يسابق نتنياهو الزمن منذ اكثر من اربع اسابيع الى تشكيل ائتلاف حكومي يمكنه من اعلان حكومة اسرائيل جديدة لكن يبدوا ان مفاوضات تشكيل هذا الائتلاف ليست بالسهلة لان نتنياهو يواجه ازمة حقيقية مع الداخل والخارج الاسرائيلي اي من داخل الليكود نفسه ومن الاحزاب السياسية التي يعتبرها شركائه الطبيعيين , لعل المعركة الداخلية بالليكود ان اعضاءه يدركوا ان نتنياهو لن يحق له ولاية خامسة ولا يمكنه التقدم للانتخابات حسب لوائح الحزب لمرة اخري لذا فانهم يسعوا للحصول على مراكز ومناقب سياسية متقدمة بالحكومة ليؤسسوا لأنفسهم قاعدة للانطلاق لخلافة نتنياهو وهذا الامر سيجعل نتنياهو يعتقد انه كالجسر الذي يمر فوقه كل من يريد ان يعتلى الحكم في الليكود من الان فصاعدا , اما على المستوي الخارجي فان جشع الاحزاب السياسية قد يفسد متعة نتنياهو في العنصرية والتفرد بالحكم لان الامر بات صعبا على نتنياهو ان يلبي ويحقق جشع كل شركائه الطبيعيين, وخاصة هناك وزارات سيادية يريدها شركائه كالجيش والداخلية والخارجية والامن و لجنة الاراضي .
مازالت الامور لم تحسم بين نتنياهو ونفتالى بينت بعد الاجتماع الاخير ومازال بينت يعارض اسناد حقيبة الشئون الدينية لحزب شاس ويعتبر هذا شرطا للانضمام الى الحكومة , ومازال ليبرمان يريد الخارجية وهذا اقل سقف يرضيه للانضمام للائتلاف نتنياهو, يمكن ان يرضي نتنياهو ليبرمان بالخارجية وبعض اللجان بغض النظر عن قناعة نتنياهو ان ليبرمان لا يصلح للخارجية , كحلون لا يريد كثيرا من نتنياهو فهو افضل من بينت و ليبرمان لأنه يرغب فقط بالمالية ودائرة اراضي إسرائيل والاسكان وهذا ثمن بسيط بالمقارنة مع ما يطلبه ليبرمان و بينت من وزارات سيادية قد تؤثر بالمستقبل على قوة قرار الليكود وبرامجه بالحكومة , لذا فان الاقرب لنتنياهو اليوم والذي بات متوقعا اكثر هو حكومة يمينة بالتوافق مع كحلون و البيت اليهودي و اسرائيل بيتنا وشاس ويهودات هتوراة .
طلب نتنياهو تمديد من رئيس اسرائيل رؤوفين ريفلين ومنحه الاخير اسبوعين ليتمكن من انهاء كل ما تبقي من مشاورات لإعلان الحكومة التي يسعي اليها , البعض من المراقبين بدأ يعتقد ان نتنياهو امام مشكلات حقيقيه قد تؤخر اعلان الحكومة الجديدة والبعض الاخر يعتقد ان الفترة ستمضي دون حكومة وبالتالي هناك احتمال ان يكلف هرتصوغ ليفني اي الكتلة الثانية لتبدأ مشاورات تشكيل الحكومة واعتقد ان هذا مستحيل لان نتنياهو لا يمكن ان ينتظر حتى تنهار كل اماله التي وصل اليها بعد فوزه بالانتخابات بفعل جشع الاحزاب اليمينية وبالتالي اقرب له ان يشكل حكومة يمينة ضيقة على التفريط بالحكومة لصالح ائتلاف العمل والحركة بقيادة ليفني هرتصوغ وتشكيل حكومة وحدة وطنية , واذا نجح نتنياهو في الاتفاق مع ليبرمان و بينت و اريه درعي فاننا امام حكومة اسرائيلية يمينية واسعة قادمة بلا برنامج سياسي وهذا قد يجعل عمر الحكومة اقصر من المتوقع فلا حكومة يمينة قادها نتنياهو انتهت فترة توليها الحكم نهاية طبيعية بل ان معظم الحكومات التي كان يراسها نتنياهو بقي على انتهائها فتره تقارب ثلث الفترة, لكن هذا كان خلال الحكومات السابقة التي كانت الى حد ما تتصف بالاستقرار السياسي فلا يمكن ان ينسحب هذا على حكومة نتنياهو المتوقعة لان هذه الحكومة تأتي والعالم يعرف ان نتنياهو يريد تجميد كل خطوات السلام ويريد ان ينفذ فقط برامجه الصهيونية المحضة على حساب حل الصراع الطويل , ويأتي في ظل خلاف عميق مع الادارة الامريكية وفي ظل ضجر اوروبي واسع من سياسية نتنياهو الماضية والاحباط من امكانية ان تأتى الحكومة الجديد بجديد بسب تنكره لكل افكار تطبيق حل الدولتين .
لم يعد ممكنا ان يعلن نتنياهو برنامج سياسي لأي حكومة يشكلها ولم يعد ممكنا بقاء الفلسطينيين في غرفة انتظار لياتي نتنياهو بجديد في سياسته ويبدي قبولا تجاه الحل الدائم وحتى لو جاءت اي حكومة يشكلها نتنياهو ببرنامج سياسي فانه بالأصل سيكون نفس برنامج الحكومة السابقة ولا اعتقد ان اختلافا ما يمكن ملاحظته بين البرنامجين , وهذا ما تم قراءته من التصريحات التي اخذت شكلا من الانحدار نحو مزيد من التطرف بل التمادي في العداء و العنصرية , و لا اعتقد ان شيئا جديدا يمكن ان يغير سياسة نتنياهو تجاه الصراع حتى لو شكل حكومة وحدة وطنية مع هرتصوع ليفني لان كلاهما يعمل دون ايمان واقتناع حقيقي بمبدأ حل الدولتين و تنفيذ قرارات الشرعية الدولية .
والشيء ذاته في اطار حكومة يمين ضيقة التي هي الخيار الثاني لنتنياهو اذا ما فشل خيار الحكومة الواسعة من خلال التوافق مع كحلون و احزاب الحريديم وبعد ان اقتنع ان جشع كحلون امر طبيعي بالمقارنة مع جشع شركائه الطبيعيين , لكن في النهاية فان اي حكومة اسرائيلية قادمة هي حكومة بلا برنامج سياسي وبلا رؤى وحكومة جمود واستيطان واعتقالات ولا شيء غير ذلك ولا يمكن ان يحقق امن واستقرار المنطقة بالفعل و بهذا فان اي حكومة يمينية يقودها نتنياهو ستبقي بلا برنامج سياسي طوال فترة وجودها بالحكم ولا يمكن لهذه الحكومة ان تتجاوز تقديم بعض التسهيلات الاقتصادية للفلسطينيين وتوسيع صلاحية السيطرة على المناطق الفلسطينية , بالإضافة لمزيد من الاعتقال بحق الشبان الفلسطينيين وكل من يناهض الاحتلال ويقاوم التغول الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس التي ستعمد حكومة نتنياهو القادمة الى الاسراع بعزلها عن محيطها الفلسطيني بالضفة الغربية للحيلولة دون ان تصبح عاصمة للدولة الفلسطينية بالمستقبل .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها