بيان صادر عن قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"
يا جماهير شعبنا الفلسطيني، يا شعب الجبارين، شعب الفداء والشهداء والتضحيات.
يا أبناء حركة فتح الرائدة، يا أبناء العاصفة وشعلتها التي لا تنطفئ، يا ديمومة الثورة، وعنوان المجد والعزة والعنفوان..
في ذكرى إنطلاقة الثورة الفلسطينية، إنطلاقة حركة فتح الخمسين، إنطلاقة المارد الفلسطيني من جوف اللجوء، والتشرد، والضياع والألم والاحزان، نقف اليوم وبكل اعتزاز لنؤكد بأن مسيرة شعبنا الكفاحية التي بدأت مع الطلقة الأولى، والعملية الأولى والاسير الأول، والشهيد الأول مازالت تشقُّ طريقها بقوة الايمان المطلق بحقوقنا الوطنية، ومازالت تواجهُ التحديات، وتتجاوز العقبات، متمسكة بالانجازات التاريخية التي أعادت لشعبنا هويته الوطنية، وحضوره السياسي والوطني على الخارطة الجغرافية، رافضة المساومة والمقايضة على قرارها المستقل.
إنَّ حركة فتح التي اكدت حضورها في أحلك الظروف وأشدها قساوة مازالت متمسكةً ووفيةً للقسم الذي أقسمته، وللعهد الذي تعهدت به لجماهير شعبنا، ولأجيالنا الصاعدة، وهي تستقي تصميمها وارادتها من رمزية الشهيد القائد ياسر عرفات، ومن سجلِّ قوافل الشهداء. إنَّ حركة فتح كانت ومازالت وفيةً لكل منطلقاتها ومبادئها الوطنية، وهذه المنطلقات هي التي تحكم مسيرتها، وعلاقاتها مع كافة القوى الفلسطينية، ومع المنظومة العربية، ومع المعادلات الدولية.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني
لقد ودّعنا العام 2014، وها نحن نستقبل العام 2015، وكلُّنا ثقة بأننا قادرون على مواصلة مسيرتنا الثورية، وتحمُّل أعباء مقاومة الاحتلال، إننا نمتلك الرؤية الواضحة للطريق الذي نشقُه من أجل الحرية والاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. في هذه المحطة التاريخية فإننا نؤكد مجموعة قضايا ومواقف تحكم مسيرتنا المستقبلية وهي:
أولاً: إنَّ حركة فتح تأسف لعدم اتمام المصالحة رغم التوقيع على الاتفاقات من قبل الجميع، ونحن نحمِّل المسؤولية لقيادة حركة حماس التي مازالت حتى الآن تتحكم بكل ما يتعلق بقطاع غزة كسلطة أمر واقع، وتعطيل الخطوات التي تمَّ الاتفاق عليها من أجل تعزيز الوحدة الوطنية وخاصة ما يتعلق بالشراكة السياسية، والسماح بتوحيد الوزارات، وتكريس الديموقراطية في المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، والسماح لحكومة الوفاق الوطني بأخذ دورها الطبيعي في القطاع حتى تتحمل هي مسؤولية إعادة الاعمار المتوقفة حتى الآن، ولا شك أنّ إلقاء التُهم على حركة فتح أو على الرئيس أبو مازن بإعاقة العمل لم يعد مجدياً ولا مقبولاً، وانما هو هروبٌ من الواقع باتجاه مواقف حزبية تتعارض مع مبدأ المصالحة الفلسطينية.
ثانياً: إنّ حركة فتح متمسكة بالوحدة الوطنية لإيمانها المطلق بأنها هي الضمانة لاستمرارية كفاحنا الوطني ضد الاحتلال، وهي الضمانة لوحدة الموقف الفلسطيني، والشعب الفلسطيني، والوحدة الوطنية هي الكفيلة بحماية المشروع الوطني الفلسطيني الذي بدأ يتبلور مع إنطلاقة حركة فتح، وتبلْوُر إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ونذكّر هنا بأنه عندما تم الاتفاق في مخيم الشاطئ على الانطلاق بالمصالحة والوحدة الوطنية عارض الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة هذه الوحدة الوطنية ، لأنها تريد بقاء الانقسام الذي يقسِّم الارض والشعب والقضية، ويبقي على الصراعات الداخلية مشتعلة مما يعرقل مسيرة شعبٍ بأكمله.
