كتب راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي لجماعة الاخوان المسلمين خلال اجتماعهم في تركيا في نيسان الماضي: "لن تسلبوني تونسيتي ووطنيتي" اما محمود الزهار القيادي في جماعة الاخوان المسلمين، وفي رأس حربتها المسلحة (حماس) في فلسطين فان ملخص كلامه واقواله وخطاباته ورسائله، الى قادة المشروع الصهيوني مضمونه: اسلبوا وطني، خذوا فلسطين، واتركوا جماعتي"! مقتديا بمرشده المنسلخ عن وطنه محمد عاكف الذي قال "طز في مصر"!!
ما زال الزهار واحدا من ديوك المتنكرين الناكرين لمبدأ الانتماء الوطني يبتكر بدعا، التالية اشد كفرا من سابقتها لرمي الوطنية الفلسطينية، والمؤلم في مصيبة الزهار أنه يفعلها هنا في فلسطين، حيث يقتضي النضال ضد المشروع الصهيوني الاحلالي الاستيطاني العنصري، بلورة الهوية الوطنية العربية الفلسطينية، وتكريس الانتماء والوعي الوطني كأهم الأسلحة في المواجهة الشاملة، ليس لاثبات الوجود وتفنيد الرواية الصهيونية الناكرة لوجود شعب فلسطين وحسب، بل لتطهير هذه المنطقة الحضارية من العالم من اسباب النزاعات والصراعات الدينية التي رغم فظاعاتها ونتائجها عبر التاريخ لم تفلح في تبديد الانتماء الوطني لشعوبها.
راشد الغنوشي مفكر ومؤلف وكاتب، وقائد جماعة الاخوان المسلمين في تونس، اعلن قبل ايام نية حركته التحول الى حزب سياسي وترك العمل الدعوي انسجاما مع قوانين البلاد، وخاطب– حسب الأخبار المسربة- مؤتمر قيادات الجماعة المنعقد في تركيا بالقول: "لقد حانت لحظة الفراق بيني وبينكم".. ما يعني تفضيل الوطن على الجماعة.
اما الزهار فقد فضل الجماعة على الوطن، حتى في اكثر لحظات اندفاع الوطنيين نحو مصالحة ووحدة وطنية، لرفعها كجدران قلعة لمنع اقتحام عسكر المشروع الصهيوني والاستيلاء على ما تبقى لنا من ارض وطننا، فذهب الى حد هدم المنارات المضيئة في الشعب الفلسطيني المعاصر، محاولا بالتزوير والتحريف والكذب، اغتيال وعي الجماهير الفلسطينية والعربية، والغاء أهم حدث في تاريخنا المعاصر عندما تفوق الفلسطينيون واشقاؤهم العرب على انفسهم وسجلوا اولى صفحات الصمود والمقاومة بشرف وكرامة بعد نكبة عام 1948، في الحادي والعشرين من آذار عام 1968 في معركة قرية الكرامة في الاغوار الاردنية المحاذية للحدود الشرقية لفلسطين، حينما ثأر الفدائي الفلسطيني والجندي العربي الاردني للشرف العربي المهدور في نكسة حزيران، وسجلوا حالة صمود، بعثت في الأمة العربية من محيطها لخليجها حالة ثورية واندفاعة نحو العمل الفدائي، كان اول من حاول كبحها هم الاخوان المسلمون انفسهم، الذين ركبوا تلك الموجة وحاولوا حرف مسار الثورة الفلسطينية ومنطلقاتها وتجييرها لصالح الجماعة واهدافها، قبل ان تنتبه قيادة فتح لمبتغاهم، فطردتهم من صفوفها، ليعيدوا الكرة في ركوبهم موجة قيام السلطة الوطنية وانشاء المؤسسات، ليستولوا بالانقلاب المسلح على قطاع غزة ويختطفوا مليوني فلسطيني، ويوظفوا مقدراته وقدراتهم لصالح مشروع الجماعة، بعدما حشدوا عدة السلاح والعدد البشري تحت جنح شعار الجهاد والمقاومة!! وكما فعل (اخوانهم) في الجماعة في اقطار عربية، عندما ركبوا ما سمي حينها موجة الربيع العربي، حتى استفردوا بالسلطة في كل بلد تحركت الجماهير فيه الى الشوارع لاستبدال واقعها، فاذا بها تقع فريسة لوحوش آدمية، تنكر حق الآخرين في الحياة، وتشرعن الفتاوى بسفك دماء معارضيها، تقتلهم باسم الله مستنسخة مقولة التلموديين "سيف الرب في يدي" !.
محمود الزهار لا يمكنه ولو مجرد التغيير على تاريخ ورمزية القائد الشهيد ياسر عرفات الكفاحي، فمن كان رمزا لقادة حركات التحرر، لا يؤثر فيه كلام من كان وسيبقى رمز جماعة الاستحمار، فالزهار لم يستهدف روح ورمزية ياسر عرفات وحسب، بل استهدف روح ومعاني الشرف والكرامة، والشجاعة والفداء، لأن عنايته باقتلاعها من قلب وعقل الشخصية الوطنية الفلسطينية، مستمدة من عناية (اخوانه) في جماعة الحركة الصهيونية.. فالمحتلون (التوأم) الأول لأرضنا والآخر الموظف لاحتلال عقولنا يعانيان لأننا نملك مخزونا لا ينضب من هذه الأسلحة التي لا تحتاج الى بارود وفولاذ، وانما محمولة في ارحام الماجدات الفلسطينيات والعربيات، واصلاب رجالهن الشرفاء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها