لم نطلع على نص كامل، لمشروع يُنسب الى فلسطين ويتقدم به الأردن. قرأنا عن تحفظات الفصائل وآرائها التي يُفترض أنها تأسست على قاعدة ثوابت الحد الأدنى التي ارتضيناها للتسوية. لكن ما رَشَح من معلومات عن رغبة أطراف أوروبية عدة، في طرح مشروعات أخرى في اللحظة الأخيرة؛ يقلقنا جداً، بسبب علمنا أن هذه الأطراف تريد إفراغ أي مشروع يقوم على أساس مرجعيات عملية التسوية من مضامينه، التي تُعتبر كلها من ثوابت عملنا السياسي، وهي اصلاً في الحد الأدنى الذي لا نزول بعده. 
نُحسن صنعاً، الآن، إن ركزنا على ثوابت الحد الأدنى، التي تتعلق بالقدس وباللاجئين وبتبادل الأراضي. فبالنسبة للقدس، نرى أن الصيغة التي تطرح فكرة العاصمة الموحدة لدولتين، فضفاضة ومخادعة. وهي لن تكون كذلك حين يُقال إن القدسيْن، الشرقية والغربية ستكونان موحدتين وعاصمتين لدولتين، يصبح لكل منهما الحق في مباشرة التطبيقات التي تجعل شقيْ المدينة عاصمة له. وفي الحقيقة، سيكون هذا الطرح، مساوياً في استفزازه وخطورته بالنسبة للصهيونية، لفكرة الدولة الواحدة ثنائية القومية.
أراضي القدس الغربية، حتى حرب 1948 وبعد كل موجات الهجرة اليهودية منذ بداية القرن العشرين؛ كانت مملوكة للفلسطينيين بنسبة 70% وكانت الــ 30% الباقية ملكيات فردية ليهود، تحققت لهم في غياب إرادة الشعب الفلسطيني، وبمساعدة الانتداب البريطاني الذي يتأهب أسلافه الآن، لدخول مناقصة المشروعات المطروحة على مجلس الأمن. أما القدس الشرقية، فإن كل ما آل الى اليهود فيها، كان بقوة الاحتلال وبإجراءات المصادرة والتحايل، وبالتطويق بالمستوطنات بعد توسيع حدود المدينة، وبالتطفل على أحياء القدس القديمة التي لا تزيد مساحتها عن كيلو متر مربع واحد. وعلى الرغم من ذلك فإن الشطر الشرقي من المدينة، أي قلب القدس، ظل فلسطينياً خاضعاً لاحتلال يمتزج بنوبات جنون وتطفل من المتطرفين الظلاميين اليهود. لذا فإن جعل القدس الغربية جزءاً من عاصمة للدولتين على استحالته الآن فيه إجحاف من حيث المبدأ، وفيه تكريس لنتائح الحروب التي اندلعت وانتهت باحتلال كل الأراضي الفلسطينية. ومثلما أسلفنا، إن المحتلين، وعلى الرغم من ذلك، لن يقبلوا بأن يكون شطري القدس عاصمة للدولتين. ولأن الأميركيين يعلمون هذا جيداً، وكذلك الفرنسيين وسائر الأوروبيين، فإن أصحاب صيغ المشروعات، تعمدوا الغمغمة بينما هم يقصدون أن تكون القدس الشرقية وحدها، عاصمة لدولتين، أما الشطر الغربي، فهو بالنسبة لهم لا تشمله مشروعات القرارات المقترحة!
بالنسبة لحق اللاجئين في العودة الى بيوتهم وممتلكاتهم، فإنه غير قابل للتصرف، لأنه يتعلق بحقوق فردية للناس. ومشروع القرار 194 في الفقرة 11 منه، لا يحدد صفةً ولا اسم الدولة التي يعود الناس اليها للعيش «بسلام مع جيرانهم». ومن طبائع القوانين في كل الدنيا، أن الدول أو الزعامات، ملكية كانت أم أميرية أم رئاسية، ومهما بلغت من سمو السيادة، لا تملك أن تمنح عقاراً أو ملكية خاصة لإنسان وتمنحها لأشخاص آخرين، فما بالنا إن كانوا من اللصوص الذين استحوذوا عليها بالسطو المسلح!
فكرة تبادل الأراضي، شُطب منها، في بعض المشروعات، وصف التبادل الطفيف، وشُطب شرط القيمة والمثل. وهنا، نكون بصدد صيغة مخادعة، من شأن الطرف الأقوى، بعد الاطمئنان الى تثبيت الاستيطان الاستعماري، توظيفها لخدمة مشروع التطهير العرقي في أراضي 1948 لتحويل مهاجع الكثافة السكانية للفلسطينيين ضمن هذه الحدود، الى الدولة الفلسطينية، بعد قضم فضائها الجغرافي ومصادرة حدودها البلدية.
لا حل ممكناً الآن، يكون بمقدور الطرف الفلسطيني أن يوقع في خاتمته على عبارة تؤكد على انتهاء متطلبات كل طرف من الطرف الآخر. إننا على هذه القاعدة نقيس، مهما علا ضجيج المشروعات!