قامت قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي فجر امس باقتلاع خيام قرية باب الشمس، وأخلت رواد القرية من نشطاء السلام والمقاومة الشعبية بالقوة، ونقلتهم الى حاجز قلنديا. رغم ان المحكمة العليا الاسرائيلية، اصدرت امرا عاجلا بمنع إخلاء الخيام. لكن القاضي نيل هندل ترك لحكومة نتنياهو مخرجا لتحقيق هدفها بازالة قرية الحرية والمقاومة، حين ارفق قراره ب «الا اذا كان هدم الخيام يعتبر مسألة ذات دوافع امنية عاجلة».

معركة قرية باب الشمس، اربكت القيادات الاسرائيلية السياسية والامنية والقضائية، ودفعت رئيس حكومة اقصى اليمين لاصدار امر باغلاق الشوارع المؤدية للقرية قبل إخلائها، المحكمة العليا عقدت جلسة سريعة واصدرت قرارا ملتبسا بشأن القرية، الاجهزة الامنية فوجئت بالخطوة الفلسطينية الجريئة، ووضعت الكل الاسرائيلي الرسمي والاستيطاني في موقف لا يحسد عليه، لا سيما وان القرية اقيمت في لحظة سياسية مهمة، تتمثل في التوجه لانتخابات الكنيست التاسعة عشرة في الـ 22 يناير الحالي، الامرالذي دفع زعيم تكتل الليكود بيتنا، لاتخاذ إجراءات فورية ورادعة للقائمين على مشروع القرية، وايضا لاستثمار ذلك في معركته الانتخابية، ولتعزيز مواقع تكتله، الذي بات يتراجع في اوساط الشارع الاسرائيلي

المعركة لم تنته او بتعبير آخر، ما زالت في بداياتها. لان ازالة الخيام، وإخلاء المقاومين بالقوة، لا يعني طي صفحتها المشرقة. وامكانية عودة رواد المقاومة الشعبية استنادا الى قرار المحكمة الاسرائيلية الملتبس، واردة. أضف لذلك، ان تجربة القرية الشجاعة في فنون المقاومة، فتحت الافق على فضاء مواجهة الاستيطان الاستعماري في كل المحافظات والمدن والقرى الفلسطينية، وليس في المنطقة الفاصلة بين مدينتي القدس الشرقية وبيت لحم او ما يطلق عليها الاسرائيليون E1، حيث ستشمل نابلس وسلفيت وغيرها للتصدي لقطعان المستوطنين.

لتعميم ظاهرة قرية باب الشمس، يتطلب الامر سلسلة من الاجراءات الوطنية، أولاً, متابعة العمل على عودة الحياة للقرية استنادا لقرار المحكمة الاسرائيلية؛ ثانياً, تعميم نموذج القرية في المناطق التي تتعرض لخطر الاستيطان الاستعماري؛ ثالثا اشتقاق اساليب واشكال اخرى للنضال الشعبي، تعمق عملية التصدي للمخططات والمشاريع العدوانية الاسرائيلية، وتعمد روح المبادرة الوطنية، لحشر قطعان المستوطنين الاستعماريين، واعادتهم إلى جحورهم؛ رابعا تنظيم مظاهرات شعبية تضامنية مع رواد قرية باب الشمس في المدن والقرى؛ خامسا طرح قضية عودة القرية وروادها الى موقعهم على المنابر الحقوقية والبرلمانية والسياسية الاقليمية والدولية، لتحقيق هدفين 1- عودة اصحاب الارض الاصليين الى ارضهم. 2- فضح وتعرية دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وكشف عوراتها امام الرأي العام العالمي. بالاضافة لهدف اساسي ثالث، قطع الطريق على التغول الاستيطاني الاستعماري في الاراضي المحتلة عام 67، ودعم خيار السلام على اساس دولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 67.

هذه وغيرها من الاهداف الآنية والبعيدة تحتاج الى قرارات سياسية وادارية ومالية من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وفصائل العمل الوطني كل على انفراد وبشكل مشترك، وايضا من الحكومة، كي يتمكن رواد المقاومة واللجان الشعبية من إحداث نقلة حقيقية في أشكال مقاومتهم ضد سياسات دولة الابرتهايد والتطهير العرقي الاسرائيلية.