامن الاقليمي والدولي.
ملاحقة بريطانيا غير العظمى قضائيا، واحدة من اهم العمليات الكفاحية للدفاع عن مصالح الشعب العربي الفلسطيني، والتي تأت تقريبا مع الذكرى المئوية لوعد بلفورالمشؤوم والذكرى السبعون لاقامة الدولة الاسرائيلية المارقة والخارجة على القانون. والتي تحتاج الى تعميق وتطوير عبر ملاحقة كل الدول، التي سهلت الهجرة اليهودية لفلسطين على مدار تاريخ عقود الصراع حتى الان. وإعتبار ذلك إعتداءا مباشرا على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني. والمطالبة فورا بوقف كل اشكال الهجرة وتحت اي مسمى لاسرائيل، لان هذا يتناقض مع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم، التي طردوا منها عام النكبة في ال1948 وعام النكسة 1967.
قيمة واهمية دعوة الرئيس ابو مازن لملاحقة بريطانيا قضائيا، تكمن في وضع الفكرة الرائدة والمتميزة موضع المتابعة والتنفيذ. والكرة الان في المرمى الفلسطيني قبل الاشقاء العرب، حيث يفترض تشكيل فريق قانوني سياسي للبحث الجدي لهذا المشروع الهام، وإعداد تصور للاشقاء العرب كي يساهموا بدورهم في تبنيه وتطويره وتقديمه للمنابر القضائية الدولية المختصة.
محاكمة بريطانيا: بقلم عمر حلمي الغول
27-07-2016
مشاهدة: 766
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها