مرة أخرى، يطل علينا هذا الصوت العنصري النشاز، أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية حكومة نتنياهو الحالية، مدعيا فيها أن إسرائيل يجب أن تعمل على إجراء انتخابات فلسطينية للخلاص من الرئيس أبو مازن، لماذا؟ لأنه عقبة في طريق السلام! تصريحات – كما هو واضح للجميع – مثيرة للسخرية، وتكشف في نفس الوقت ان إجراءات وقرارات حكومة نتنياهو على صعيد الاستيطان، والتهويد، في القدس وفي عموم الضفة، ورغم عدوانيتها البشعة، إلا أنها لا تمت إلى الشرعية بصلة، وأنها باطلة من أساسها، وأنه من دون شرعنتها من صاحب القرار الشرعي الفلسطيني، فإنه لا قيمة لها، رغم كل هذه العربدة التي تقوم بها حكومة نتنياهو، مستغلة الأوضاع العربية العنصرية، والأوضاع الاميركية الغارقة في حمى الانتخابات، ولكن كل ذلك عارض، وسوف تواجه إسرائيل المأزق نفسه التي تحاول الهروب منه، وهو أن احتلالها باطل، وأن كل الفعاليات المرتبطة بهذا الاحتلال باطلة.و هذه التصريحات المتشنجة والوقحة الصادرة عن «ليبرمان« لا جديد فيها، ولكنها ذات مغزى هذه الأيام، حيث القيادة الفلسطينية مصرة على الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة، لطلب عضوية غير كاملة لفلسطين في المنظمة الدولية، حتى تصبح قادرة على الاستفادة من عضويتها في كافة الإطارات والمنظمات المنبثقة من الأمم المتحدة، دون أن يتعارض ذلك مع الإصرار على طلبها العضوية الكاملة التي لها بوابة وحيدة وهي مجلس الأمن الدولي.و لقد سمعت قبل أيام الدكتور صائب عريقات مسؤول ملف االمفاوضات في منظمة التحرير، يتحدث في لقاء خاص مع فضائية العالم الإيراني، وكان الحديث ممتازا ومهما للغاية، وأرجوا أن يذاع من خلال تلفزيون فلسطين والفضائية الفلسطينية، حيث أكد الدكتور عريقات أن هناك لقاء فلسطينيا عربيا في أوائل الشهر المقبل، أيلول، للتشاور فيه مع الأشقاء العرب في لجنة المتابعة لكي يقرر أيهما أفضل، هل نسعى لهذا الهدف في أيلول أم في تشرين الثاني، حيث لكل موعد محاذيره وإيجابيته، ومن الأفضل أن يتم التشاور بعمق مع الأشقاء العرب، ولكن في كل الحالات، فإن حصولنا على العضوية غير الكاملة يفتح لنا أفاقا واسعة، تعد من قواعد اللعبة التي يريدها الإسرائيليون أن تبقى على حالها، وتجعل فلسطين دولة تحت الاحتلال وليست أرضا متنازعا عليها، ويمكننا الاستفادة بملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية تحت بند أن ما تقوم به ضد أرضنا وشعبنا هو جرائم حرب.من هنا:يمكن أن ننفهم هذه التصريحات الحمقاء التي أدلى بها ليبرمان، إنها تهديدات مباشرة، تكشف عن حجم المأزق، وعن حجم الفشل الذي تعاني منه إسرائيل، الذي تحاول أن تهرب منه بهذه الموجة من التهديدات مرة ضد الرئيس أبو مازن، ومرة باحتلال سيناء لنقل لاجئي قطاع غزة إليها قسرا، ومرة ثالثة بخلط أوراق المنطقة عبر حرب تشنها على إيران.توجهاتنا صحيحة، وهذا التشنج الإسرائيلي هو خير دليل، ولكن يتوجب علينا فلسطينيا أن نسد الثغرات أمام هذا الاحتلال الإسرائيلي المعربد، ودون شك فإن أخطر هذه الثغرات هو الانقسام الأسود الذي مازال مستمرا بدون أي غطاء سياسي أو وطني أو أخلاقي، يجب أن تكون مبادرتنا الحاسمة هي إنهاء الانقسام، لكي نكون معا في مواجهة هذا التشنج الإسرائيلي المفضوح.