إسرائيل، في ظل حكومة نتنياهو الرابعة، تقفز القفزة الأخطر في تاريخها، وإذا لم نتصرف بحكمة وشجاعة وتماسك وطني من نوع خارق، لجعل هذه القفزة الاسرائيلية في الفراغ وتصبح الدولة الفلسطينية هي الحل وهي الإنقاذ، فإن القضية الفلسطينية كلها من أولها الى آخرها ستكون في خطر محدق، وبالتالي فإن المنطقة العربية كلها ستصبح تحت سقف سياسي جديد، تكون فيه اسرائيل هي السيد المطلق، وهي المقرر النهائي، وهي التي ترسم الخرائط لاعراق وطوائف في هذه المنطقة كانت الحركة الصهيونية واداتها الوكالة اليهودية على علاقة معها منذ اللحظة الاولى.
دعونا نستعرض بعجالة المنطق السياسي الذي تتعامل به اسرائيل على المكشوف منذ شكل نتنياهو حكومته الرابعة:
نتنياهو يقول ان مبادرة السلام العربية قد تجاوزها الزمن، ومعروف ان هذه المبادرة التي عرضت في القمة العربية 2002 قد تطورت وترسخت في العمل السياسي العربي لتكون هي المبادرة السياسية العربية الأبرز -ان لم تكن الوحيدة- يحيط بها غلاف اسلامي ودولي، وان النظام الاقليمي العربي ظل يتمسك بها، ويعيد طرحها، دون اي نوع من القبول من الجانب الاسرائيلي، ثم تطور نمط العلاقات داخل اسرائيل بحيث اصبحت هذه المبادرة غير قابلة للتداول اسرائيليا، لان اسرائيل– الكيان الوظيفي-، تتعامل مع حقائق الواقع، ومع المستجدات، ولا تتعامل مع النظريات والفرضيات، وفي الثماني سنوات الاخيرة اصبح الانقسام الفلسطيني وما يسمى كذبا بالربيع العربي في خدمة اسرائيل بالمطلق، وفي خدمة التطرف الاسرائيلي بالمطلق، فكيف بالله عليكم لا يكون المجتمع الاسرائيلي متطرفا في مواجهة هذا الانقسام الفلسطيني الرخيص بل المجاني الذي حرضت عليه وتديره حاليا اطراف عربية واسلامية لا وزن لها اطلاقا في معادلات السياسية في االمنطقة.
ونتنياهو يعلن على المكشوف ان عناصر حل الدولتين لم تعد قائمة، وهو نفسه الذي سلم كل صلاحياته للاستيطان، بل ان دولة للمستوطنين في الضفة تلوح في الافق، وسريان القوانين الاسرائيلية على المستوطنات في الضفة هو القاعدة الرئيسية لدولة المستوطنين الذين يسابقون الزمن في فرض الأمر الواقع.
بلا شك، نجحنا فلسطينيا في جعل قضيتنا ومطالبنا وحقوقنا العادلة في حالة من التداول، عبر دخولنا في حيثيات المجتمع الدولي،عبر الإتفاقات الدولية، وعبر طرق أبواب مجلس الأمن، وعبر إدارة ناجحة لما بين أيدينا بشهادة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وإطار الدول المانحة والأمم المتحدة والمؤتمرات التي عقدت لإعادة إعمار غزة، ولكن الانقسام عثرة في طريقنا، والأخطار التي تهدد غزة تستغلها إسرائيل، انظروا مثلا كيف أن إسرائيل تدعي انها تحارب "داعش" الآن في قطاع غزة، وهذا ما حذرنا منه مرارا، لأن حماس التي استعانت على الشرعية الفلسطينية بكل ما هو شاذ، وذهبت الى كل الشياطين كي تبرر لنفسها عدم التقدم باتجاه فلسطين عبر المصالحة، تواجه اليوم ما صنعت يداها، وتعرض قطاع غزة للتدمير النهائي، والانسياق الأعمى لأية مشاريع مثل الذي نسمعه عن دولة مؤقتة، ومنصة بحرية، واتصالات مع اسرائيل دون أن يكون في يدها شيء سوى الأوهام والمقامرة.
لا بد من تصعيد حالة المواجهة الفلسطينية بعيدا عن الأدوات التقليدية مثل البرلمان العربي الإسلامي، فيجب أن نبحث عن الذين هم معنا في دائرة الخطر ليكون الحلف أكثر موضوعية وعملياتية، يجب أن تتغير آليات المواجهة، يجب أن نحول هذا الطموح الإسرائيلي المجنون إلى قفزة قاتلة في الفراغ.
إسرائيل في القفزة الأخطر: بقلم يحيى رباح
06-06-2015
مشاهدة: 732
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها