حضت منظمة «هيومن رايتس ووتش» دولة فلسطين على الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية بهدف حماية حقوق الإنسان في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال الباحث المختص في إسرائيل وفلسطين في المنظمة بل فان ايسفيلد لـ «الحياة» إن انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية يشكل خطوة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان.

جاء ذلك على هامش مؤتمر صحافي عقدته المنظمة أمس في رام الله، وأعلنت خلاله تقاريرها السنوية عن أوضاع حقوق الإنسان في فلسطين وإسرائيل ومصر وسورية. وقال ايسفيلد إن المنظمة توصلت إلى هذه القناعة بعد حصول فلسطين على مكانة «دولة غير عضو» في الأمم المتحدة الخريف الماضي.

وحدد ايسفيلد في المؤتمر الصحافي الانتهاكات الإسرائيلية لقوانين محكمة الجنايات الدولية بـ «الاستيطان وهدم البيوت ونقل السكان واستهداف المدنيين». لكنه قال إن خرق قوانين محكمة الجنايات الدولية «ليس طريقاً في اتجاه واحد»، مشيراً إلى أن ممارسات بعض المجموعات المسلحة في قطاع غزة تشكل أيضاً خرقاً لقوانين المحكمة، مثل عمليات القصف العشوائية لتجمعات سكانية إسرائيلية.

وجاء في التقرير الذي عرضه مسؤولون في المنظمة خلال المؤتمر الصحافي: «ارتكب كل من القوات النظامية الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة، انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب أثناء القتال الذي دام ثمانية أيام في تشرين الثاني (نوفمبر)». وأضاف التقرير: «لم يُحرز أي من الطرفين تقدماً يُذكر على مسار توفير العدالة على الانتهاكات المرتكبة أثناء نزاع 2008 – 2009، وهي الانتهاكات التي يمكن التصدي لها من خلال منح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص للتحقيق في الضفة الغربية وقطاع غزة».

وقال نائب مدير قسم البرامج في «هيومن رايتس ووتش» توم بورتيوس: «ارتكبت السلطات الإسرائيلية والفلسطينية انتهاكات حقوقية جسيمة، وأخفق حلفاء الطرفين في الضغط عليهما بما يكفي لإحداث التغيير». وأضاف: «على قادة المنطقة وخارجها خلال العام الجديد بذل جهود أكثر لكسر هذه الدائرة من الإفلات من العقاب والانتهاكات، بما في ذلك عن طريق دعم دخول فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية بدلاً من محاولة منعها عن ذلك».

وقالت المنظمة إن «إسرائيل تورطت في ممارسات تمييزية في الضفة، وأثناء عام 2012، قامت قوات الأمن الإسرائيلية، في مخالفة للقانون، بهدم مئات المنازل والبنايات الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. كما منعت سكان الضفة من الوصول إلى الموارد الطبيعية والمرافق الأساسية، وشردت نحو 900 شخص، طبقاً لتقديرات الأمم المتحدة».

وانتقدت نظام القضاء الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية الذي قالت إنه يعفي المستوطنين. وقالت إن هذا النظام عرّض الفلسطينيين، وبينهم المدافعون عن حقوق الإنسان، للاحتجاز التعسفي لمدد طويلة، وأخضعهم لاعترافات منتزعة بالإكراه، ومحاكمات غير عادلة. وأضافت: «في غالبية القضايا، أخفقت السلطات الإسرائيلية في إدانة أي شخص على الهجمات التي يظهر أن مستوطنين نفذوها وأضرت بفلسطينيين أو بممتلكات فلسطينية.

وقالت إن أجهزة الأمن التابعة للسلطة مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الضفة خلال عام 2012، مشيرة إلى أنها نفذت اعتقالات تعسفية، وضايقت صحافيين ومدونين، وضربت متظاهرين سلميين، واعتدت عليهم. وقالت: «في أكثر من 150 حالة وثقتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، قامت أجهزة الأمن، وفق المزاعم، بتعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم. ورغم وجود أدلة دامغة في بعض القضايا، لم تتم إدانة أي مسؤول أمني». حسب قولها.

وأضافت: «أما في قطاع غزة، فنفذت سلطات حماس ست عمليات إعدام بأحكام قضائية عام 2012، بعضها إثر محاكمات غير عادلة. ولم تقاضٍ أي شخص على سبع عمليات إعدام خارج نطاق القضاء نُفذت في تشرين الثاني (نوفمبر) بعد أن تمكن القتلة من إخراج الضحايا من السجون».

وانتقدت المنظمة سياسات إسرائيل ومصر إزاء قطاع غزة، قائلة إنها تعرقل معافاة الاقتصاد «الغزي». وأضافت: «تقوم إسرائيل، بدعم من مصر، بحظر كل الصادرات تقريباً. بعد القتال في تشرين الثاني، خففت إسرائيل من قيودها على إتاحة الأراضي الزراعية للفلسطينيين ومياه الصيد، لكن استمرت في تهديد المدنيين الفلسطينيين بالقوة المميتة في المناطق القريبة من الجدار الحدودي وما يتجاوز ستة أميال بحرية عن الشريط الساحلي. كما منعت إسرائيل سكان غزة من السفر أو التنقل إلى قطاع غزة حيث لهم عائلات وصلات أخرى قوية».

وقالت إن تجدد القتال بين إسرائيل وغزة في تشرين الثاني أسفر عن العديد من انتهاكات قوانين الحرب من الطرفين. ووثقت الغارات الجوية غير القانونية التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 44 مدنياً فلسطينياً بينهم أطفال في غزة. وجاء في التقرير: «كما أطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة مئات الصواريخ على مراكز سكانية إسرائيلية في خرق لقوانين الحرب، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين. يبدو أن الصواريخ التي لم تصل إلى أهدافها المقصودة في إسرائيل قتلت ما لا يقل عن فلسطينيين اثنين في قطاع غزة».

واستعرض التقرير الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل ضد سكانها العرب، مثل هدم السلطات الإسرائيلية منازل العشرات من العائلات البدوية في النقب، ورفض توفير البنية التحتية اللازمة لعشرات الآلاف من السكان في القرى «غير المعترف بها». وقال إنه في بعض الحالات وافقت سلطات التخطيط على خطط بتجمعات سكنية يهودية من المقرر بناؤها في مواقع قرى بدوية قائمة فعلاً.