يقصد بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية حل هذه المنازعات دون الالتجاء إلى القوة.
هذا المفهوم يرجع من الناحية التاريخية إلى بدء ظهور القانون الدولي بالمعنى الحديث أي إلى القرن السادس عشر,كما انه يتفق مع المفهوم التقليدي للقانون الدولي الذي يقسم العلاقات الدولية إلى العلاقات وقت الحرب وكما يتفق مع خطة الدراسة التقليدية للقانون الدولي التي نراها لدى بعض علماء هذا القانون في تقسيم دراسة القانون الدولي إلى القانون الدولي وقت السلم والقانون الدولي وقت الحرب, ولكن ليس يعني ذلك أن طبيعة الحل الشامل للمنازعات الدولية كانت واحدة أو بقيت بدون تطوير منذ القرن السادس عشر حتى الآن, لأن القانون الدولي التقليدي كان ينظر إلى الحرب أي الالتجاء إلى القوة على أنها من الأمور المشروعة بل يصفها بعض علماء القانون الدولي في هذه الفترة بأنه حق للعدو .
النتيجة لذلك أن يكون الالتجاء إلى الحل السلمي للمنازعات الدولية ليس هو الوسيلة الأولى التي تلتزم بها الدول خاصة إذا علمنا أن الحرب لم تكن غير مشروعة في العلاقات الدولية .ولكن هذه الأوضاع قد تغيرت عندما بدأ المجتمع الدولي يسير في اتجاه التنظيم الدولي منذ نهاية القرن التاسع عشر ,حيث بدأت القيود القانونية تفرض على الدول في استعمال القوة في العلاقات الدولية, ثم انتهت هذه القيود إلى حظر شامل بنصوص القانون الدولي ,واعتبار الحرب عملا غير مشروع في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع الشرعي تماما كما هو الوضع الآن في مجال القانون الداخلي,وكان من الطبيعي إزاء هذا التطور أن تصبح التسوية السلمية للمنازعات الدولية الطريقة الطبيعية أو بالمعنى الدقيق أصبحت هذه الطريقة هي القاعدة العامة بحيث لا يكون الالتجاء إلى القوة إلا مجرد استثناء قاصر على حالة الدفاع الشرعي فقط وقد عبر عن هذا المعنى ميثاق الأمم المتحدة في أكثر من موضع .نكتفي هنا بالإشارة إلى لنص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية .
والنص في الفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة الثانية على ان (يفض جميع أعضاء الأمم المتحدة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم و الأمن و العدل الدولي عرضه للخطر) وان يمتنع أعضاء المنظمة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة و استخدامها ضد سلامة الأقاليم أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا تتفق ومقاصد الأمم المتحدة .وكذلك النص في المادة الرابعة عشرة من الميثاق على إن للجمعية العامة أن توصي باتخاذ التدابير لتسوية أي موقف مهما يكن منشؤه تسوية سلمية متى رأت أن هذا الموقف قد يضر بالرفاهية العامة أو يعكر صفو العلاقات الودية بين الأمم ...).
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها