بيان صادر عن إقليم حركة فتح في لبنان

في مثل هذه الأيام من شهر نيسان يستذكر شعبنا الفلسطيني محطَّاتٍ مؤلمةً من تاريخه، لكنها لم تستطع أن تدمِّر روح التمرد والثورة والعنفوان في عقول ووجدان هذه الأجيال المتلاحقة، وانما شكَّلت رغم مأساويتها دافعاً للنهوض والاستنهاض وصناعة المستقبل لشعبٍ أرادوا تشريده وتضييع هويته وكيانه حتى يتمكنوا من إلغاء وجوده السياسي، والسيطره على أرضه، وتهويد مقدساته، والتحكم بمقدراته، وتحقيق المشروع الصهيوني في المنطقة.

إن مجزرة دير ياسين التي حصلت صبيحة العاشر من نيسان العام 1948 والتي قادها قادة الكيان العنصري فيما بعد، مناحيم بيغن زغيم الأرغون، وديفيد بن غوريون زعيم الهاجناه، واسحق شامير زعيم شتيرين، وشارك فيها ما يقرب من ثلاثة آلاف إرهابي دموي، وأدت إلى استشهاد (360) شهيداً من الأطفال والنساء والشيوخ دفن (250) شهيداً منهم في مقبرة جماعية لإخفاء جزء من الجريمة. قسم من أهل القرية استطاع أن يهرب، وقسم آخر من الشباب كانوا قد غادروا قبل الفجر إلى حقولهم للعمل. إن الهدف الأساسي لهذه المجزرة هو إثارة حالة من الرعب في باقي المدن والقرى لحمل الأهالي على المغادرة وترك قراهم. هذه العصابات الصهيونية لم تترك قريةً دخلنها إلاّ وارتكبت فيها مجزرة، وهذا يأتي في سياق التطهير العرقي، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه واقتلاعه، وإحلال مئات الآلاف من شذاذ الآفاق الذين حملوهم من مختلف دول العالم ليصنعوا بهم كياناً عنصرياً عدوانياً دموياً يهدِّد المنطقة بكاملها وذلك على جماجم نسائنا وأطفالنا، وذلك كله جرى على مسمع ومرأى من المجتمع الدولي، هذا المجتمع الدولي الذي كافأه في النهاية فقسَّم فلسطين في 29/11/2013 ومنح العصابات الصهيونية دولة على أرضنا، وقام بطردنا وتشريدنا.

إنّ هذا النهج الدموي الذي شاهدناه أيضاً في العديد من القرى وخاصة في قالونيا بجوار دير ياسين، مروراً بمئات القرى وخاصة في الصفصاف، وصلحا، والطنطورة، وجاءت عملية الدخول إلى القسطل بجوار القدس للسيطرة عليها، وافتعال مجزرة فيها إلاّ انَّ القوة التي كانت هناك بقيادة القائد المجاهد عبدالقادر الحسيني التي لم يكن بحوزتها إلاّ القليل النادر من الذخيرة والسلاح تمكنت من خوض معركة مشرّفة ضد العصابات الصهيونية وأبلى الفلسطينيون بلاءً حسناً، لكنهم قاتلوا وحدهم واستماتوا دفاعاً عن القسطل والقدس لكنَّ استشهاد القائد عبدالقادر الحسيني والد القائد فيصل الحسيني استُشهد وانعكس ذلك على معنويات المقاتلين هناك وسيطرت العصابات الصهيونية على القسطل.

إنَّ النهج الاجرامي والدموي نفسه تواصل عند قيام الكيان الاسرائيلي بارتكاب مجازر كفر قاسم، وقبية، وصبرا وشاتيلا، وجنين، وقطاع غزة، ومدن الضفة.

وجاءت عملية اغتيال القادة الثلاثة كمال عدوان، وأبو يوسف النجار عضوي اللجنة المركزية لحركة فتح، وكمال ناصر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمرحومة أم يوسف النجار، جاءت هذه العملية الجبانة التي قادها باراك نفسه في حي الفيردان في مدينة بيروت لتؤكد هذا النهج الدموي ضد الشعب الفلسطيني وقادته من أجل شلِّ قدرات الثورة الفلسطينية الصاعدة سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، ودولياً وعربياً وفلسطينياً. ولا شك أن غياب القادة الثلاثة كان له تأثيرة الكبير على الساحة الفلسطينية نظراً للأدوار القيادية السياسية والاعلامية والتنظيمية التي لعبها القادة الثلاثة. ففي صباح يوم العاشر من نيسان 1973 احتشد ما يزيد على ربع مليون من الشعبين اللبناني والفلسطيني لتشييع الشهداء وذلك وسط مدينة بيروت.

إن هذه المحطات المعقدة والمؤلمة من تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني تؤكد أن هناك ضرورة قصوى لجمع شتات شعبنا، وتوحيد صفوفه، وانهاء حالة الانقسام الراهنة، والاتفاق على برنامج سياسي موحّد يؤهلنا جميعاً لخوض المقاومة الشعبية المطلوبة ضد الاحتلال الاسرائيلي الجاثم على أرضنا والمستوطن لها. ونحن نشعر أنه آن الاوان لأخواننا أن يعطوا الاولوية والجدية لموضوع المصالحة وانهاء الانقسام كردٍ واضح على الجرائم الصهيونية.

إن انسداد الافق السياسي أمام العملية السياسية المتعلقة بحل الدولتين، واصرار العدو الاسرائيلي على نسف الحقوق الفلسطينية المتعلقة بالدولة ذات السيادة، وبالقدس العاصمة الفلسطينية، والاعتراف بالحدود الجغرافية للدولة، وبحق اللاجئين بالعودة، وبتطهير الاراضي الفلسطينية من الاستيطان والمستوطنين، ذلك كله مؤشِّر خطير ومشجِّع للكيان الصهيوني لإرتكاب المزيد من المجازر ضد شعبنا، والإصرار على رؤيته الخاصة بالحل، وتجاهل الحقوق الفلسطينية.

إننا في حركة فتح نؤكد إلتفافنا حول قيادتنا وعلى رأسها الرئيس أبو مازن الذي أثبت مصداقيته وأمانته وتمسكه بالثوابت الفلسطينية كما أثبت صلابته بوجه التهديدات والضغوطات الاسرائيلية والاميركية، وتمسكه بمصالح شعبه.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

الحرية والعزة للأسرى الابطال الذين ضربوا أروع الامثلة في الصمود والثبات، والاضرابات، والتحديات.

وإنها لثورة حتى النصر

حركة التحرير الوطني الفلسطيني/ فتح

 إقليم لبنان

  10/4/2013