-لا أعرف درور زرسكي ، أهو كاتب أو ماذا يعمل ، ولكنني قرأت مقالته المترجمة عن العبرية في معاريف يوم 24/3/2014 ، والمنشورة تحت عنوان " الإحتلال جعلنا دولة غير عادية " ، والذي كتب فيه عن مستوطن مستعمر قادم من روسيا ، لم يعجبه منظر العلم الفلسطيني مرفوعاً فوق بيت فلسطيني مجاور في مدينة الخليل ، فإقتحم منزل الخليلي وأمام مسمعه ورؤيته قام بإنزال العلم الفلسطيني في ظل حماية جنود الإحتلال ورضاهم ، ودوافعه لذلك ، أن مشهد العلم الفلسطيني مرفوعاً فوق البيت الفلسطيني  يتعارض مع مقولته التي أطلقها أمام صاحب البيت الخليلي بقوله " بلاد إسرائيل كلها لنا " ، وقد جرت هذه الوقائع أمام قائد كتيبة حماية الستوطنين المستعمرين ، لأن العلم في نظر ضابط الكتيبة ، يشكل مظهراً استفزازياً ، ويمس الأمن الإسرائيلي ، ومشاعر المستوطنين .

وكتب درور زرسكي معقباً على الواقعة التي تم تسجيلها بشريط فيديو ، كتب يقول :       " نحن سنواصل الصراخ على الجميع ، أن بلاد إسرائيل ، أُعطيت لنا قبل ألفي سنة ، وإذا تجرأ أحد ما على أن يعلق على سطح بيته ، علماً وطنياً فلسطينياً ، فإننا سنبعث له ذلك المهاجر إلى إسرائيل قبل يومين ، ليبلغه أن بلاد إسرائيل كلها له ، والفلسطيني الذي تسكن عائلته هنا منذ مئات السنين ، ليس أكثر من ضيف غير مرغوب فيه ، ولذلك سنصرخ بالجنود أن هيا إلى الأمام ، فالعدل يجب أن يتحقق ، وليس فقط أن نراه أو نسمع عنه ، سنصرخ في وجوههم أنزلوا العلم الفلسطيني من هناك " .

صورة سجلها درور زرسكي ، تكشف حقيقة الاحتلال وجرائمه المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني  ، ومدى تغوله على أصحاب الأرض وعلى حياة الناس فيها ، والمس بهم ، والنيل من كرامتهم ، صورة تفضح محاولات تزييف الواقع ، وتغيير معالمه ، من وجوه أجنبية طارئة ، مهاجرة مستعمرة ، تسعى لتشويه التاريخ وأصحابه ، ولكنها في نفس الوقت رغم مرارة الإنطباع ، وقسوته على الشعب الفلسطيني ، ولكن ما سجله دروز زرسكي والإستخلاص الذي وصل إليه ، يعكس  وجود إسرائيليين شجعان ، لا يقبلون المس بالآخرين ، لأن أجدادهم وآباءهم وعائلاتهم تعرضت للتشويه والأذى ، على أيدي النازيين والفاشيين  في أوروبا ، فيتبرأون من ممارسة الأذى بحق الأخرين ، وذاقوا صنوف العذاب ، فلا يقبلونه للأخرين ، تلك هي حصيلة الدرس الذي يجب أن يتعلمه اليهود في سلوكهم مع الفلسطينيين . 

نضال الشعب العربي الفلسطيني ، المشروع في سلوكه ، والعادل في تطلعاته ، والواقعي والإنساني في أطروحاته نحو حل الصراع في إطار حل الدولتين المتجاورتين ، أو في إطار دولة ديمقراطية واحدة ثنائية القومية ، متعددة الديانات ، تحتكم لنتائج صناديق الإقتراع ، هذا النضال الذي يعتمد على نضال الفلسطينيين أنفسهم وتضحياتهم وبسالة فصائلهم الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية ، يحتاج لتضامن ومشاركة الإسرائيليين في هذا النضال ، ضد المشروع الإستعماري العنصري الإسرائيلي الصهيوني ، فالفلسطينييون يقدمون حلولاً واقعية عادلة للإسرائيليين قائمة على الشراكة وحُسن الجوار والحياة المشتركة ، لا إلغاء ولا تصفية أو إقصاء ، بل يقدمون حلولاً تسمح للشعبين أن يعيشا معاً على الأرض الواحدة ، بدون أن يُلغي أحدهما الأخر لا في ثقافته ولا في قوميته ولا في تاريخه ، ولا في تطلعاته . 

المشروع الإستعماري العنصري الإسرائيلي لم يستطع كسب فلسطيني واحد يتصف بالنظافة والمنطق والعقل ، بينما إستطاع الفلسطينييون كسب العديد من اليهود ومن الإسرائيليين ، لسببين جوهريين ، أولهما لعدالة قضيتهم المجسدة بقرارات الأمم المتحدة ، وثانيهما لديمقراطية وواقعية الحلول التي يقدمونها ، ولذلك إذا كانت التهم الموجهة  لجدعون ليفي وعميره هاس وللنائب دوف حنين الذي نجح ضمن القائمة المشتركة لعضوية البرلمان ، على أنهم من اليسار وشيوعيين ومؤيدين للشعب الفلسطيني وحقوقه ويكتبون عن معاناته ويؤيدون إستعادة حقوقه الثلاثة المتكاملة غير القابلة للتبديد أو التلاشي وهي : 1- حقه في المساواة في مناطق 48 ، 2- حقه في الإستقلال في مناطق 67 ، 3- حقه في العودة للاجئين مع إستعادة ممتلكاتهم المنهوبة والمصادرة ، وقد بدا واضحاً أن ثمة إنحيازات إسرائيلية واقعية متباينة في درجة إنحيازها ، ومختلفة في درجة وعيها وفهمها لحقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم ، وها هو درور زرسكي أحدهم  الذي يستحق ليس فقط الإهتمام ، بل والإحترام