رغم فداحة الاحتلال الاسرائيلي الذي هو اخر احتلال على وجه الأرض، وابشع احتلال عرفه التاريخ لأنه يتغذى من مقولات العنصرية السوداء، ويرتكز الى الخرافات، والأساطير، ويعتمد على عربدة القوة التي يؤمنها له نتنياهو بازدواجية المعايير، والانحياز المكشوف، ورغم سباق الاستيطان المجنون وليس هناك اكثر شرا من الاستيطان وجماعاته وممارساته الأكثر شذوذا، إلا ان الشعب الفلسطيني يخوض معركته الشاملة مع الاحتلال الاسرائيلي الزائل لا محالة، وواحد من وجوه المعركة الشاملة التي نخوضها هي اصدار القوانين بقرارات التي يصدرها الرئيس وكان من ابرزها في الفترة الاخيرة إنشاء المحكمة الدستورية، وانشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي، وانشاء محكمة الاحداث، فهذه قوانين ذات صفة تأسيسية، انها عملية ارساء للقواعد الرئيسية لدولتنا التي يتكامل بناؤها يوما بعد يوم، فالدولة في مفهومها الاساسي هي شعب وارض وادارة وقوانين نافذة لعلاقة الناس مع بعضهم فوق هذه الارض، خاصة حين تكون هذه الارض هي اول ارض اشرق عليها التاريخ الانساني اسمها فلسطين، وحين يكون هذا الشعب اعرق الشعوب قاطبة بميراثه الحضاري الضخم وابداعاته التي لا تضاهى.

وقد يقول كثيرون اننا ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني، واننا لم ننجز استقلالنا الكامل ولا حريتنا الكاملة، وان ما نبنيه في عشر سنوات يهدمه الاحتلال الاسرائيلي المجرم في عشر ساعات كما يتبجح المتبجحون دائما، وان الاولوية الاولى لدحر هذا الاحتلال، وبعدها يأتي كل شيء، ولكن الحقيقة ان بناء مؤسسات وقواعد الدولة هو جزء رئيسي من نضالنا الطويل، وادارة ما يتوفر لنا بطرق ممتازة بإرساء مؤسساتنا الوطنية بكفاءة عالية هو جزء رئيسي من نضالنا لدحر الاحتلال بشكل نهائي، وهو شهادة لنا بأننا نستحق حقوقنا التي نطالب بها، نستحق مكانتنا التي يجب ان تكون, واننا منذ البداية نسير في خط متصاعد ورؤية ممتدة وثقة كبيرة بحقنا وبأنفسنا، وكل الشعوب العظيمة خاضت المعركة بأجنحتها المتعددة في آن واحد، واننا نواصل حياتنا الممكنة بيد حملت البندقية والحجر، وبيد تحمل قوة البناء، وهذا هو التأكيد على اليقين بان الاحتلال زائل وان فلسطين الدولة قادمة عما قريب.