قادة اسرائيل يتحركون كالثور الهائج، دون كابح سياسي او ديبلوماسي او قانوني او اخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني وقيادته، وتجاه العرب، وتجاه الامم المتحدة وخاصة مجلس الامن ومجلس حقوق الانسان، وقبل ذلك ضد منسق الامم المتحدة لعملية السلام، السيد روبرت سيري، الذي هدده افيغدور ليبرمان، وزير خارجية اسرائيل بالطرد، معتبرا اياه «شخصا غير مرغوب به!؟»
ووفق المصادر الاسرائيلية، سيقوم رئيس الدبلوماسية الاسرائيلية الارعن، بطرح موضوع طرد منسق الامم المتحدة من فلسطين واسرائيل يوم الاحد المقبل في جلسة خاصة على مجلس الوزراء الاسرائيلي، بذريعة، انه « حاول اقناع السلطة الفلسطينية بنقل 20 مليون دولار مجمدة في قطر لحل ازمة رواتب الموظفين التابعين لحركة حماس في غزة.»
غير ان المتحدث باسم الدبلوماسي الاممي، مراد بكري اكد لوكالة «فرانس برس»: أن موقف الامم المتحدة واضح, لن تكون هناك مساعدة لنقل الاموال الا باتفاق جميع الاطراف المعنية بما فيهم اسرائيل». مضيفا «أن اسرائيل أُبلغت بكل هذه المحادثات». وليست سرا، فضلا عن ان القيادة الفلسطينية، هي من طرح الموضوع على سيري.
بغض النظر عن التفاصيل الواردة اعلاه، فان المنطق، الذي تنتهجه حكومة نتنياهو، هو منطق البلطجة السياسية، والارهاب المنظم ليس ضد ابناء الشعب الفلسطيني، بل ضد كل من يمكن ان يفكر في ان يكون وسيطا محايدا بين القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية، ولا اقول منحازا للفلسطينيين. والتهمة جاهزة في ادراج القيادة العنصرية المتغطرسة الاسرائيلية.
والسيد روبرت سيري، كونه يتصرف بمسؤولية سياسية وقانونية واخلاقية عالية تتوافق مع مواثيق واعراف وقوانين الامم المتحدة، ويرفض التواطؤ مع سياسات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ويحرص على القيام بواجبه كممثل للامين العام للامم المتحدة في عملية السلام لدفع عملية السلام للامام وبلوغ حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وينقل بموضوعية الوقائع والمعاناة الفلسطينية، ويسلط الضوء على الانتهاكات الاسرائيلية، فان حكومة نتنياهو من زمن بعيد، تتربص بالرجل لعلها تجد ثغرة في ادائه لمهامه. لكنها فشلت طيلة المراحل السابقة، مع انها وضعت حول الرجل مخبرين لتقديم المعلومات عن تحركاته لأجهزة الامن الاسرائيلية.
عبثا حاولت حكومة اقطاب اليمين المتطرف الاسرائيلية ايجاد ثغرة في سلوك الديبلوماسي الاممي النزيه. وحتى ما سعى ليبرمان الطائش سياسيا وفاقد الاهلية الاخلاقية لالصاقه بروبرت سيري، جاء متناقضا مع الوقائع، التي اكد عليها الناطق باسمه، واوضح بشكل جلي، ان المطروح من قبل القيادة الفلسطينية عليه، قام بنقله للاسرائيليين، حتى لا تكون خطوته بعيدة عن دوره كمنسق للامم المتحدة.
النتيجة ان حكومة نتنياهو، تريد ارسال رسالة للعالم ككل، عنوانها: من ليس معنا، ومع احتلالنا وانتهاكاتنا، لن نسمح له بالبقاء هنا، لان اسرائيل فوق القانون، ولا تخضع للمعايير الاممية. ومن لا يقع في الخطأ، فسنعمل على تزوير ممارساته، ونحمله ما لم يقم به!؟ هذه الرسالة، تعكس ارهاب دولة منظم وتكميم لافواه الدبلوماسيين الامميين والاميركيين والاوروبيين والموفدين لدولهم. وتهدف الى التأكيد، ان الخيار الوحيد المقبول من حكومة نتنياهو ليبرمان بينت وارئيل وغيرهم، هو خيار الاستيطان الاستعماري ودعمه من قبل كل من يريد التواجد على هذه الارض. وهو ما يفرض على الامم المتحدة ودول العالم الانتباه لمخاطر عملية التزوير والترهيب الاسرائيلية للمبعوثين الامميين ومن في مقامهم.
روبرت سيري، الدبلوماسي الاممي، كان وسيبقى محل ترحيب وتقدير من قبل القيادة والشعب الفلسطيني، لأنه تصرف بمسؤولية عالية، واي كان موقعه سيبقى نصيرا للسلام وضد الاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته الخطيرة.