في مثل هذا اليوم من أيلول الماضي كتبت عن الراصد الجوي الملحي الذي يستخدم الملح في التنبؤ بالامطار دون خرائط وصور جوية، وتنبأ بأمطار غزيرة في شهر تشرين الأول وما بعده تبلغ ذروتها في شهر آذار, والجديد هو فيضانات في آذار وأيار ايضا وبالطبع عندما نشرت تنبؤات الملح لم اتوقع ان تحدث لكنها حدثت حتى الآن بانتظار آذار. فبعد سنوات متتالية من الجفاف والقحط ها هي الأمطار متلاحقة شهرا بعد شهر, ومن عاش قحط السنين الماضية لم يتخيل ابدا انكسار عهد الانحباس المطري، لكن رحمة الله قريبة دوما، ولعلني في هذا المقام لا أقاسم الكثيرين نظرتهم الساخرة او المتشائمة حاليا بشأن امكانية حصولنا على اعتراف دولي بدولة تحت الاحتلال وسط القحط العربي المحيط الذي لم يعد يعير قضيتنا أدنى انتباه بعد ان فرضت عليه السياسة الاميركية القبيحة ما يسمى القبح العربي ودمرت العراق وسوريا وغيرهما من الديار. فالحصول على دولة حرة وليس تحت الاحتلال لم يعد حلما لأن المتغيرات في العالم تتسارع دون ان يتمكن احد من توقعها, فكل احتلال عبر التاريخ هيأ نفسه للبقاء الى الأبد، لكنه في النهاية رحل بطريقة او باخرى، وأحدث احتلالات في افغانستان والعراق انتهت مقابل لا شيء سوى رفع رصيد الغرب من الجرائم ضد الانسانية. والاحتلال الاسرائيلي بدأ يتشقق في روحه فان لم تلفظ الاحتلال فان العالم اجمع سيبصقه ولن تشفع له مشاريع الحقن الاستيطانية المتلاحقة لأنها مغامرات لرفع روحه المعنوية وللايحاء بأن المشروع الصهيوني لا يزال حيا بينما هو يلفظ انفاسه فعلا ولن يستكمل مشاريعه هذه الا على شكل مقابر فقط.
فعندما يدب اليأس ويخذلنا الجميع فتأكد ان الفرج قريب طالما حافظنا على وحدتنا وتماسكنا وثوابتنا ومقدساتنا. ولا يغرنا هذا البؤس المحيط فالمعجزات البشرية تنبثق من الاحباط والخذلان وليس من الكماليات والاتكال.