عصر الاستراتيجية الفلسطينية الثالثة؟

"أحمد عزم- الغد الاردنية"

قبل أيّام، وفي ندوة عامة متلفزة في رام الله كنتُ ضمن حضورها، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، د. نبيل شعث، إنّ هذه المرحلة تشير إلى دخول العمل الفلسطيني مرحلة تاريخية ثالثة جديدة، ضمن تاريخ الحركة الوطنية المعاصرة. الأولى، مع انطلاقة الكفاح المسلح؛ واستمرت من العام 1965 لنحو 28 عاما، حتى توقيع اتفاقيات أوسلو. والثانية، استمرت نحو 22 عاما، منذ "أوسلو" وحتى اليوم، وقامت على التفاوض والعملية السياسية.

والدكتور شعث من القيادة التاريخية التي تلقى احتراماً كبيراً في مختلف الأوساط السياسية الفلسطينية، ويصعب أن تختلف معه؛ لما يطرحه من خطاب متوازن، جامع للقوى الوطنية، ويتضمن بعداً استراتيجياً يجمع الأدوات النضالية، من سياسية ومقاومة أخرى في تصورات مقنعة. وفي حالة الاستراتيجية الجديدة، الحديث عن التدويل والمقاومة الشعبية والوحدة الوطنية. ولكن المشكلة التي قد تواجه المستمع "وهو ما عبّرت عنه في الندوة"، أنّ د. شعث ربما يتحدث عمّا يجب أن يكون، وما يحاول هو وآخرون أن يكون، فيما هناك أصوات واتجاهات وعوامل وقوى أخرى تدفع باتجاهات مختلفة، أو اتجاهات سكونيّة تعيق الفعل لسبب أو آخر.

الآن، تم تعيين لجنة وطنية عليا مسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، تضم عددا كبيرا من الفعاليات والقوى الوطنية الفلسطينية. وهذه اللجنة ربما تكون قد أُوجدت لأسباب مختلفة ومتعددة، تشمل عدا متابعة هذا الملف بشمولية، أن يتحمل الجميع تبعات الذهاب للمحكمة. ومن هنا، يوجد أشخاص من حركة "حماس" ومن اليسار الفلسطيني، ومن المجتمع المدني، بما في ذلك الشرائح المشتغلة بالقانون الدولي. وبحسب طرح الرئاسة الفلسطينية، فإنّ التبعات التي قد تنشأ عن الانضمام للمحكمة الدولية ربما تتضمن ملاحقة فلسطينيين. وبالتالي، لا يريد الرئيس محمود عباس أن تحمّله فصائل فلسطينية مسؤولية متابعة أو مساءلة أعضاء فيها، فأصّر على توقيعهم على قرار الذهاب للمحكمة، والآن يدخلهم في عملية إدارة الملف. بغض النظر عن دوافع اختيار هذه الأسماء، فإنّها خطوة مهمة جداً، لو قيّض لها أن تنجح؛ من حيث أن تكون هناك إدارة جماعية للملف. فقد تشكل سابقة مهمة، يمكن تكرارها في إدارة ملفات مختلفة، خصوصاً أنّه لا يمكن الفصل بين هذا الملف "المحكمة" وملفات التفاوض وغيرها من الملفات المختلفة. ومن ثم، هي تجربة لإدارة جماعية لواحد من ملفات الصراع. بطبيعة الحال، من غير المستبعد أن يثير تعيين اللجنة ضجة كبرى، خصوصاً عند الإسرائيليين الذين سيتحدثون عن مندوبين لحركة "حماس" وغيرهم في اللجنة التي تتابع أمر محاكمة إسرائيل. ولعل من اللافت، وذي الدلالة، طريقة تغطية صحيفة مثل "تايمز أوف إسرائيل" لخبر اللجنة. إذا قالت إنّه تم تعيين كبير المفاوضين الفلسطينيين السابق صائب عريقات، لإدارة اللجنة. والخطاب الإسرائيلي يتمثل في أنّ الذهاب للمحكمة هو هروب من المفاوضات. وهي قضية سيتم التركيز عليها إسرائيليا، ولكن هذا لا يجب أن يلغي المضي في هذا الدرب.

إذا قيّض لهذه الخطوة أن تنجح وتبلغ مداها، ولم يتعثر ويتجمد إطار العمل هذا، فإنّه يمكن الحديث فعلا عن استراتيجية ثالثة جديدة، تعمم. ويكون من مكوناتها، ثلاثة عناصر رئيسة، هي: التدويل، والمقاومة الشعبية، والوحدة الوطنية. وعدا وجود الفصائل في التشكيل، فإنّ وجود أشخاص مثل حنان عشراوي ومصطفى البرغوثي وغيرهما من أصحاب القدرة على مخاطبة الرأي العام العالمي، ووجود حقوقيين متخصصين من المجتمع المدني، مثل شعوان جبارين وممدوح العكر، سيكون إضافة نوعية وفاتحة لإضافة الكفاءات والطاقات في إدارة ملفات العمل اليومي للصراع. وإذا كانت هناك لجنة وطنية لإدارة شؤون المحكمة الجنائية الدولية، فما الذي يمنع من تأسيس لجان ومرجعيات لملفات أخرى، منها تفعيل عمل منظمة التحرير الفلسطينية. إنّ تفعيل أطر من هذا النوع يمكن أن يصل إلى تكوين قيادات موسعة أو غير ذلك، لإدارة ملفات الصراع، بما يتضمن حقا استراتيجية جديدة تمزج المقاومة والسياسة بشكل فاعل.

 

فلسطين التاريخ واسـرائيل الجغرافيا

"الدستور-عمر كلاب"

لا يحتاج الطالب العربي الى مزيد من الارباك الفكري والمعرفي وسط سيلان  مهول من المعلومات غير الخاضعة للتحكيم العلمي وافكار متطرفة تأتي على شكل فتاوى دينية تضع الاسلام المعتدل في اصعب مواجهة فكرية منذ فجر التاريخ , ودون شك فإن الاختلال المعرفي يفتت منهج العقل ويجعله قابلا للسيولة الفكرية ومنبسطا للبناء داخله لكل راغب في تشويه العقل

في درس التاريخ ومناهجه يقرأ الطالب عن فلسطين واغتصابها وعن البطولات الأردنية لنصرة الشعب الشقيق وعن قداسة القدس ومقدساتها ويقرأ عن الخلافة الراشدة وسلوك الخلفاء في النزاهة واحترام حقوق البلاد والعباد , ويصدمه الاطلس الجغرافي المقرر من وزارة التربية حين يكتشف عدم وجود اسم فلسطين على الخرائط العربية المقررة في المناهج .

الصدمة المعرفية هي الفسحة التي ينفذ منها كل راغب بتشويه العقل والاستثمار في حشو الدماغ , وهناك من يعمل على توسيع هذه الفجوة ويستثمر في مساحة الفراغ الحاصلة الآن بين كتاب التاريخ وأطلس الجغرافيا الذي ينكر وجود فلسطين على خرائطه فيما تزخر كتب التاريخ بالبطولة والتعبئة لتحرير فلسطين .

نحن امام مراجعة للمناهج لتطوير الاداء المعرفي للطلبة والاهم تطوير الفهم الوطني وازالة الاختلال في اذهان الجيل الجديد , واستمرار هذه الفجوة في المعرفة والتربية الوطنية ستنتج جيلا مشوها قابل للانزلاق وقابل اكثر لمبدأ التشويه , فالمعرفة بداية تكوين الوعي وتشكيل هذا الوعي الزائف اول الخطر واول الاختلال فكل علماء التربية يقولون عن خطورة التكوين في المراحل الاساسية .

اطلس الجغرافيا يقلب كل المفاهيم التي يتربى عليها اطفالنا وشبابنا في البيوت والمجالس ويقلب اكثر كل ما يرونه على شاشات الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي , فنحن مجتمع على تماس مع فلسطين بل هي قضية محلية  فكيف نبني التاريخ على اساس جغرافي مزور ومهزوز , وكيف سنقلب قناعة طفل رضع وجود فلسطين مع حليب الامهات .

الحرب على الارهاب ليست حربا ضد تنظيم وعصابة فقط بل ضد كل اختلال معرفي والارهاب الاخطر هو السرطان الذي ينخر جسد الامة المتمثل في دولة الكيان الصهيوني الغاصب , فكيف سنقنع جيلا بجدارة حربنا على الارهاب اذا لم يكن اول ارهاب مستهدف هو الارهاب الصهيوني الذي انتج بوجوده كل اشكال الارهاب الفكرية والدينية , فكل عصابات الارهاب تقتات على معركتنا مع الصهيونية وتتسلل الى وعي شبابنا بحربها المقدسة ضد الوجود الصهيوني

نحترم جهد وزير التربية والتعليم وجهد الوزارة المخلص في اعادة قراءة المناهج وتطويرها واسترداد هيبة التعليم  , بقاء هذا الاختلال لن يسعفهم في جهدهم وعليهم اعادة الاعتبار للجغرافيا والتاريخ معا بنفس القوة التي نبحث فيها عن اعادة الاعتبار للثانوية وشهادتها , فشهادة الثانوية على اهميتها ليست اغلى من فلسطين الغائبة عن اطلس التربية مواجهة الارهاب والتطرف تبدأ من التعليم والتربية وازالة كل اشكال التشويه المعرفي والفكري عن الدين الحنيف اولا وعن المناهج وعن كل اشكال تكوين وتشكيل الوعي للجيل الجديد الذي يستقبل كل ساعة الاف المعلومات واذا لم يمتلك مهارة وثقافة غربلة المعلومات فلن يصمد امام الارهاب والتطرف وامام حالة الضياع والعبثية

 

 

 

إسرائيل قبل خمسة أسابيع من.. «الاستحقاق الكبير»!

"محمد حروب- الراي"

يقترب السابع عشر من اذار «الاسرائيلي» فيما «تَتَظهّر» الخريطة الحزبية على نحو مفاجئ, لا يترك للمتابع فرصة لاعادة تجميع اجزاء الصورة المركبة, التي بدت بعد انهيار ائتلاف نتنياهو اثر قراره إقالة وزير المالية يئير لبيد زعيم حزب يش عتيد "يوجد مستقبل" ووزيرة العدل تسيبي ليفني رئيسة حزب هتنوعاه "الحركة", ما ادى الى حلّ الكنيست رقم 19 نفسه والذهاب الى انتخابات مبكرة, ظن كثيرون انها ستطيح نتنياهو الذي لن يجد له حليفاً "أو حلفاء" بعد الانتخابات هذه, سوى الاحزاب الدينية المتطرفة, اضافة الى حزب «المستوطنين» المسمّى البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينيت الاكثر تطرفاً وعنصرية في الساحة الصهيونية.

الانتقادات اللاذعة التي يوجهها كثيرون في وسائل الاعلام, من ساسة وكتّاب ومواطنين عاديين لنتنياهو, فضلاً عن تصريحات قادة الاحزاب المنافسة وبخاصة في المعسكر الصهيوني "اطلق زعيم حزب العمل اسحق هيرتسوغ وحليفته رئيسة حزب الحركة تسيبي ليفني على تحالفهما هذا الاسم, الذي أنكره عليهما قادة اليمين الصهيوني باعتبارهما يساريين "..." ويعارضان الفكرة الصهيونية, كما زعم هؤلاء".. إضافة الى التسريبات حول فساد نتنياهو وزوجته سارة واحتمالات تضررهما من الدعوى التي اقامها عليهما مدير منزلهما, ناهيك عن حكاية «القناني» المُسترجعة نقداً لصالح سارة شخصياً, دون إهمال بالطبع للآثار المترتبة على قرار نتنياهو تلبية دعوة رئيس مجلس النواب «الجمهوري» له, لإلقاء خطاب في الكونغرس قبيل فترة الانتخابات في اسرائيل, ودون علم اوباما, ما دفع الناطق باسم الاخير الى التنصل من الدعوة, والاعلان أنه لن يقابل نتنياهو عند قدومه الى واشنطن بحجة أن واشنطن لا تستقبل قادة يخوضون الانتخابات في بلادهم!

كل هذا لم يؤثر "وفق الاستطلاعات" في شعبية نتنياهو "رئيساً للوزراء", كذلك في عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزبه الليكود, في الوقت ذاته الذي تتراجع فيه فرص تقدم "المعسكر الصهيوني" في عدد المقاعد, فضلاً عن أن امكانية ترؤس اسحق هيرتسوغ للحكومة الجديدة لم تعد واردة, إلا إذا وفّرت له القائمة العربية الموحدة «شبكة امان» كما فعلت مع حكومة اسحق رابين اوائل تسعينات القرن الماضي.هل قلنا القائمة العربية الموحدة؟نعم.. فهذه القائمة التي «وُلِدَتْ» في شكل مدهش يدعو للاعجاب وربما الاستغراب، اذا ما عدنا للعقود السابقة، حيث كانت «العداوة» بين الاحزاب والقوائم العربية في اسرائيل، اشد ضراوة وحقدا مما هي مع القوائم اليهودية بل والصهيونية العنصرية ووجدنا من يصوت من الجمهور العربي لصالح احزاب صهيونية متطرفة مثل الليكود واسرائيل بيتنا والمفدال، نكاية بالخلافات «العربية» التي يصعب تجاوز حقيقة ان معظمها شخصي وتصفية حسابات جهوية او مناطقية او طائفية، واذ «الفضل» يعود الى افغيدور ليبرمان رئيس حزب اسرائيل بيتنا الذي فقد بريقه وتراجعت شعبيته بعد فضائح الفساد التي تحقق فيها النيابة العامة، حيث هو «ليبرمان» من اقترح قانون رفع نسبة الحسم لتصبح 25ر3% بهدف شطب القوائم العربية، فان ما «اجترحته» الاحزاب العربية في اسرائيل من معجزة التوافق على قائمة موحدة، يجب ان يؤسس لتعاون جديد مستقبلاً, ينهض على احترام التعددية وحق الاختلاف والالتقاء عند الجوامع والمشتركات التي تفيد المجتمع الفلسطيني في اسرائيل وتنتزع حقوقه من براثن الدولة العنصرية.

نقول: القائمة العربية الموحدة تتعرض الان الى «تصويب» من قِبَلِ معظم ان لم تقل كل الاحزاب الصهيونية "باستثناء ميرتس بزعامة زاهافا غال اون" وتتهمها بالعنصرية ".." وعدم الاهتمام بالناخب اليهودي, بل وتسعى الى شطب اسم البرلمانية الشجاعة حنين الزعبي, بزعم انها تساند الارهاب وتقول عن نفسها انها فلسطينية أولاً ثم اسرائيلية، والاغرب هنا هو تأييد تحالف المعسكر الصهيوني "هيرتسوغ وليفني" للدعوى المرفوعة لدى محكمة العدل العليا الاسرائيلية بشطب اسم حنين الزعبي ما يثير التساؤل حول جدية هذا «المعسكر» الذي يوصف باليساري احيانا ويتمنى مناصروه "من داخل اسرائيل وخارجها بمن فيهم بعض العرب والفلسطينيين" ان يَهزِمَ نتنياهو ويشكل حكومة اسرائيل الجديدة التي ستكون مؤيدة لعملية السلام "اكثر من نتنياهو" فيما الحقيقة السياسية والحزبية لدى هذا التحالف الانتهازي الضعيف... غير ذلك تماما.صحيح ان هيرتسوغ وليفني جمّدا تأييدهما الدعوى لدى المحكمة ضد حنين الزعبي, إلاّ ان ذلك لم يغيّر شيئا من واقع مواقفهما التي لا تختلف مع مواقف نتنياهو إلاّ في بعض التفاصيل الثانوية، الأمر الذي التقطه على نحو ذكي معلق سياسي بارع معروف "جدعون ليفي"، يوم امس في مقالته بصحيفة «هآرتس» تحت عنوان «المعسكر الازدرائي».. «.....يكفي احيانا اتخاذ قرار سيء واحد حتى يُشير الى السلوك بكامله.. هكذا كان قرار المعسكر الصهيوني لدعم فصل حنين الزعبي من حق الترشح للكنيست، مع يسار كهذا-يستطرد ليفي-لم تَعُدْ هناك حاجة الى افغيدور ليبرمان حتى ياريف ليفين، عاد فائضاً عن الحاجة».هل يعود نتنياهو رئيساً للوزراء لولاية «رابعة»؟.. يبدو-حتى الآن-أن الجواب.. نعم.

 

 

أبعد من الإخوان... أقرب لأميركا

 "الدستور-مهند المبيضين"

حلياً انشغل الناس خلال الأسبوع الماضي بمناقشة موقف الحركة الإسلامية من «داعش»، هل تدينه وهل تعتبر الحركة تنظيم داعش في فسطاط الإرهاب أو لا؟ وزادت الأسئلة لتقفز باتجاهات عدة، واستعاد الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات بحق القيادي حمزة منصور، وحلقت التحليلات لتذهب لإدانة الحركة والتنديد بها وبمواقفها باعتبار أن الإسلام العنيف اليوم خرج من جُبة الإخوان وتحديداً من الشيخ سيد قطب وتعاليمه، التي ما زالت حاكمة حتى اليوم، ومنها ولدت كل التطرفات التي نشهدها.

نعم، كان استشهاد الطيار البطل معاذ الكساسبة، عند البعض مناسبة للتصدي والنيل من الحركة الإسلامية في الأردن، والتي لا نقول: إنها لا تحتاج لتوضيح مواقفها أو إنها بريئة في مراحل تاريخها من التشدد والتطرف، بل أنها مطالبة اليوم أكثر من أي وقت باعلان مواقفها تجاه القضايا الشائكة وطنياً وعربياً واسلامياً وبخاصة تلك التي تتعمد فيها المواربة أحياناً.لكن الحركة الإسلامية حزب، وكما هو معروف حسم مرجعيته بالدين، أما الحديث عن الإرهاب الراهن فليس مصدره الحركة الإسلامية أو حركة داعش وأخواتها من المنظمات الإرهابية المتحدثة باسم الإسلام وحسب، بل هو نتيجة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة وتفتيت العراق واشعال الربيع العربي في المنطقة، بالإضافة لدور الحكومة العراقية أيام نوري المالكي، والمعركة التي جرت بحق سُنة العراق خلال عقد من احتلال العراق العام 2003 وحتى اليوم كانت كافية لكي يؤيد للأسف الكثير من الناس أي تنظيم يعلن القصاص لهم وانصافهم في وجه دعم إيران للشيعة في العراق.في الأردن، استجاب شيوخ الإخوان لضغط الشارع، خرج أكثر من رأي يقول بارهابية «داعش» وإن لم يقتنع خصوم الإخوان بذلك، فرأى هؤلاء الخصوم بأن ما صدر من الإخوان ما هو إلا مجرد حالة مهادنة مع الشارع، بل ظل الشك يلف المواقف الإخوانية، وهكذا تحول السجال في الحديث عن «داعش» إلى أنه منتج إخواني، مع أنه ليس كذلك، وكل التسريبات أوضحت كيف تشكل «داعش» بدعم غربي لجمع كل متطرفي المنطقة وفقا لنظرية «عش الغراب» الذي يمكن من خلال محاصرة التنظيمات الإرهابية واحتراقها فيه.صحيح أن كل التنظميات التي تستدعي الإسلام وتتدثر به سواء كانت سنية او شيعية، وتتخذه سبيلاً لها لتغلب على مصائر الناس، تتعامل بازدواجية حتى مع أميركا، فهي تشتمها في الظاهر وتعتبرها سبب كوارث الأمة والشيطان الاكبر، لكنها أيضا تلتقي وتتعاون معها من أجل تمكينها، لا بل أسهمت اميركا بصناعة بعضها. وعلى هذا يظل الحديث عن الإخوان وأميركا والإرهاب بحاجة للمزيد من الفحص والتوضيح.أردنيا أخذ الخط الإخواني سَمتة الاعتدال، وهذا صحيح، ووقف مع الدولة، لكن في دواخل إخوان الأردن وجوه وأصوات عليله متشددة قالت بجوازة إراقة الدم قبل ظهور داعش، وهذا ماحدث في الذاكرة القريبة أردنياً في جمعة ساحة النخيل في تموز 2011، حين أفتى أحد شيوخهم المتشددين بذلك. ومثل هذه الأراء يرفضها جمهور واسع من إخوان الأردن كما يرفضها بقية المجتمع.أخيراً، كان الاسبوع الماضي مناسبة لاقتصاص الكثيرين من الإخوان ومحاولة لتشوية بعض وجوههم وبخاصة الشيخ منصور، وهذا المرة اسمحوا لنا أن نقول: إن الشيخ منصور يظل وجهاً تربوياً وطنياً محترماً معتدلاً بعيد كل البعد عما أردتم له. مع عدم نفي وجود متشددين داخل الجسد الإخواني وممن لا تتوجه بوصلتهم الوطنية بدقة نحو الوطن في كثير من المواقف فتظل الصورة ملتبسة عنهم، ويبقى الإرهاب أقرب لأميركا من غيرها.

 

 

ضرب العلاقات السعودية-المصرية

"هاني الظاهري- الحياة اللندنية"

يبدو أن المحاولات الحثيثة التي تبذلها جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها تنظيم «الإخوان» المشرد في أصقاع الأرض؛ لضرب العلاقات السعودية-المصرية لن تتوقف قريباً، فالمعطيات والدلائل جميعها تؤكد عودة بعض القوى الإقليمية التي تقتات على التآمر وطعن الجيران؛ لدعم كل ما يعكِّر هذه العلاقات لغايات سياسية لا تستهدف مصر وحدها، بل تستهدف المملكة بشكل مباشر؛ كونها تمثل العمق الاستراتيجي للأمن القومي العربي، في مواجهة الأخطبوط الطائفي الساعي إلى السيطرة على المنطقة بمساعدة شريكه «الإخواني»، الذي ما فتئ يمهد له الأوضاع السياسية؛ لفرض أجندته في كل دولة يمتد إليها كما حدث في اليمن أخيراً.

بالأمس، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن علاقة المملكة بمصر أكبر من أي محاولةٍ لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين، موضحاً أن موقف السعودية تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لن يتغير. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي، تلقاه من الرئيس المصري بعد ساعات قليلة من بث وسائل إعلام «وظيفية» ما وصفته بالتسريبات المصرية المسيئة إلى دول الخليج، متوقعة بسذاجة سياسية متناهية أنها بذلك ستضرب ضربتها التاريخية؛ لإرباك الحلفاء في المنطقة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على العقلية الطفولية التي تدير بها القوى الداعمة لجماعة «الإخوان» سياساتها ومؤامراتها.هذه القوى ذات السياسات البدائية، تعتقد بأن العلاقات القائمة على استراتيجيات أمنية وقومية بعيدة المدى بين الدول يمكن أن تتأثر بوشاية شخصية ملفَّقة من هنا أو هناك؛ لأنها لم تتجاوز -على رغم كل الأحداث الشنيعة في العالم العربي، منذ أكثر من أربعة أعوام- عقلية «الطعن والتدمير»، التي أسقطتها هي ومشاريعها السياسية في هوة سحيقة، أجبرتها على الدخول في سبات موقت تعتقد بأنها أفاقت منه حالياً.السعودية، الحليف الأقوى لمصر، تدرك جيداً اليوم أن الخطر الحقيقي المتربص بالأمن العربي ككل قادم من شرق الخليج العربي، لا غرب البحر الأحمر، صحيح أن مصر كادت تنزلق في مخطط مؤامراتي دولي لحصار المملكة جغرافياً إبان سيطرة تنظيم الإخوان عليها ورئاسة مندوبهم «مرسي»، لكن القوى الوطنية المصرية ممثلة في الشعب والجيش بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي أحرقت أوراق المؤامرة، ولفظت قادتها بين عشية وضحاها، وأعادت القاهرة إلى حضن الرياض، ما سبب صدمة كبيرة ارتد صداها في العالم من شرقه إلى غربه، ولولا الموقف السعودي الصلب -حينها- لدعم خيار الشعب المصري؛ لأوقفت الضغوطات الدولية هذا التغيير التاريخي، وبالطبع هذه مسألة لا يفهمها ذوو الهوى الإخواني، الذين طاروا فرحاً بما اعتقدوا بأنه «إسفين» جديد يُدق بين السعودية ومصر عبر قنوات مريضة، هي الأكثر عداء للسعودية منذ انطلاق بثها حتى اليوم، والغد أيضاً

 

.

«تسريبات التسجيلات» أغبى حملة

"عبد الرحمن الراشد-الشرق الاوسط"

صلح أن تدرس في الإعلام ما سميت بفضيحة تسريبات الرئاسة المصرية كنموذج على أفشل الحملات المطبوخة. وهي دليل على أن الإعلام مما ظن نفسه قويا لا يستطيع أن يؤثر أو يغير، طالما لا توجد عنده قضية، أو فاقد المصداقية.

