لم يكن مفاجئاً لنا بيان الرياض، بل كنا ننتظره، بفارغ الصبر ونحن ندرك، ما تمثله الرياض من أهمية بالغة على المستويين العربي والدولي، وبالفعل كان بيان الرياض تصريح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتاريخ 26/01/1436هـ الموافق 19/11/2014م معبراً عما ينتظره المواطن الخليجي والعربي على السواء، في وضع الأسس الحكيمة، وإتخاذ الخطوات العملية الرصينة، التي على أساسها سيجري تنقية العلاقات الخليجية الخليجية، والعربية العربية، واستعادة وحدة الصف والتضامن العربي المفقودين، والذي مثل غيابهما المناخ المناسب، لتنمو فيه الفطريات على جسد الأمة العربية ودولها، وتظهر التشققات والإنقسامات على مستوى الدولة الواحدة، وبات يهدد مستقبل الأمة جميعها في ظل تحديات تتنامى يوماً بعد يوم، كما بات يهدد مستقبل القضية الرئيسية للأمة ((قضية فلسطين)) والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، الذي يهدف الكيان الصهيوني إلى فرض إرادته الباغية في تدنيسه وتقسيمه كمقدمة لإزالته وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، وإفقاد القدس وفلسطين قداستهما ومكانتهما لدى العرب والمسلمين جميعاً.
لكن السياسة الحكيمة والرصينة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، تتجلى في حكمة قائدها الهمام الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي استشعر الخطر المحدق بالأمة وأطماع الطامعين فيها، من قوى دولية وإقليمية وعلى رأسها الكيان الصهيوني في تحقيق مآربهم وأهدافهم في تعميق هذه الشروخ والإنقسامات التي عصفت ولازالت تعصف بالدول العربية وبمستقبل الإنسان العربي ولتضع حداً لحالة الإنهيار من خلال هذه المبادرة الجريئة والتي تقفز على الجراح، فتأتي مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنطلاق المسيرة واستعادة الهيبة ووحدة الصف والتضامن المفقودين، والتي يعول العرب عليها وفي مقدمتهم الفلسطينيون أهمية بالغة وقصوى من خلال الدور الهام لخادم الحرمين الشريفين ودور المملكة الرائد في رأب الصدع العربي دائماً، ونذكر بالموقف التاريخي للمملكة في مساندة ودعم الشعب المصري في ثورته التصحيحية يوم 30/يونيو/2013م والتي أوقفت عملية إنهيار الدولة في مصر وتفككها كما كان مخططاً لها، وبالتالي إنهاء القضية الفلسطينية، وفق سيناريوهات معدة سلفاً وتؤدي إلى تصفيتها وإعدام المشروع الوطني الفلسطيني، الذي ناضل الشعب الفلسطيني من أجله منذ نكبته الأولى عام 1948م وإلى اليوم بتواطئ من بعض القوى الإقليمية الطامعة بلعب دور على أنقاض العرب ووحدة صفهم وتضامنهم.
نعم نستطيع أن نقول ونعلن اليوم أن مسيرة تنقية العلاقات العربية العربية مما شابها من أزمات، وما اعتراها من خلافات، قد بدأت وانطلقت من الرياض وبالتوافق مع مصر التي تستعيد اليوم عافيتها ودورها المفقودين أيضاً، ستكون الطريق سالكة نحو إستعادة الهيبة والمكانة ووحدة الصف والتضامن العربي، وستضع الترياق الملائم لأزمات الأمة والمنطقة، وصيانة دولها ووحدتها الوطنية ومواجهة التحديات القائمة والإنتقال بها إلى صياغة نظام عربي متعافٍ قادر على مواجهة هذه الأزمات والتحديات، وإعادة بناء الدولة العربية، والعلاقات العربية العربية على أسس تحقق الأمن والاستقرار والنماء لهذه الدول وشعوبها، وتضع حداً فاصلاً للتدخلات الخارجية التي لازالت تستثمر حالة الفراغ والغياب للتضامن العربي.
من هنا واجب الشكر للمملكة العربية السعودية ولقائدها الحكيم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والذي أشار في بيانه وأهاب بالمفكرين والمثقفين والإعلاميين للإضطلاع بدورهم في تنقية العلاقات العربية العربية من السموم والخلافات وتكريس ثقافة الوحدة والتضامن والاستقرار والنماء والتطور، والدفاع عن قضايا الأمة ومواجهة كل فكر تخريبي ضال يهدد وحدة الصف ومسيرة التضامن ويتكامل مع أعداء الأمة، فواجب النخبة العربية الواعية اليوم التصدي لكل ذلك وتدعيم مسيرة الوحدة والتضامن بين العرب.
من الرياض تنطلق المسيرة ...!: عبد الرحيم جاموس
20-11-2014
مشاهدة: 836
عبد الرحيم جاموس
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها