بقلم/ بكر أبو بكر

ونحن على اعتاب المؤتمر السابع لحركة فتح من المفترض ان نقوم بسلسلة من حلقات التقييم والنقد للمسيرة الفتحاوية محاولين تحويل التهديدات الى فرص، والسلبيات الى حافز للتغير ، والأزمات إلى عامل بناء وتجدد فلا نقوم بتحطيم المعبد فوق رأس مرتاديه لمجرد أننا شهدنا تقصيرا أو أزمة أو نقيصة سواء في مواقف الحركة الرسمية أوفي تصريحات بعض قادتها.

 

مسيرة وأهداف

بلا شك أن المسيرة أي مسيرة تنطلق بدافع تحقيق الأهداف بالانجازات والانتصارات، وهو ما سعت الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها لبلوغه، ونحن في خضم سنوات خمس على انعقاد المؤتمر السابق لحركة فتح لنا أن نقول النقد المر دون أن نفقد إرادة التغيير، ولنا أن نعدد الاخفاقات دون أن ننسى الانجازات.

في حركة فتح آلية حياة دائمة وصمود وحيوية تجعل من المياه الدافقة لا تتوقف، وفي حركة فتح مساحة حرية في كثير من الأحيان تصل الى حد الفوضى التي تشجّع البعض فيها على الشذوذ والانحراف، وفي الحركة صدر رحب واتساع لتقبل الآراء المتعددة بما لا يخدش مفهوم الالتزام وفق النظام وقرارات القيادة المتخذة أصولا، لذا فاقت الحركة كافة التنظيمات بحجم التنوع من جهة وشدة الالتقاء على هدف التحرير ولكنها في المقابل عانت من الشللية والفوضى وانتقاد الثقافة الجامعة والعمل المنسق.

في هذه الاشارة سنتعرض لإضاءة ايجابية مستقبلية ولمقترح نرغب عرضه في المؤتمر القادم بما يحقق هدف المشاركة الأوسع في العمل مع الاحتفاظ بحد معقول من التوافق أو الاجماع على الهدف.

 

الحرية والانضباط

بلا شك أن معادلة الحرية والمشاركة والتعددية في الرأي قد لا ترى لها سقفا ان لم تكن مواد القانون أو النظام واضحة، ولا شك أن استغلال مفهوم الانضباط والالتزام سيشكل قيدا في يد ورقبة المفكر أو الكادر الحر متى ما استخدمت بشكل سلطوي قمعي خرجت فيه عن قيود النظام استجابة لنزعة أو نزعات شخصية مصلحية سلطوية لا ترى مصلحة الحركة إلا في اطار الذات.

لذا يصبح من المهم أن نصعد درجة أعلى في فضاء الحرية والمشاركة والديمقراطية في حركة فتح وأعيننا على مزيد من الالتزام والانضباط ضمن قيم المحبة والشجاعة والرحابة في معادلة من المهم أن نحصل عليها فلا نتهاون ولا شطط ، فلا نخسر أو نبطر

.

منصّة نشيد أم عزف أمين؟

لا يمكن أن يصبح المؤتمر العام لحركة فتح مهرجانا خطابيا أو استعراضيا ولا يصح أن يتحول الى منابر أو منصة نشيد ودبكة واستعراضات مهرجانية ما يمكن فعله في أي مهرجان جماهيري أو فتحاوي يقصد فيه التعبئة والتحشيد وشد العزائم وشحذ الهمم ما ليس من مهمة المؤتمر أي مؤتمر (من المنطقة فالإقليم فالمؤتمر العام).

وكي نتحول من فرقة عزف بلا قائد الى "سيمفونية" متكاملة الأداء فإن أعضاء المؤتمر يجب أن يكونوا (ممثلين) لقطاعات أو هيئات أو أطر محددة لا يعنى تمثيلهم لها أنهم الأفضل أو الأكفأ أبدا، وإنما المطلوب منهم التعبير عن مطالب وأفكار وحاجات هذه الهيئات والقطاعات بشكل أمين، قد يختلف فيه رأي الشخص مع الرأي الجماعي للإطار أو الجهة ولكنه في صيغته الأكثر جدارة يجب أن يعبر عن الجماعة وإن بلسان الشخص وأسلوبه.

من الممكن أن يكون المؤتمر حاشدا كما هي أفكار "التوسيع للعضوية"، وهذا يصح متى ما كان المؤتمر ذو صبغة انتخابية بحتة، يضع وضع الخطط والبرامج أو التقييم والنقد واجتراح الحلول على ذيل القائمة، وكما هو حاصل فعليا في مؤتمرات معظم الأقاليم-ما لا نراه صائبا – رغم هذا يصح إن كان الهدف تحقيق أوسع مشاركة تنظيمية لكل من يعتقد أحقية تمثيله ضمن الفئات المقررة ما يقرب من مفهوم (مركز الحزب) الذي من الممكن أن يضم أعدادا كبيرة يتم ادماجها في آليات المشورة والديمقراطية والانتخاب.

 

بين التمثيل الواسع والضيّق بون شاسع

إن قيادات وكوادر الاقليم ومجالسها وقيادات وكوادر الاتحادات والنقابات وكذلك الأمر في المؤسسات وهيئات المنظمة والسلطة من الممكن أن تعبر عن نفسها ورغبتها في التغيير بالمشاركة والانتخاب ولكن مثل هذه المشاركة التي قد تصل في حركة فتح الى الآلاف تضر بمفهوم النقاش والحوار والتقييم والتخطيط ولكنها في المقابل تصلح للخيار بمعنى أن تختار وتحدد.

أصحاب الرأي الآخر في حركة فتح وهو الرأي الذي يرى أن يكون التمثيل في المؤتمر بحده الضيق جدا لأن (الممثل) في المؤتمر نتاج هيئة ويعبر عنها وهو خادمها وخادم الحركة منفذ لأغراضها لا لأغراضه ومهما بدت الفكرة مثالية فإن تكريس المفهوم هذا يعني اعطاء الأولوية للعضو العادي وليس للكادر أو القائد من حيث احترام دوره وموقعه وعطائه وجعل القنوات مفتوحة بينه وبين قيادته دون أبواب مغلقة أبدا.

إن الربط بين العدد (الحصري الممثل) في المؤتمر وبين العدد (الواسع) عملية تلفيقية فإما هذا وإما ذاك؟ أي إما أن نقرر "التوسيع"  للعضوية أو أن نقرر التضييق التمثيلي ولكن هذا لا يلغي ذال فكيف ذلك؟.

 

المزايا والمثالب

نعود للقول والتوضيح أنه مع اقتراب كل مؤتمر صغُر أم كبُر أكان في مستوى المنطقة أم على مستوى الحركة يعود التفكير في تغيير أسس النظام الحاكم لهذه المؤتمرات، وتتصارع مجموعة من الطروحات على واحدة من قاعدتين هامتين الأولى: توسيع مساحة الديمقراطية حيث تحقق فكرة (التوسيع) لعدد المشاركين في المؤتمر المزايا التالية : -

مزيد من الديمقراطية بتمكين أعداد أكبر من المشاركة في الحوار والنقاش والتخطيط والنقد والتقييم واتخاذ القرار والانتخاب والترشيح.

احساس الكثير من الكادر الذي يعمل في وظيفته أو متقاعد من عمله الوظيفي أو صاحب التاريخ (أو من الفئات الأصغر سنا) أنه يُمثّل، وبالتالي فهو يحس بكيانه ودوره وتقديره الذي ما زال في الحركة يُنظَر له –حتى الآن-بمدى المشاركة في المؤتمرات لسبب ضعف الحياة اليومية التنظيمية من جهة ولضعف التثقيف من جهة أخرى ولافتقاد المهمة المحددة لكل عضو.

تنفيس حالات الغضب والاحتقان التي قد تنجم عن العدد المقلَّص، وإشاعة جو من الرحابة والاستيعاب بزيادة العدد.

أما الفكرة الثانية فهي: تضييق أو تقليص أو تحديد عدد المشاركين بالمؤتمر الى الحد الادنى المنصوص عليه في النظام أو "اللائحة المنظمة الخاصة بالمؤتمر" أو وفق السقف الذي تُقرّه اللجنة العليا ، ويحقق معنى التضييق والتحديد للعدد المزايا التالية:-

أن يتحول المؤتمر لمؤتمر "ممثلين" يناقش ويحاور ويخطط ويقدم مقترحات وينتقد ويحاسب فلا يتحول إلى (كم) انتخابي فقط.

إن الحضور للمؤتمر قاعدته الأساسية ليست شخصيته بل تمثيلية لإطار (وحدة تنظيمية) لذا فالعضو لا يتحدث عن ذاته أو رأيه إنما عن رأيه (الجماعي).

يتحقق مزيد من الانضباط والمركزية الضامن للحفاظ على الأهداف ومتانة البناءوثراء وموضوعية النقاش.

في كلتا الحالتين من التضييق والتحديد، أو التوسيع والاستيعاب للأعداد التي من الممكن أن تحضر (المؤتمر) وجاهة ومنطق يرتبطان بزاوية النظر -من الناحية النظرية- بعيدا عن ضغط الوقت والمكان والظرف، وعن إمكانية أن تؤخذ بمنحى حسابات انتخابية أو تسديد فواتير أو صراعات نتيجة مؤتمرات سابقة ما يستقر بالضرورة في أذهان البعض عند التطرق للموضوع من هذه الزاوية (التضييق) أو تلك (التوسيع)، أي بوضوح أنه يتعامل مع ذلك وفق ما يعتقد أنه يحقق له الغلَبَة والفوز..

أسئلة }المباديء والقواعد{المتوجب الاتفاق عليها

إن كان همنا الشاغل هو تحقيق نظام عادل من جهة، وتمثيلي من جهة أخرى ويأخذ بالاعتبار طبيعة المرحلة التي تعيشها في الوطن وخارجه فإن التفكير من المستوجب أن يستند "لقواعد متفق" عليها أولا أو سياسيا تحكم بناء النظام عامة من جهة، وتحدد شكل (التنظيم) الذي نريده للمستقبل، وبدون أن نحسم }الفكر السياسي والتوجّهات الفكرية وطبيعة المرحلة النضالية{ فإن بناء النظام الداخلي الحاكم داخل التنظيم سيسير وفق أهواء أكثر منه وفق مبادئ.

إلى أن يتم الاتفاق على "المبادئ والقواعد الحاكمة" لعمل أي نظام، والوسائل أو المقاييس الثابتة فإنني من الممكن أن أضع مجموعة من الأسئلة التي تعكس رؤية مستقبلية داهمة للقضية الفلسطينية وحركة فتح :-

1. هل سيظل تحديد العضوية كشرائح وأعداد وأسماء في الحركة رغم البنود النظامية خاضعا للأهواء حتى آخر يوم؟.

2. لماذا لا يتم منذ الآن عمل نظام تفصيلي واضح في آلية تحددها (لجنة الانتخابات الحركية) التي لا يكون لها مطلقا دور في الترشيح لأي موقع لتضبط المعايير والمقاييس وتراقب تطبيقها فقط؟.

3. كيف نضع آلية تحديد من يتمكن من الحضور بين يدي من هو متوقع أن يرشح نفسه ما يؤدي لتداخل العوامل الشخصية والوطنية معا؟.

4. هل لنا أن نفكر ملياً بإنشاء مؤسسة حركية خاصة بالعضوية وأيضا رقابة الأداء والتشريع (ذات طبيعة مهنية وظيفية تنظيمية قانونية دائمة) تحقق بقوة القانون حماية العضوية وتنافح عن حقوق الأعضاء، ومحاسبة القيادات، والرقابة الحقيقية والفاعلة، مضافا إليها (لجنة الانتخابات الحركية)؟ .

5. هل نترك وضع الخطط والدراسات والأفكار والتقارير حتى اليوم الأخير لأي مؤتمر أم تكون الهيئة المكلّفة برقابة الأداء معنية بشكل دوري بذلك، وبصلاحيات مطلقة على الرئيس واللجنة المركزية والثوري والأقاليم والنقابات وفق النظام؟.

6.  هل من الممكن أن نعوّد كادرنا على أن المؤتمر ليس بالضرورة يلحقه (انتخابات) بمعنى أن نعقد ما بين المؤتمرين مؤتمرا سياسيا فكريا ثقافيا تنظيميا حقيقيا تكون مخرجاته ملزمة للمؤتمر الذي يتضمن آلية الانتخابات؟.

7. أما آن لنا أن نفصل بوضوح بين العمل العلني الديمقراطي، وبين العمل التخصصي الميداني؟.

8. أليس من الضرورة أن نحسم فكرنا السياسي وطبيعة ومهام المرحلة والتوجهات، وبالتالي شكل التنظيم قبل أن نخوض في التفصيلات النظامية لأنها تبع لذلك.

9. أليس الأجدر أن يكون عندنا مركز دراسات حركية متخصص ، ومركز تدريب حركي متخصص وخلية تقدير موقف أو خلية تفكير ذات صفة تقديرية ؟ .

إن الرد على مثل هذه التساؤلات التسعة أعلاه من الممكن أن يفيدنا في الفكرة الخارجة عن المألوف التي نحاول أن نطرحها هنا ، وخاصة تلك المتعلقة بحجم المشاركين في المؤتمر العام لحركة فتح في إطار فكرتي (التضييق) أو (التوسيع) الديمقراطية أم المركزية الديمقراطية ؟ نحو المشاركة أو مزيد من الضبط.

أسئلة التفكير للمؤتمر القادم

 وفي دعوتنا لتوسيع آفاق التفكير والتأمل معا لا نسعى للتلفيق بمعنى أن نختار حلا وسطا بين التوسيع والتضييق أبدا، وإنما القاعدة التي تسيّرنا هي بناء نظام متكامل تصبح فيه المشاركة في المؤتمرات آلية تلقائية مرسومة ومحددة مسبقا بدقة وبالاسم،.وعليه في دعوتنا هذه للتفكير-فقط للمؤتمر القادم- نطرح الأسئلة المحددة 

1. هل من الممكن أن نعكس الفئات العشرة الموجودة مركزيا في النظام الداخلي لحركة فتح (المادة 14 ص 22) والمتعلقة بفئات المشاركين بالمؤتمر العام ، على الأقاليم في كل مكان ؟ .

2. هل من الممكن أن نسمح بتقديم أوراق أو خطط أو اقتراحات أو انتقادات للمؤتمر، دون حضور الشخص مقدم الورقة ؟ .

3. هل من الممكن تحقيق مشاركة بالمؤتمر دون حضور الشخص المشارك؟.

4. هل من الممكن (التصويت) على تقارير اللجنة المركزية أو تقارير اللجان دون حضور شخصي أيضا؟ .

5. هل من الممكن انتخاب أعضاء الثوري (أو الثوري والمركزية) والرقابة الحركية عن بعد؟.

6. هل من الممكن تحقيق الترشح عن بعد؟.

إن في الدعوة للتفكير هنا مصلحة حقيقية نستطيع من خلالها أن نتبيّن مسارا مستقبليا بين وضع "القواعد" والإجابة على التساؤلات أعلاه لتحديد طبيعة الأهداف والفكر والسياسة والمرحلة، وإن لم يكن ذلك فإننا سنظل عالقين في منطقة التجارب المتفاوتة المتصارعة الخلفية التي لا يتفق لسببهاعلى قواعد محددة أو أسس حاكمة في ظل تعدد الرؤى والنتائج المترتبة على هذه أو تلك الخلفية الحاكمة.

لنعود للأسئلة الستة أعلاه المتعلقة بتضييق أو توسيع مجال العضوية في المؤتمر العام لحركة فتح مع تأكيدي على وجاهة الطرح بالتضييق والضبط أو التوسيع والرحابة لدى كل من يطرح أي من الفكرتين، ومقترحي للتفكير هو لتحقيق أعلى حد من المشاركة في اطار الثقة والقانون والانضباط

.

الحزب الشيوعي الصيني

اذا رغبتم أن أسوق مثلا توضيحيا لما سبق-وقبل أن نستطرد- أقول: أن الحزب الشيوعي الصيني الذي يعد المنتمين له بالملايين لا يمثله بالمؤتمر العام إلا آلاف، ولنكن أكثر تحديدا فعدد اعضائه (80 مليونا في كافة أنحاء الصين) وفي مؤتمره الـ (18) عام 2012 قررت اللجنة المركزية للحزب (نظير المجلس الثوري عندنا) أن يكون عدد أعضاء المؤتمر 2270 بزيادة 50 عضوا عن المؤتمر الوطني الـ17 نتيجة زيادة عدد منظمات الحزب القاعدية.

ولمزيد من الاضاءة على التجربة الصينية فإن عدد الحضور في المؤتمر الأول عام 1921 كان 13 عضوا يمثلون (50) منتميا للحزب في كافة ارجاء الصين ليرتفع العدد عام 1945 الى 755 عضوا يمثلون ما يزيد على المليون عضو ، ثم في المؤتمر 13 وصل عدد أعضاء المؤتمر الى 1936 يمثلون 46 مليون عضوا

.

الحزب الاشتراكي (الاجتماعي) الألماني والسويدي

ولست بواقع إيراد هذا المثال هنا للقول أن حالة تقليص العدد بشكل مكثف هي الحالة النموذج في حالتنا الفلسطينية في ظل انفتاحنا على التجارب الأخرى في أوربا وأمريكا والجوار، وإنما للتأمل ومحاولة إيجاد ما يناسبنا، ولتأخذ مثالا في الاتجاه الغربي هذه المرة عن الحزب الاشتراكي (الاجتماعي) الألماني (SPD) الذي تأسس عام  1875 م. حيث يضم اليوم 12000 إطارا أو جمعية تنظيمية (association) تابعة له، مقسمة هرميا لمستويات ثلاثة كما هو الحال في الاقليم في حركة فتح ، وحيث ينتخب المؤتمر اللجنة القيادية (التنفيذية) وتنتخب اللجنة التنفيذية 13 عضوا هم مكتب الرئاسة (تتمثل المرأة في الإطارين بنسبة 2/5 حُكما) .

أما الحزب الاشتراكي السويدي (SAP) الذي تأسس عام 1889 م فهو يضم في عضويته اليوم (م2014) ما يقارب 100 ألف عضو، ومنظماته الداخلية (جميع الأطر) عددها 2800 منظمة (نادي) داخلية و 500 نقابة عمالية، وبرئاسة (ستيفان لوفن) (المولود عام 1957 ورئيسا للحزب منذ العام 2012 ) وينعقد المؤتمر كل 4 سنوات وبعضوية 350 ممثلا عن كافة مناطق البلاد (استنادا لعدد الأصوات في الانتخابات الوطنية العامة لكل منطقة) والجسم صاحب القرار يتكون من 33 عضوا و10 نائبا، ورئيس الحزب ينتخب مباشرة من المؤتمر، وفي مكتبه 95 موظفا بما فيهم من يعملون للكتلة في البرلمان  وتتضمن هيكلية الحزب في البلاد (26 منطقة) (أو إقليم) .

 

ترسخ قواعد وثقافة العمل الديمقراطي أساسا

من التجارب السابقة في الشرق و الغرب وبغض النظر عن طبيعة الايديولوجيات والسياسات الحاكمة إلا أن الفكر التمثيلي في المؤتمر هو الفكر الحاكم، ولكن لا تصح المقارنة هكذا جزافا أبدا، فالإمعان في قراءة واقعهم نكتشف ترسّخ مفاهيم أو قواعد العمل الحزبي الديمقراطي التداولي والتشاركي، أو ما نسميه نحن (الحياة التنظيمية الداخلية) التي تعطي لكل عضو، ولكل إطار حقه في القرار والمشاركة والإنتاج والعمل والتفكير وخدمة القضية والمجتمع والتنظيم ، وبمعنى آخر أن (ثقافة) المشاركة وتوزيع الصلاحيات – كل حسب منطقته ومساحته – والمتابعة اليومية والعمل الدءوب والرقابة من أسفل إلى أعلى وبالعكس، وعقد المؤتمرات الداخلية على قاعدة هذه الثقافة منعقدة دوريا، وإن طابعها ومؤشرها الرئيس عامة هو الفوز بالانتخابات الوطنية بالنسبة للأحزاب الغربية وهي قاعدة القياس والتمثيل.

بالطبع ستجد من يقول لك أننا ثورة، ونحن مختلفين، والقواعد أو المبادئ التي تحكمنا مختلفة . نعم صدقت! هذا صحيح، وعليه تصبح }القواعد المتفق عليها{ هي الحاكمة ما يجب أن يتم الاتفاق عليها بالإجابة على الأسئلة التسعة ثم الستة التي أوردناها فيما سبق.

ولمزيد من التأمل والتفكير المشترك، وفي محاولة للتفاعل مع الأسئلة المطروحة لأننا (وضع مختلف) ولأننا لم نستطيع حتى الآن تشكيل (ثقافة) داخلية منتعشة تعطي لكل اطار حقه، وللعضو دوره ومهمته، لأسباب هذا ليس مجال التطرق لها، فلم لا نفكر بهذه المرحلة أن نُشرك أعدادا مقلصة وأخرى مفتوحة في المؤتمر العام القادم؟.

إن اجبنا عن الأسئلة المتعلقة بهذا المؤتمر القادم (على فرضية رسم خريطة تمثيلية محددة للممثلين القادمين في المؤتمر الثامن وما يليه) واضعين أمامنا تحقيق الانضباط والنقاش وحسم التفاعل والمشاركة معا في معادلة صعبة جدا فإنني أقول أن 800 عضو لحضور هذا المؤتمر إلى 1000 عضو، كما تقرر في المجلس الثوري واللجنة المركزية (ما هو نظامي قطعا) يُعد عددا مناسبا ولكن ! .

 

لا تفغروا أفواهكم!

لكل ما يُحيط بنا من تداخلات فإن توسيع حجم المشاركة في المؤتمر بمعنى (تقديم المقترحات وتقديم الأوراق – والتصويت على التقارير – والانتخاب مع الترشح أو الانتخاب دون الترشح) يحتاج على الأقل لمشاركة 5000 عضو مؤتمر؟ لا تفغروا أفواهكم، نعم هو كذلك !آخذين بعين الاعتبار أن المؤتمر السابق حضره 2800 عضو تقريبا و-بطريقة افتقدت للدقة والشفافية الكبيرة برأيي على الأقل- وكان أغلب غير المشاركين الحاضرين من الحانقين حتى الآن ليس فقط لعدم المشاركة وإنما لمشاركة من لا يروه أهلا أو أنه يوازيهم بالشروط أو أقل منهم .

إن حضور 800 إلى 1000 عضو مشارك في المؤتمر لا يعني إن 4000 عضو الآخر غير مشاركين مطلقا، وإنما تُقبل مشاركتهم كأعضاء مؤتمر (غير حاضرين للجلسات)، وعبر وسائل ممكن استخدامها في ظل التطور الالكتروني الواسع، بالتالي : أن يقدموا مسبقا مقترحاتهم وآرائهم ونقدهم ويضم لوثائق المؤتمر، وأن يسمح لهم بالتصويت على عضوية المركزية والمجلس الثوري والرقابة الحركية وربما المجلس الاستشاري أيضا (عن بعد) - ولنا في تجربة مصوّتي غزة في المؤتمر السابق خير مثال مع أهمية التريث والتعديل – أما ثالثا فمن الممكن حسم إمكانية ترشح أو عدم ترشح الأعضاء المشاركين غير حاضري الجلسات للإطارين المحددين مع إبقاء الباب مفتوحا بالتأكيد لعضويتهم في المجلس الاستشاري باعتبارهم الفئة المحددة التي سيتم اختيار المجلس منها.

لسنا بصدد الانحياز لوجهة نظر محددة دون الأخرى على الوجاهة، ولكننا نعود لنُجمل الفكرة عامة بالقول أن انتقالية المرحلة النضالية وارتباك السياسة وتزعزع الإقليم وعدم وجود محددات تنظيمية صلبة وتعدد التجارب لدى الأعضاء، وعدم وجود ثقافة تنظيمية – وطنية موحِدة حتى الآن، وبالتالي ضرورة الاتفاق على القواعد الحاكمة والسياسات المتحكمة في بناء الأشكال التنظيمية دون إهمال العامل الاجتماعي والفكري والأمني والإنساني تجعلنا نجيل النظر ونرغب بالتفكير خارج الصندوق.

 

قواعد البناء وصلابة التنظيم

إن بناء ثقافة تنظيمية وطنية جامعة لا يمكن أن يتم بقرارات ولا بعقد مؤتمرات، كما لا يتم بتجارب فاشلة لا يستفاد منها، ولن تستطيع دورات أو ندوات أن تفرضها مطلقا، لأن التثقيف من حيث هي مهمة لكل الأعضاء،كل الأعضاء، وبالأخص في الأطر المتقدمة، والأجدر من خلال مركز أو إطار متخصص (مؤسسة أو مركز دراسات ومركز تدريب مركزي، وخلية تفكير وتخطيط ومركز رقابة حركية) يعنى بمراقبة التطبيق الميداني، وإنعاش الفعل وثقافة العمل والعطاء والإنتاج لتكون المقياس الرئيس في تحديد مستويات القرار ما لا يتم إلا عبر الآليات المحددة والمطبقة بالمتابعة في قيادة العمل التنظيمي التي تجعل الحياة التنظيمية حيوية دائمة، وفعل يومي وتفكير حاكم للدفع للأمام وخدمة فلسطين، فيشعر كل عضو مهما كانت مرتبته أنه مرتبط ارتباطا عضويا بالتنظيم وبفلسطين، ليس فقط بدورية دفعه للاشتراك المالي المُلزم للجميع وليس فقط بحضور الاجتماع أو المشاركة في الانتخابات العامة، إذ أنه بدون إنعاش التفكير والفعل وثقافة العمل والعطاء والإنتاج المرتبط بالقيم الإيمانية الحضارية الإسلامية العربية (وبالإسهامات المسيحية الشرقية) في بلادنا، وبدون قيمنا الوطنية ومحددات سلوكنا التنظيمية اليومية مع بعضنا البعض ومع الجماهير فإن نجاح أي فكرة أو نهج يصبح في مهب الريح.