ولو أني لا أعرف خلفية التسريبات ودوافعها، لظننت أنها من إنتاج الرئاسة المصرية نفسها تحاول أن تقنعنا بسلامة نواياها وليس العكس. والقصة، لمن لم يسمع بها بعد، بدأت بحملة تهيئ الرأي العام العربي أن هناك فضيحة مدوية تتضمنها تسجيلات سرية مسربة للقيادة المصرية، واتصالات هاتفية مرصودة، تبين سوء مقاصد القاهرة ضد الدول الخليجية وضد الشعب المصري. يا للهول، توقعنا الأسوأ! خشينا أن نسمع سيناريوهات عسكرية كبيرة تعد في الغرف المغلقة ضد الخليج، أو اتصالات تآمرية مع حكام طهران، أو ترتيبات سرية مع زعيم تنظيم داعش، وإذ بها مجرد دردشات، وأقل مما يقال في المجالس المفتوحة والمقاهي العامة! الفضيحة صارت على أهل الفضيحة.

أين هي المشكلة عندما يقول المصريون إن الخليجيين يملكون كنزا من المال «زي الرز»؟ فهذا صحيح أولا، وثانيا، في الخليج يكتب الكلام ذاته ويقال كل يوم دون حرج. وكذلك ما قيل إنها تسريبات عن عزم الفريق عبد الفتاح السيسي تولي الرئاسة، أيضا لم تكن سرا ولا مفاجأة! هذا إذا افترضنا أن التسريبات صحيحة وغير ممنتجة! لم ترد في الاتصالات الهاتفية أو الاجتماعات مكالمات مع إسرائيليين أو أميركيين، تخطط، وتأمر وتنهى، أيضا، لا شيء مثير أو جديد في أن يبلغ مكتب الفريق السيسي حلفاءه عزمه على تولي الرئاسة؟! لم تظهر في التسجيلات السرية حسابات مالية شخصية، لم نسمع فيها معلومات فضائحية شخصية، لا شيء أبدا!وبعد سماعها وجدت أنها أفضل دعاية قدمت لمصر والرئاسة المصرية، فقد ظهرت لنا كمحاولة كيدية صريحة للوقيعة بين المصريين والخليجيين، والتحريض ضد الرئاسة والحكومة المصرية، لكنها من حيث لا تفهم قدمت لنا صورة جيدة عن القيادة المصرية، بأنها صادقة لا ترقى إلى الشك، بعكس ما كان خصومها يحاولون إقناعنا به. فقد كنا نخشى أن نسمع مؤامرة على أمن الخليج واستقراره، أو سياسة مزدوجة في قضايا إقليمية خطيرة. فإذا كان هذا حقا أبرز ما تم تسجيله وتسريبه، هنا على الدول الخليجية، الحليفة لمصر، أن تنام مطمئنة على وسادة من ريش النعام.على أية حال، العلاقات لا تبنى على الهمس والقيل والقال، بل على المصالح والمواقف. واستقرار مصر مسألة حيوية لأمن واستقرار دول الخليج كلها، والعالم العربي. وبالتالي محاولة ضرب الاستقرار من قبيل العبث السياسي، سترتد على الجميع، وهو أمر لا يمكن أن تقبل به الأنظمة العربية التي تعي متطلبات أمنها ومصالحها.أما قضية الدعم المالي، فالخليجيون مقتنعون أنهم يقدمونه، ليس للرئيس السيسي، بل استثمارا لصالح 90 مليون مصري، يشكلون رافدا مهما لنا جميعا، وفي حال خذلاننا لهم، أو السماح بالعبث باستقرارهم، يصبحون عبئا على الجميع. وتأكدوا أن المال وحده ليس الحل لأزمات مصر، كما يظن البعض، بل منح الثقة أولا للنظام، وثانيا ترشيد استخدامه واستثماره، ليكون منتجا دائما وليس مجرد معونات تتبخر مع آخر دولار ينفق. هذا هو التحدي الذي يواجهه الداعمون، مثل السعودية والإمارات والكويت، بدعم الأفكار والمشاريع المصرية المنتجة. الدعم الخليجي يمنح ثقة للمواطن المصري في نظامه، ويجذب المستثمرين المحليين والدوليين. ودول الخليج حريصة عن قناعة على الوقوف خلف الحكومة المصرية ضد دعاة الفوضى، حيث إننا نمر بمرحلة صعبة وخطيرة في المنطقة، ولا يمكن لأحد أن ينجو من الخطر لو سقطت مصر، عمود الخيمة العربية. هذا الأمر يفهمه عقلاء المنطقة، من شرقها إلى غربها، كل الدول العربية متفقة على دعم استقرار مصر إلا دولة واحدة فقط، وبالتالي لن تفلح الدعايات التي تستهدف النظام، خاصة أنها مبرمجة ومطبوخة وليست حركة عفوية شعبية.والحقيقة لم أعرف من قبل أغبى من حملة التسريبات الكيدية هذه، طبخا، وإنتاجا، ونتيجة، حيث انقلبت بشكل سريع إلى حملة تضامن لدعم مصر والسيسي، وتعزيز العلاقة مع النظام الجديد، واتصالات هاتفية مطمئنة!

 

 

الثلث الروسي المعطِّل

"الشرق الاوسط- سمير عطا الله"

ابتدعت السياسة اللبنانية شيئا سمّي، بكل بساطة، «الثلث المعطِّل» عندما اشترطت مجموعة 8 آذار لدخول أي حكومة، أن يكون لها عدد من الوزراء يكفي لنقض أي قرار لا تريده. إذن، هو ثلث لا يبني ولا يكمّل، بل يعطّل أو يفجّر الحكومة. ومعروف أن تشكيل أي حكومة بديلة في لبنان يستغرق شهورا بسبب الخلاف حول «الثلث المعطِّل».

روسيا طاب لها هذا الدور في شؤون ومآسي العالم. إنها لا تستطيع أن تقدّم أو أن تفرض حلا في أوكرانيا أو في سوريا، لكنها قادرة على تعطيل أي حل. عرقلت «جنيف1»، ونسفت «جنيف2»، وعرضت بديلا عنهما «موسكو1» الذي أظهر مدى الكارثة السورية وهزال الدور الروسي. والسبب أن موسكو فريق أو طرف بعد المؤتمرات، أو يدخلها بمواقف مسبقة غير قابلة للنقاش. ومنذ أن استخدمت الفيتو للمرة الأولى، تبين أن سوريا ليست أزمة معروضة للحل، بل قضية صراع جديد مع الغرب. وهو صراع مبتذل – من الجانبين – لا يأخذ في الاعتبار حياة البشر وحصانة الدول، بل مراكز النفوذ الدولي ومواقع أساطيله. وقد تجاوز عدد القتلى في سوريا 300 ألف إنسان، وصار القتال على أبواب دمشق، وما زالت روسيا تدعو إلى مؤتمرات مصالحة يحضرها رجال لا يملكون حق القرار في هدنة بين قريتين، فلا النظام يبدي أي اعتبار لجديّة الحليف، ولا المعارضة تبدي أي ثقة في دور الوسيط.يذكَّرنا الروس بدور السوفيات. كانوا أكثر من صادقين في دعم العرب، وكانوا كرماء في السلاح والمساعدات، على الرغم من ضعف اقتصادهم، لكنهم لم يتمكنوا من إخراج المسألة من دائرة الحرب الباردة. ولذلك، لم يتجاوز دورهم مرة دور «الثلث المعطِّل». وعندما عقد «مؤتمر مدريد» حضروه مثل مراقب عادي، أو مثل الدنمارك في الأمم المتحدة.الفيتو الروسي المكرر أخرج القضية السورية من الأمم المتحدة، حيث كان يجب أن تبقى، ليس لأن سجل المنظمة الدولية مشرف في حل المعضلات، بل لأن خروجها منها سوف يوسع دائرة النزاع ويكثر عدد العناصر المتداخلة. ولأن القرارات الدولية، في طبيعتها، تحفظ ماء الوجه للمتصارعين، وتحد من شطط النوايا، وتضبط حركة البقاء تحت سقف القانون الدولي.أظهر الرفيق لافروف مهارة وشطارة بالغتين في تعطيل أي اتفاق لا تريده موسكو. كان أمامه الائتلاف "لا أذكر بقية الاسم" فصار أمامه «داعش» و«النصرة». وكان القتال حول الرقة، فصار حول الغوطة. وسَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ / وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ.