جرت الأربعاء الماضي الانتخابات السنوية لمجلس طلبة جامعة بيرزيت، التي تحتل أهمية خاصة في قراءة المزاج السياسي العام في الساحة الفلسطينية، رغم دوريتها. وجاءت النتائج لصالح كتلة الوفاء الاسلامية، التي حصدت 26 مقعدا، في حين حصلت كتلة الشهيد ياسر عرفات على 19 مقعدا، اما القطب الطلابي الديمقراطي التقدمي فحاز على خمسة مقاعد، وتحالف بيرزيت الطلابي على مقعد واحد.
بغض النظر عن المشاعر الخاصة والعامة تجاه النتائج، فما على المرء، إن كان يؤمن بالديمقراطية إلا أن يبارك للكتلة الفائزة أولا، ثانيا ان يقبل بخيار اللعبة الديمقراطية، ثالثا دعوة الكتل التي لم تفز الى استخلاص العبر والدروس من تجربة هذا العام، لعلها تستعيد عافيتها ومكانتها العام المقبل.
غير ان ما تقدم، لا يغني عن محاولة الوقوف على عدم محافظة كتلة شبيبة فتح على دورها في رئاسة مجلس الطلبة، وايضا لفقدان قوى اليسار لأي ثقل حقيقي في المجلس.
القراءة من مراقب لآخر، قد تختلف باختلاف الخلفيات والحسابات، إلا ان هناك عوامل عامة، يمكن قبولها القسمة على كل القراءات، منها: أولا غياب المتابعة اليومية لهموم ومشاكل الحركة الطلابية؛ ثانيا اعتماد سياسات خاطئة في التعامل مع الطلاب؛ ثالثا التلهي في القضايا الخاصة، وتغليبها على مصالح الطلاب؛ رابعا رؤية الحركة الطلابية لأخطاء كتلة الشبيبة وحركة فتح، وعدم تمكنها من الوقوف على سياسات وممارسات كتلة الوفاء الاسلامية التابعة لحركة حماس؛ خامسا الوقوع أثناء الحملة الانتخابية في اخطاء ارتدت سلبا على النتائج؛ سادسا غياب المتابعة القيادية الجدية، والركون لتقارير القيادات الطلابية، التي في العادة لا تكون دقيقة؛ سابعا الأزمة العامة، التي تعيشها الساحة الداخلية، انعكست عكسيا على المزاج العام للحركة الطلابية؛ ثامنا نقص الوعي العام في اوساط الطلبة الجدد، الذين ما زالوا يتلمسون الطريق الى خياراتهم النقابية والسياسية.
وعلى صعيد قوى اليسار، فمن الواضح، ان مكانتها تراجعت كثيرا في اوساط الحركة الطلابية، رغم ان الجبهة الشعبية بقيت محافظة على الحضور كقوة ثالثة بفارق كبير بينها وبين الكتلتين الأولى والثانية، لذلك اسباب عديدة منها: اولا عدم وحدة قوى اليسار في كتلة واحدة؛ ثانيا عمق الأزمة البنيوية في كل منها على انفراد وبشكل جماعي؛ ثالثا تراجع الحضور في اوساط الشارع الفلسطيني؛ رابعا غياب الامكانيات؛ خامسا عدم اقناع الحركة الطلابية بما تمثل؛ سادسا غيابها عن محاكاة قضايا الحركة الطلابية.
في المقابل استطاعت كتلة حماس الطلابية استغلال ثغرات كتلة فتح بشكل خاص وباقي الفصائل بشكل عام؛ وبذلت جهودا مضاعفة في التواصل مع الحركة الطلابية؛ وقدمت نفسها بشكل متواصل في دور الضحية؛ واستغلت ضعف وعي الحركة الطلابية لإظهار دورها كقوة "مقاومة"؛ واستغلت بعض الممارسات المبالغ بها من قبل الأجهزة الأمنية، للتحريض على حركة فتح والسلطة وممثليها في الحركة الطلابية؛ قوة الامكانيات المالية، التي وضعت تحت تصرفها.
ما تقدم محاولة متواضعة في قراءة نتائج الانتخابات في جامعة بيرزيت، الانتخابات الأهم في الحركة الطلابية. بالتأكيد النتائج هذا العام مخيبة لآمال وطموحات الوطنيين، لكنها فرصة كي تقف الكتل الطلابية عموما وكتلة حركة فتح خصوصا أمام تجربتها، ومراجعة شاملة وواقعية لوضع اليد على نقاط الضعف والخلل، بهدف التخلص منها، وتعميق العوامل الايجابية لاستعادة زمام الأمور في العام المقبل. ومبروك للكتلة الفائزة.
انتخابات بيرزيت : بقلم عمر حلمي الغول
25-04-2015
مشاهدة: 806
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها