تحول شاب مجهول الهوية قبل اعتداءات باريس في تشرين الثاني 2015 إلى المطلوب رقم واحد، تلاحقه أجهزة استخبارات العديد من الدول، مهما أطلنا النظر في صورته التي وزعتها أجهزة المخابرات، على اعتبار أنه مطلوب لديها مع التحذير بأنه مسلح خطير جداً، لا يمكن لنا أن نستشف منها ما يوحي بذلك سيما وأن فيها الكثير من سمات الطفولة، حين ألقت السلطات البلجيكية القبض عليه بعد مداهمة مثيرة لشرطة مكافحة الارهاب في منطقة مولينبيك، قال رئيس الوزراء البلجيكي ان المداهمة جاءت بعد عمل استخباري مكثف، معتبراً القاء القبض عليه بمثابة نتيجة بالغة الأهمية في المعركة من أجل الديمقراطية.
المطلوب رقم واحد من مواليد بروكسل لعائلة ذات أصول مغربية في السابعة والعشرين من عمره، عاش حياة بسيطة اسوة بالكثير من المهاجرين العرب، إلى أن عمل مديراً لمقهى في بلجيكا تم إغلاقه بقرار من المحكمة بسبب الاتجار بالمخدرات، تم توقيفه بعدها بتهم السرقة وتعاطي الممنوعات، بعد تفجيرات باريس تسلق صلاح عبد السلام عناوين الأخبار، بات المطارد والملاحق من اجهزة الامن، كان من الممكن أن يبقى بعيداً عن الأنظار إلا أن شقيقه الأكبر الذي فجر نفسه في مقهى فولتير في العاصمة الفرنسية "باريس" دفع أجهزة الأمن لملاحقته، فر إلى بلجيكا حيث القي القبض عليه قبل تفجيرات بروكسل، وجهت له تهمة التخطيط والمشاركة في تنفيذ تفجيرات باريس ولم يتم استبعاده من التخطيط لأحداث بروكسل، خلال التحقيق معه أفاد بنيته تفجير ملعب "دو فرانس" حيث تقام مباراة كرة قدم تجمع الفريق الفرنسي بنظيره الألماني، إلا أنه تراجع عن ذلك دون ابداء الأسباب التي دفعته لذلك.
الملفت للانتباه أن صلاح عبد السلام اتجه إلى التطرف وتم تجنيده في تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" عام 2013 أثناء وجوده في المعتقل في بروكسل، وبالتالي بعد تنظيمه بأقل من عامين أشرف على التخطيط لعملية تفجيرات طالت أماكن عدة في باريس أوقعت عشرات القتلى، واستطاع بعدها أن يفر من فرنسا رغم مطاردة أجهزة الأمن الفرنسية له، وعاش لأشهر في العاصمة البلجيكية قبل أن تتمكن السلطات من القاء القبض عليه التي جاءت قبل ثلاثة أيام من تفجيرات بروكسل، التي هي بحد ذاتها تحمل الكثير من الأسئلة تفوق بتعقيداتها تلك المتعلقة بتفجيرات باريس سيما وأن التفجير طال مطار بروكسل ذاته، رغم الفحص الأمني الدقيق في المطارات إلا أنه تم الوصول بالأحزمة الناسفة إلى داخل المطار.
التفجيرات التي شهدتها باريس ومن بعدها بروكسل تطرح مجموعة من التساؤلات، هل فعلا صلاح عبد السلام هو الرأس المخطط والمدبر لها؟ وهل باستطاعته أن يتجول بحرية في العواصم الأوروبية مصطحباً معه فريقه وعتادهم من الأحزمة الناسفة؟ وكيف استطاع أن يفر من فرنسا ويقيم في بلجيكا لفترة طويلة قبل إلقاء القبض عليه؟ وكيف تم القاء القبض عليه ومعه مجموعة من رفاقه قبل أيام قليلة من تفجيرات بروكسل ولم ينتج عن ذلك تشويشا لعملية تفجيرات بروكسل؟ ولماذا فرنسا وفي تلك الآونة بالتحديد ومن بعدها بروكسل بما تمثله من مركز عمل الاتحاد الأوروبي وفي هذه المرحلة بالذات؟ وهل التفجيرات التي ضربت تركيا لها علاقة بما اصاب فرنسا وبلجيكا؟ هل يمكن لأفراد اختراق المنظومة الأمنية لدول الاتحاد الأوروبي دون أن تكون هنالك أجهزة استخبارية تقدم لهم المساعدة حتى وإن كان ذلك من خلف الستار؟ وهل هناك وجه شبه بين أحداث 11 سبتمبر والأحداث التي ضربت باريس وبروكسل ومن المستفيد منها؟
استطاعت فاطمة بطلة رواية "ليلة القبض على فاطمة" للأديبة سكينة فؤاد أن تروي قصتها أمام حشد من المواطنين لحظة محاولة مندوبين من مستشفى الأمراض العقلية إلقاء القبض عليها بتهمة الجنون، بأمر من شقيقها السياسي الفاسد صاحب الأعمال المشبوهة مع الجيش الانجليزي، إلا أن الواضح أن ليلة القبض على صلاح لا تحمل النهاية ذاتها، وإن كانت تطرح الكثير من التساؤلات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها