في ظل خيارات صعبة امام حركة حماس، وقع الاختيار على تصحيح العلاقة مع مصر، وبشكل موازٍ يخفف هذا الخيار الضغط الشعبي عليها، ويحسن صورتها ولا سيما من خلال فتح معبر رفح، واتمام صفقة جديدة للاسرى.
اربع رسائل واحداث في اقل من اسبوعين: اولها زيارات وفد حركة حماس الى القاهرة واجتماعاته مع المخابرات المصرية، لتخفيف حالة الاحتقان، وللسعي نحو فتح صفحة جديدة، تقدم حماس وجها آخر، غير الذي عرفته القاهرة عنها، وطلبهم تحريك المياه الراكدة لبدء التفاوض لانتاج صفقة اسرى، التي تحدث عنها احمد يوسف، وتم انكارها من قبل الناطقين باسم الحركة، ووصفوا تصريحاته بانها لا تمثل موقف الحركة، والثانية تصريحات نتنياهو التي قال فيها فيما يخص ملف الجنود المفقودين ان اختراقا قد حدث، وان جديداً سيظهر خلال الايام المقبلة، الذي تمثل بالحدث الثالث بنشر حماس لصور الجنود الاسرائيليين المفقودين، ورابعا تمثل باعلان الحركة انها تدرس طرحًا مصريًا بإعلانها الانفصال عن التنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين.
حماس لم تتوقف منذ القرار بتصحيح العلاقة مع مصر، عن ارسال الرسائل كما وردت على لسان خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس، التي تراوحت بين تقديم التعهدات بانها لن تعود الى سابق عهدها، عندما قال ان "واجب حركته يتمثل بحماية الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، وكذلك عدم التدخل في الشأن المصري بتاتا"، وطلبه من اعلام الحركة عدم الاساءة لمصر، وبين التمني ان تكافئ القاهرة التزامها بفتح المعبر، وهو يقول ان "المأمول من مصر ان تفتح معبر رفح للأفراد والتبادل التجاري، وأظن أن الخير الكثير سيأتي من مصر لغزة".
واضافت حماس رجحة لما تعهدت به، باعلانها عن امكانية نجاح مشاوراتها، بخصوص خيار فك الارتباط مع جماعة الاخوان المسلمين، على غرار إخوان الأردن، الذين أعلنوا انفصالهم عن مكتب الجماعة الأم في القاهرة، مطلع شباط الماضي، وانها ستتشاور مع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل حيث يقيم في قطر، وذلك بعد اجتماع مع مسؤولين مصريين ضم محمود الزهار، وعماد العلمي، ونزار عوض وخليل الحية من قيادة حماس في الداخل، ليكون اعلان الانفصال في التعديل اللائحي جديدا لديهم.
وبدورها اسرائيل لم تتأخر ايضا على عرض حماس لصور الجنود المفقودين، بتقديمها عربون محبة مقدما على الصفقة، بزيادة المسافة المسموح الوصول اليها الى 9 أميال، بدلا من 6 أميال التي تم الاتفاق عليها في آب 2014. وبالمناسبة، فان المسافة المسموح الوصول اليها للفلسطينيين في عرض البحر، وفق اتفاق اوسلو 1993، هي 20 ميلا دون أي اعتراضات إسرائيلية.
عديد الخطوات التكتيكية التي تقوم بها حماس بالطبع يمكن ان تحقق لها مكاسب، ولكنها آنية، لا تصنع حلا سياسيا دائما، لا مع مصر ولا مع اسرائيل، حيث ان مصر الراغبة بهدوء واستقرار على الحدود مع قطاع غزة وفي جبهة سيناء، على وجه الخصوص، تعلم ان الاستقرار مرهون بقدر ما يخدم بقاء حماس في حكم غزة، وقد ينقلب الامر اذا وجدت حماس من يقدم لها ثمناً أعلى، اضافة الا ان اتفاقا بين دولة وحركة سياسية او حزب هو أمر نشاز سواء في السياسة او الامن.
اما فيما يخص العلاقة مع اسرائيل، فان هدوء الحدود هو ايضا عنوان لأي اتفاق بينهما، ولا يضير اسرائيل الافراج عن ألف من الاسرى، اذا كانت تعلم، ونحن نعلم، انها صاحبة سياسة الباب الدوار، باعتقالها من تم الافراج عنهم كما حدث مع الاسرى المحررين في صفقة شاليط 2011.
وداخليا بالطبع تسعى حماس لرفع رصيد شعبيتها الذي تآكل، وتتوقع ان تسهم صفقة الاسرى في رفعها، وكذلك فتح معبر رفح، بما يخفف الضغط الشعبي الذي ذاق الامرين بسبب الحصار الظالم.
ان الحل المطلوب، وهو واجب الكل الفسطيني ان يسعى لتحقيقه، هو استعادة وحدانية التمثيل الفلسطيني، وترميم مؤسساته، وحمايتها، وطي الصفحة السوداء في تاريخ شعبنا من الانقسام، واغلاق ثغرات التسرب الاسرائيلي، الراغب بحلول جزئية، تكون بديلا عن حقنا في سيادة كاملة على ارضنا بعد انسحابه الى حدود الرابع من حزيران عام 67، وتنظيفه من المستوطنات، وسيطرة فلسطينية شرعية على المعابر والحدود، بعد اقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس، بدلا من سياسة التسول للحقوق، واللهاث من اجل فتح المعابر لساعات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها