تغيب القضية الفلسطينية تماماً عن الاهتمام وذلك في خضم الأحداث الملتهبة في المنطقة العربية والعالم. ولهذا يكون من اللافت أن يوافق البرلمان الإيطالي يوم الجمعة الماضي على اقتراح يحث الحكومة الإيطالية على الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة داخل حدود 1967م. كذلك من اللافت أن تصوت برلمانات إسبانيا وإيرلندا وبريطانيا وفرنسا والبرتغال وبلجيكا لصالح إقامة دولة فلسطينية وأن تعترف الحكومة السويدية رسمياً بدولة فلسطين!.
وبسبب هذا الغياب الكبير الذي تسجله القضية الفلسطينية وانحسار الاهتمام بها تماماً في السنوات الأخيرة فإننا نفرح حينما تتخذ بعض البرلمانات الأوروبية قرارات بالاعتراف بفلسطين كدولة حتى وإن كانت تلك القرارات غير ملزمة للحكومات.
ولو عادت بنا الذاكرة إلى عقودٍ ليست ببعيدة بالمقياس الزمني لتاريخ هذه القضية لتذكرنا أن كل مَنْ كان يتحدث عن إقامةدولة فلسطينية داخل حدود 1967 يتم وصمه بالخيانة، فقد كانت الأحلام حيَّة وكبيرة باستعادة فلسطين «من النهر إلى البحر»!.
اليوم نحن نعيش في زمن داعش الذي تُجز فيه الرقاب ويُقتل الناس وتُحرق المكتبات وتُحطم المتاحف، ولم يعد أحدٌ يملك رفاهية التفكير في قضية فلسطين التي لازال قادتها يختصمون ويتحاربون لأن كل فريقٍ منهم يعتقد أن فكرته عن تحرير فلسطين هي الأصوب.
نحن نعيش في زمن المليشيات والحشود الشعبية ومقاتلي القبائل والفرق المؤدلجة والجيوش الخائبة، وقد ضاعت الأوطان العربية وتقسمت وتشرذمت واكتظت باللاجئين الجوعى العراة المرضى الذين صاروا من فرط الشقاء يحسدون أهل فلسطين على العيش البائس في ظل الاحتلال الإسرائيلي!!.
في مثل هذا الزمن المرير لا أحد يتذكر فلسطين! ولا أحد يفتقد غياب المسجد الأقصى الذي يأتي ذكره في ذيل نشرات الأخبار عندما يمنع الصهاينة أهل فلسطين من أداء صلاة الجمعة في رحابه؛ بل نحن ننسى أن الكارثة أكبر من منع المصلين من دخول المسجد ذات جمعة وإنما هي في احتلال القدس بالكامل بكل رمزيتها الدينية ومساجدها وتاريخها الطويل الذي يريد الصهاينة إقناع العالم بأن الحضور العربي والإسلامي فيه هو مجرد فصل صغير لا قيمة له.
لهذا نحن نفرح عندما تتخذ بعض البرلمانات الأوروبية قرارات صغيرة غير ملزمة لحكوماتها بالاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة داخل حدود 1967 المنقوصة «مع الأخذ بالاعتبار المصالح المشروعة لدولة إسرائيل» حسب تعبير البرلمان الإيطالي الذي جاء قراره غير الملزم مكبلاً بالكثير من التحوطات التي تجعله فاقداً لأي قيمة عملية.
أفراح صغيرة في الزمن الكئيب، فالبديل هو مشاهدة أبناء جلدتنا {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ} في العراق والشام وليبيا واليمن ونيجيريا وأفغانستان وغيرها، وفي النهاية.. لا أحد يتذكر فلسطين.