رغم ان تجربتنا مع حركة حماس، لا تشجع على نصيحتها، لانها تعتبر النصيحة رجما او ضغينة؛ لكن الفائدة ربما تتحقق من نصحها، بما سيأتي في هذه السطور، حين تأخذ علما، بان الناس تعرف جذر المشكلة!
واضح من خلال ردود الافعال في غزة، على موضوع قرار المحكمة في مصر، وهو ما تناولناه في عدد الامس؛ واضح ان جماعة «الاخوان» تدير السجال من الجانب الحمساوي، ولا نقصد هنا الحلقة الفلسطينية منهم، وانما المركز الاقليمي لهم. فالمفردات المستخدمة تتبدى معطوفة على معركة هذه الجماعة مع الدولة في مصر. واظن ان «الاخوان» رأوا في موضوع حماس في غزة ومصر، مادة مناسبة لصرف الانتباه عن اشكاليات قائمة بين «الاخوان» انفسهم في الاردن، ومناسبة كذلك للوافر على معنوي يساعد على لملمة وضع الجماعة الاردنية بشفاعة ما ترمز اليه غزة وحماس، من قيمة جهادية تم تكريسها واعلاء شانها، مع التغافل عن اخطاء وتجاوزات في غزة، اوصلت امور هذا الشريط الساحلي الضيق، الى حال السجن والشدة والبؤس الذي يستحق استدرار التعاطف، وهو سجن اضيق من بعض السجون في اميركا مثلا. ومثلما تأبطت حماس غزة المحاصرة، وادخلتها في سياق مشروع موهوم، عجزت عن النهوض به دول ذات جيوش لها اسلحة بر وبحر وجو؛ نلاحظ ان هذه الحركة تريد ان تزج بنفسها في نزاع مع مصر، بذريعة ثرثرات اعلامية وحكم قضائي، بدل اعتماد منهج عمل يُنهي الخلاف مع مصر ومع السلطة الوطنية معا، من خلال الاقلاع تماما عن الانحياز لطرف في معركة الجماعة مع النظام، والتأكيد التام على احترام الدولة ومراعاة امنها، على قاعدة ان الدولة اكبر من النظام، والامن صنو الحياة والاستقرار مبتغى الشعب.
مركز «الاخوان» الاقليمي الذي يحرّض حماس في غزة على التغالظ مع الحكم في مصر، لغايات يريدها؛ لا تهمه غزة ولا شعبها، فكأنهما منذوران للعذاب. ذلك علما بأن «الاخوان» في الاقليم، هم أبرع من يسايرون الانظمة التي يعيشون في كنفها، هذا ان لم يتحالفوا معها ضد خصوم يعتمدون الايديولوجية الحزبية نفسها (ولا نقول العقيدة). في الجزائر، كان الشيخ المرحوم نحناح، قد اصطف دون تردد مع قطع المسار الانتخابي لمصلحة وحدة البلاد، ولم يكترث للتفاصيل. وفي تونس يمثل الشيخ الغنوشي مدرسة على هذا الصعيد. اما في العراق فحدث ولا حرج، فقد ضربوا مع الاخرين (وما ادراك ما الاخرين) عن قوس واحدة. وحماس نفسها، تحالفت مع النظام في سوريا وكان منبر هجائها لسائر مكونات المشهد الفلسطيني ولفتح وللسلطة هو دمشق التي تُحكم بدستور ذي مادة تقر بعقوبة الاعدام على المنتمي للجماعة من «الاخوان» السوريين. اليوم، في نزاع «الاخوان» مع الدولة في مصر، لانهم فقدوا حُكما لم يستقر لهم؛ يحثون على العنف، ويغامرون بالمصريين البسطاء، ويريدون لغزة، من خلال حماس فيها، ان تكون كبش المحرقة.
ننصح الاخوة في حماس ان يختصروا الطريق، وان يوفروا على انفسهم وعلى غزة عذابات جديدة. فمصر لن تهجم على غزة، وقرار محكمة ليس هو سياسة الدولة، والمسائل يمكن حلها بمنطق ووجهة رشيدين!