ثالثاً: إنّ الخروج من المأزق الداخلي الفلسطيني يعتمد على ممارسة الحياة الديموقراطية في المجتمع الفلسطيني وتحديداً السماح للشعب الفلسطيني بانتخاب قيادته الجديدة، ثم الالتفاف حولها، والقيادة الجديدة هي التي تحدد الخيارات السياسية المستقبلية، وتحسم الخلافات والصراعات بين الأحزاب والفصائل باعتبار أن فلسطين والشعب أكبر من الفصائل والاحزاب.
رابعاً: إنّ عدالة القضية الفلسطينية،من جهة، والعنصرية التي يُمارسها الاحتلال الاسرائيلي من جهة ثانية باستهدافه للإنسان الفلسطيني طفلاً كان أو إمرأة، أو شاباً أو شيخاً، إضافة إلى برمجة إقتحام باحات المسجد الأقصى، والعمل على تقسيمه بدعم من جيش الاحتلال، كلُّ هذا أوجد يقظةً سياسية لدى معظم الشعوب وخاصة الاوروبية والاميركية الجنوبية، وقدقامت معظم البرلمانات الاوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران العام 1967، وهذا تحوُّل نوعي أوروبي يضاف إلى قرار مقاطعة بضائع المستوطنات الاسرائيلية ليشكل موقفاً سياسياً ضاغطاً على الكيان الاسرائيلي.
خامساً: إنَّ قرار القيادة الفلسطينية بتصعيد المقاومة الشعبية في مختلف الاراضي الفلسطينية جاء معِّبراً عن آلية مواجهة الاحتلال، وفضح سياساته العنصرية، وحرب الابادة البشرية التي يمارسها ضد أهلنا وأرضنا ومقدساتنا، شكّلت المقاومة الشعبية بالأساليب والآليات المتَّبعة، والضوابط والابداعات الموضوعة ضربة قاسية للعنجهية الصهيونية. لقد جاءت حادثة قتل الشهيد زياد أبو عين مدروسة ومخططاً لها للتخلص من هذه الشخصية الوطنية التي أعطت اهتمامها لمقاومة الجدار والاستيطان بالأدوات والوسائل الشعبية فقد استُشهد وفي يده نبتة زيتون ذهب ليزرعها، وليقول إِنَّ هذه الأرض لنا، وأننا مستمرون في مقاومةالاحتلال. وباستشهاد زياد أبو عين انطلقت الاشارة بتصعيد المقاومة الشعبية.
سادساً: إنّ معركة الدفاع عن المسجد الأقصى وكافة مقدساتنا يجب أن تكون معركة الامة الاسلامية والامة العربية والشعب الفلسطيني، والقدس تعاني اليوم بكل مكوناتها وأحيائها ليس فقط من سطوة الاحتلال وجنوده، ودباباته، وانما هناك فقرٌ مُدقع، واقتصادٌ مُنهار، وأزمات في المجالات الصحية والتربوية والاجتماعية والامنية، أضف إلى ذلك الاعتقالات الواسعة والاحتياجات الضرورية لأهالي المعتقلين وابنائهم , ولأهالي الشهداء, وأيضاً للذين تُدمَّر بيوتهم يومياً حيث يصبحون في العراء .إن هذه الازمات كافة أصبحت مسؤولياتها تقع فقط على عاتق الشعب الفلسطيني الذي مازال في الخندق الاول، ولن يتراجع بعد تخلي الامتين عن هذه العاصمة الاسلامية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
سابعاً: نؤكد دعمنا لأخوتنا الأسرى في المعتقلات والزنازين، الصامدين الصابرين، ونحن جميعاً مدعوون للوقوف بقوة وصلابة إلى جانب قضية الأسرى، ومعاناتهم، وحضِّ العالم ومؤسساته الدولية على مساعدة أسرانا الذين تتفاقم معاناتهم، فهناك المرضى وأمراضهم خطيرة ، وهناك الأسرى الأطفال والأشبال ،وهناك الأسيرات، وهناك الاسرى الاداريون الذين تُمدد فترة سجنهم الاداري وتصل أحياناً إلى عشر سنوات.
أسرانا هم أبطال يدافعون عن ارضهم ،وأهلهم ، ومقدساتهم وليسوا إرهابيين ، وعلى العالم أن يفرض على اسرائيل معاملة أسرانا حسب الاتفاقات الدولية .
ثامناً: تؤكد حركة فتح الاهتمامَ والجهدَ الاستثنائي بأمن واستقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان ،وتدعو كافة الاطراف إلى التعاون والحرص على ايجاد مجتمع فلسطيني يشعر أبناؤه بالأمن الاجتماعي بعيداً عن التوترات.
ونحيي كافة الجهات التي شكَّلت بمواقفها المبدئية ، وحرصها الدائم توفير الحصانه للمخيمات، وعدم السماح بجرها إلى أية صراعات أو نزاعات داخلية أو مع الجوار.
تاسعاً: إِنَّ حركة فتح وأمام المصاب الكبير وحالة الدمار والقتل والحصار ، والجوع التي تعرَّض لها أبناء شعبنا الفلسطيني في مخيمات سوريا،فإنها تدعو كافة الأطراف المتصارعة،والمجموعات المسلَّحة داخل مخيم اليرموك إلى إخلاء المخيم للمساعدة على عودة اهلنا وابنائنا إلى مخيماتهم،والعمل الجاد على تحيد المخيمات ،وحماية المدنيين، وتوفير الاغاثة والعلاج والمأوى لكل الفلسطينيين السوريين في لبنان ومخيماته أو في المخيمات السورية ،وعلى كافة الجهات المعنية وخاصة الانروا أن تبذل جهودها لتخفيف المعاناة عنهم ،خاصة أن معظمهم عاطل عن العمل ،كما نأمل من الدولة اللبنانية تسهيل عملية التواصل بين العائلات الموزَّعة بين سوريا ولبنان.
عاشراً: بعد فشل الرعاية الاميركية لعملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وبعد انحيازها الواضح إلى الاحتلال الاسرائيلي ، وإفشال عملية حل الدولتين أصبح ضرورياً تدويل القضية الفلسطينية ، ومن هذا المنطلق قررت القيادة الفلسطينية التقدم إلى مجلس الامن بمشروع يطالب بتحديد السقف الزمني لإنسحاب الاحتلال الاسرائيلي من الأراضى الفلسطينية المحتلة في 4/6/1967.ومشروع القرار الفلسطيني يتضمن في صيغته النهائية تحديد حدود الدولة الفلسطينية المستقلة ، كما يتضمن تحديد عاصمة دولة فلسطين وهي القدس الشرقية ،ويؤكد القرار على أن حلَّ قضية اللاجئين يكون استناداً إلى القرار 194،كما يتضمن القرار الرفض الكامل للاستيطان لأنه غير شرعي وغير قانوني ويؤكد على الافراج عن الأسرى، .إن القيادة الفلسطينية بهذا القرار تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة ،واذا ما أصرَّت الولايات المتحدة على ممارسة حق الفيتو ضد القرار الفلسطيني . فالأفق السياسي الفلسطيني مفتوح ،والقرار هو التوجه إلى المؤسسات والجمعيات الدولية وخاصة التوقيع على ميثاق روما، والانضمام إلى مؤسسة محكمة الجنايات الدولية .ومن خلال هذه المؤسسات الدولية سيكون بالامكان محاكمة ومحاسبة قادة الاحتلال الذين ارتكبوا الجرائم بحق أبناء شعبنا .
حادي عاشر: إنَّ التطورات الأخيرة في فلسطين المحتلة والجرائم التى إرتكبها جنود الاحتلال تفرض إعادة النظر في الاتفاقات الموَّقعة مع الاحتلال الاسرائيلي ،فالخيارات كلها مفتوحة ،والرئيس ابو مازن كان واضحاً عندما قال لانقبل سلطة بدون سلطة ، ولن نقبل بوجود إحتلال غير مكلف،وعلى هذا الأساس سيتم وضع سلطات الاحتلال أمام الامر الواقع حتى تتحمل مسؤوليتها كاملة كإحتلال تجاه الشعب الفلسطيني،فالقيادة الفلسطينية لن تحل السلطة التى تمَّ بناؤها بالدم والعرق والتضحيات ،وانما على الاحتلال أن يتحمل مسؤولياته.
نحن لنا ملْءُ الثقة بشعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات بأنه قادر على لملمة الصفوف، وتجسيد الوحدة الوطنية ،وفرض مصالحه الوطنية على المصالح الفصائلية. ورغم الهجمة الشرسة والعدوان المتواصل على أرضنا وشعبنا إلاّ أننا قادرون على شق طريق الحرية والاستقلال. التحية إلى أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات.
التحية إلى الرمز ياسر عرفات، وإلى خليفته المؤتمن على الثوابت الوطنية.
التحية إلى أرواح قوافل الشهداء الذين جعلوا من أجسادهم جسراً نحو فلسطين المستقلة.
التحية إلى الاسرى الصامدين على الألم الطامحين إلى الحرية وصناعة المستقبل.
التحية إلى الجرحى والمعوَّقين ونسأل الله لهم الصحة والعافية.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
وانها لثورة حتى النصر
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"/ إقليم لبنان
1/1/2015
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها