يعتزم رئيس إسرائيل، رؤوفين ريفلين، زيارة مدينة كفر قاسم، بعد غد الأحد، وذلك قبل ثلاثة أيام من الذكرى السنوية ال58 للمجزرة التي ارتكبتها قوة حرس الحدود الإسرائيلية في 29 تشرين الأول من العام 1956، وهو اليوم الأول للعدوان الثلاثي على مصر.
في ذلك اليوم، فرضت قوة حرس الحدود الإسرائيلية حظر تجول على قرية كفر قاسم، من دون إعلان سابق، وفيما كان العديد من أهل القرية في أعمالهم، خارج القرية أو في حقولها. ولدى عودتهم في ساعات المساء، أصدر قائد القوة، العقيد يسسخار شيدمي، الأمر بقتلهم بقوله "الله يرحمه". وقتل في مجزرة كفر قاسم 49 شخصا، نصفهم من الأطفال والنساء.
وحاولت حكومة إسرائيل آنذاك، برئاسة دافيد بن غوريون، التستر على الجريمة البشعة، إلى أن تم فضحها من جانب النائبين الشيوعيين توفيق طوبي ومائير فلنر، اللذان تسللا إلى القرية واطلعا على حجم المجزرة. وبعد ذلك جرت محاكمة مرتكبي المجزرة، وفرضت عليهم عقوبات مخففة، مثل السجن لثلاث سنوات، لكن سرعان ما تم إطلاق سراحهم وحصول بعضهم على وظائف رفيعة، بينما حُكم على شيدمي بدفع غرامة قيمتها قرش واحد..
وكتب كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة، أن ريفلين هو الذي بادر لزيارة كفر قاسم، وتعمد أن تجري في الذكرى السنوية للمجزرة. ورغم الأجواء السائدة في البلاد، وخاصة موجة العنصرية ضد العرب، والتوتر الشديد في القدس بعد عملية الدهس والمواجهات اليومية على خلفية ممارسات الاحتلال في المدينة، إلا أن ريفلين رفض إلغاء زيارته إلى كفر قاسم، لأن إلغاءها سيلحق إهانة ويسبب حالة غليان في هذه الفترة الحساسة بالذات.
وبحسب برنياع، فإن ريفلين سيصف مجزرة كفر قاسم بأنها "ظلم كبير" و"مأساة". لكنه كرئيس لن يعتذر باسم الدولة عن اقتراف المجزرة البشعة.
ويشار إلى أن ريفلين هو أحد أبرز رموز اليمين العقائدي الصهيوني. فهو يعارض ويرفض السلام مع الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ويعتبر أن فلسطين التاريخية كلها هي "أرض إسرائيل". وهو يرى أن على إسرائيل أن تضم الضفة الغربية ومنح الجنسية لقسم من الفلسطينيين.
وسيزور ريفلين المتحف الذي يخلد ذكرى مجزرة كفر قاسم، وسيتجول في المدينة وسيشارك في مراسم ذكرى المجزرة.
في العام 1956 كان عدد سكان كفر قاسم أقل من 2000 نسمة، وعدد سكانها اليوم أكثر من 22 ألف نسمة. وترى تحليلات أن اقتراف إسرائيل لهذه المجزرة كانت محاولة لترحيل عرب المثلث الجنوبي أو قسم منهم. لكن هذه المحاولة لم تنجح، بعد أن استخلص الفلسطينيون من عبر النكبة، مثلما لم ولن تنجح محاولات أخرى.
ريفلين هو أبرز قادة اليمين المتصلب، لكنه يحاول أن يظهر بوجه حضاري وإنساني بتصريحاته وأدائه السياسي والادعاء بأنه "يحافظ على الديمقراطية". لكن زيارته إلى كفر قاسم، من دون الاعتذار عن مجزرة كفر قاسم والمجازر الأخرى بحق الفلسطينيين والمطالبة بتغيير سياسات إسرائيل كلها تجاه عرب ال48 خاصة والفلسطينيين عامة، تبقى الزيارة ذرا للرماد في العيون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها