يلتئم المجلس المركزي لمنظمة التحرير في 4و5 آذار الحالي في مقر الرئاسة بمدينة رام الله لمناقشة التحديات السياسية والاقتصادية، واستشراف أفق المستقبل. بالضرورة الموضوعات المثارة، والتي يتضمنها جدول اعمال المجلس، لن تكون جديدة بالمعنى الدقيق للكلمة، لاسيما وان العناوين الاساسية، مازالت تطرح نفسها يوميا على طاولة صانع القرار الفلسطيني. غير ان الدورة الـ27 للمجلس، ستتوقف امام مفاصل جديدة في المسألتين الوطنية والعملية السلمية والعلاقة مع اللاشريك الاسرائيلي، بهدف حماية المصالح والاهداف الوطنية العليا، وهز العصا بعد ان قدمت القيادة الجزر الف مرة للحكومات الاسرائيلية والادارات الاميركية المتعاقبة.
عشية انعقاد الدورة لم تتوقف الاتصالات والضغوط الاميركية والاسرائيلية والعربية والاوروبية على الرئيس محمود عباس، بهدف الحؤول دون إقدام القيادة على اتخاذ اية خطوات تصعيدية على صعيد الحراك السياسي على الساحة الدولية امر العلاقة مع دولة الاحتلال، وربط ذلك بوعود بان تعيد حكومة نتنياهو تحويل اموال المقاصة لخزينة السلطة، لكن بعد الانتخابات، لذا تم الطلب من بعض الاشقاء العرب ودول الاتحاد الاوروبي تغطية العجز في الموازنة لحين الانفراج. وتم ربط الضغط بالتلويح بعصا المقاطعة وغيرها من الاجراءات التكبيلية والجزرية للقيادة والقضية على حد سواء.
المنطق العقلي يفرض علينا هنا التعامل بروية ومسؤولية المشروع الوطني، وتجاه حماية القضية والاهداف الوطنية من التآكل نتاج جرائم الحرب الاسرائيلية، بمقدار ما تفرض عليها المسؤولية الحرص على ابقاء الجسور مفتوحة مع دول العالم كلها خاصة اقطاب "الرباعية الدولية"، دون القبول بسياسة لي الذراع الاميركية الاسرائيلية وحتى العربية. لان هذه السياسة تتنافى مع الكفاح التحرري. لاسيما وان العالم من اقصاه إلى اقصاه يعلم ان الرئيس عباس ووفده المفاوض واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي للمنظمة ومختلف مراكز القرار الفلسطينية تعاملت بروحية عالية من المسؤولية، وقدمت كل الاستحقاقات المطلوبة منها لدفع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67 وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194 الى الامام، والطرف المعطل بعلم الجميع كان ومازال اللاشريك الاسرائيلي. وبالتالي على كل من يلقي بحمال ضغوطه على القيادة الفلسطينية خاصة الادارة الاميركية ووزير خارجيتها، ان توجه ضغوطها على صناع القرار في إسرائيل، لفرض التسوية السياسية. وان تحذر من الافراط بلي عنق الحقيقة، لان صبر الرئيس ابو مازن والقيادة والشعب نفد، ولم يعد هناك متسع من الصبر.
الامر الاخر، الذي يحتاج إلى رؤية غير عادية، هو موضوع المصالحة الوطنية. لا بد من ايجاد مخرج لهذه المعضلة المعقدة. لان الامر ليس فقط التنفيذ الشكلي لورقة المصالحة المصرية، ولا تشكيل حكومة توافق وطني دون اثر في الواقع العملي، الامر يحتاج إلى الوقوف على حقيقة موقف حركة حماس من المصالحة، هل هي فعلا تريد المصالحة الوطنية؟ واذا كانت تريدها فعلا، هل هي مستعدة للتخلي عن حكومة الظل، التي تهيمن على شؤون العباد في محافظات الجنوب؟ وهل لديها الاستعداد الفعلي لتسليم المعابر كاملة دون نقصان، وازالة كل ما له علاقة بها لحين ترتيب الوضع الداخلي؟ وهل لدى ذراعها العسكري «كتائب عز الدين القسام» الاستعداد للالتزام بالسلاح الواحد والقوة الامنية الواحدة؟ وهل لدى حماس الشجاعة للاعلان لقاعدتها بشكل واضح وليس عبر تصريح من هنا وآخر من هناك بالالتزام بخيار حل الدولتين على حدود عام 67؟ وهل هي معنية ان تكون جزءا من النسيج الوطني الفلسطيني بكل دلالاته ومضامينه؟ وهل لديها الاستعداد للكف عن التدخل في الشؤون الامنية العربية وخاصة مصر؟ وهل لديها الاستعداد لايجاد مسافة بينها وبين مكتب الارشاد الدولي؟ وهل هي مستعدة لاسقاط خياراتها الفئوية واجنداتها العربية والاقليمية وتغليب المصالح الوطنية العليا عليها؟ وهل هي مستعدة حقيقة للشراكة السياسية ام تناور لتبقى اسيرة الدور المرسوم لها من قبل جماعة الاخوان المسلمين؟
اسئلة عديدة تحتاج إلى إجابة من الكل الوطني لدفع عربة المصالحة والوحدة الوطنية للامام. لعل الدورة الـ27 للمجلس المركزي تجيب عليها.
الدورة الـ27 للمركزي: بقلم عمر حلمي الغول
03-03-2015
مشاهدة: 677
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها