ها نحن قد وصلنا الى نهاية الشوط في موضوع الانقسام او الانقلاب العسكري او الانفصال التآمري، اختر ما شئت من المسميات والالقاب ولكن الجوهر واحد لا يتغير، ان حماس كفصيل اسلامي سياسي رفضت الانتماء الوطني، لأن الانتماء الوطني في تأصيل الاسلام السياسي لا يعني شيئا، ورفضت المصلحة الوطنية العليا ورفضت الثوابت الوطنية، ورفضت حتى خصوصيات القضية الفلسطينية التي تعفيها من الاندياح بالمطلق تحت سقف التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، لأن الضرورة الملحة تتمحور أولا حول اعادة زرع فلسطين في الجغرافيا السياسية ثم بعد ذلك نرى ما يكون.
حماس صادرت ذلك كله، وأعلنت العداء المكشوف مع ذلك كله، وقطعت الصلة مع شعبها الفلسطيني صاحب القضية الأعدل والأكبر والأقدم، وراحت تهمس لنفسها بوسوسات العدو الاسرائيلي الذي حفر لها حفرة الانقسام فوقعت بشوهة عجيبة منذ انسحاب السفاح شارون من قطاع غزة، والعدو يومىء لها وهي تلحق به، مع ان الشرعية الفلسطينية قدمت لحماس من المبادرات ما لم يحصل عليه اي فصيل اسلامي منذ نشوء جماعة الاخوان المسلمين في عام 1928، الشرعية الفلسطينية في زمن ثورة الكفاح المسلح في عهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات عرضت على حماس ان تكون الشريك الوطني بكامل عناصر الشراكة، وفي زمن الانتفاضة وفي بدايات اقامة السلطة الوطنية تجدد العرض بلا طائل، وفي عهد الرئيس ابو مازن تأكد عرض الشراكة في النظام السياسي الفلسطيني بالسماح لحماس بدخول الانتخابات في 2006 دون قيد أو شرط، وتحققت توقعاتنا، فقد فازت حماس بالانتخابات وشكلت الحكومة ليس بقوتها بل بارتباكنا وتحملنا لكل اعباء السلطة، فما بالكم بسلطة تحت الاحتلال يناكفها العرب والعجم على حد سواء، ويحرض عليها الأعداء وعدد غير قليل من الأشقاء والأصدقاء كما يحدث الآن، حيث الكل يريد دورا ولكن على اشلاء القضية، وبعضهم يريد دفن القضية كهدية لاسرائيل، لأنه يرى أن اسرائيل هي طريقه الوحيد للاتحاد الأوروبي، أو ان اسرائيل هي تأكيد لعلاقاته مع أميركا، أو لأن اسرائيل لم تستهدفه حتى الآن وسط الزلزال العربي وما يحدثه من خراب عظيم.
كان يمكن ان نفهم سلوك حماس، اذا كان من اجل رفع السقف في الشراكة الوطنية في النظام السياسي الفلسطيني، اما ان تبيع حماس نفسها من اجل الاوهام الجميلة للخيانة فهذا امر عجيب. والصورة الآن وسط الزلزال العربي اكثر وضوحا، فحين تتساقط القلاع فان الجميع يصبحون مهزومين، وحالة حماس أكثر بؤسا فليس عندها ما يحميها سوى جبل الشرعية الفلسطينية، وهي تعلم ان رئيس الشرعية الفلسطينية، قدم لحماس من اجل أن تظل على قيد الحياة تحت سقف الوطنية الفلسطينية أكثر من كل الذين همسوا لها بغواية خطيئة الانقسام،وتحمل من اجل المصالحة وحكومة التوافق الكثير، وتحولت التهديدات الى حرب طاحنة في غزة واجتياحات في الضفة وصدام يومي وما زال المسلسل في أوله، كل هذا يا حماس وانتم ما زلتم رسميا أو شكليا تحت مظلة الشرعية فكيف يكون الحال اذا وقفتم عراة لا يستركم شيء؟
واذكركم بأن اللغة التي تستخدمونها لغة ما بين الشك واليقين لا تجدي شيئا وآخر من مزق ورقة التوت هو مارتن اندك الذي انتقد تفاوض نتنياهو معكم بينما هو يفشل التفاوض مع الرئيس محمود عباس!
اذا كانت شكوكنا مبالغا فيها فان موضوع الانتخابات هو خشبة الخلاص، خاطبوا اللجنة العليا للانتخابات بشكل رسمي صريح وليس عبر الصيغ التحايلية، ودعوا حكومة الظل في غزة تسلم حكومة التوافق صلاحياتها كاملة، واستعدوا للخطوة المقبلة تحت عنوان الشراكة الوطنية الكاملة، وما عدا ذلك فكله من باب فقه التحايل والمماطلة والخداع، وهذا فقه حباله قصيرة ونهاياته فاشلة.
المصالحة فقه الضرورة الوطنية ..ام فقه التقية الانفصالية: بقلم يحيى رباح
04-05-2015
مشاهدة: 847
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها