هل تستطيع حركةحماس التهرب من استحقاقات الربيع العربي؟ وهل الربيع العربي يخدم 'حماس' حزبياً وسياسياً،أم يضع سلوكها وإجراءاتها وسياساتها المحلية في قطاع غزة عارية مكشوفة ليس فقط أمامالرأي العام الفلسطيني، بل وأمام الرأي العام العربي وفي طليعته التيار الإسلامي ؟؟. 

لقد حققت حركة حماس نجاحاً ملحوظاً، بائناً، حصيلة الخيارالديمقراطي التعددي الذي تؤمن به حركة فتح ورئيسها محمود عباس، وانعكاساً للتراث الديمقراطيالتعددي الذي نشأت عليه وواظبت على تحقيقه منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحلياسر عرفات، باعتبارها مؤسسة تمثيلية، ومصدر قوتها في تمثيلها للشعب العربي الفلسطيني،أنها ضمت في صفوفها المكونات الفلسطينية الثلاثة: 

1-أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة: محمود درويش، محمد المدني، صبريجريس، عماد شقور وتوفيق فياض والعشرات من المناضلين أمثالهم. 

2-أبناء الضفة والقدس والقطاع من المقيمين والمبعدين، ولولاهم، ولولا موقفهم وانحيازهمالمبكر لما حصلت منظمة التحرير في قمتي الجزائر والرباط 1973- 1974 على حق تمثيلهاللشعب الفلسطيني، بمذكرة فهد القواسمي وعبد الجواد صالح وبسام الشكعة وكريم خلف وسميحةخليل وحنان عشراوي وحنا ناصر وسليمان النجاب والعشرات أمثالهم وأوزانهم ومكانتهم. 

3-أبناء الجاليات الفلسطينية في الشتات والمنافي والمخيمات، وخصوصاً أولئك الذين كانوايقيمون في الأردن: إبراهيم بكر وعبد الحميد السائح وياسر عمرو وداود الحسيني وعزميالخواجا وتيسير الزبري والسيدة عصام عبد الهادي وإبراهيم أبو عياش ورايق كامل وبهجتأبو غربية وإبراهيم قبعه. 

حققت \\\'حماس\\\' الأغلبية البرلمانية في الانتخاباتالتشريعية عام 2006، وبناء عليه تولى عبد العزيز الدويك رئاسة التشريعي وإسماعيل هنيةرئاسة الحكومة، ولكنها لم تكتف بذلك، بإدارتها للمؤسستين التشريعية والحكومية، فحسمتقرارها السياسي، بالحسم العسكري، واستولت منفردة على قطاع غزة منذ 2007 حتى يومنا هذا،وهي بسلوكها هذا تعكس تراث وسلوك الأحزاب الشمولية من الشيوعيين في البلدان الاشتراكية،وطرفي البعثين في سورية والعراق، والأحزاب الإسلامية الأصولية في السودان والصومالوأفغانستان، بمعنى أوضح، جاءت بالتراث الأحادي واللون الواحد والحزب القائد، بكل مايحمل من هموم وتسلط واستفراد بالسلطة، وديكتاتورية، ونفذته في فلسطين، وأين ؟، في أولمنطقة ينحسر عنها الاحتلال، وبدلاً من أن تقدم نموذجاً يُحتذى كحركة كفاحية جهاديةوجهت ضربات موجعة للعدو، وقدمت خيرة قياداتها شهداء في معركة المواجهة والاستقلال والبقيةالخيرة لسجون الاحتلال وأدواته القمعية، بدلاً من تقديم المحتذى، قدمت نسخة مكررة عنتدني مستوى الاحترام لحقوق الإنسان وعدم احترام الآخر وغياب التعددية، ورفض الاحتكامإلى صناديق الاقتراع، مصدر الشرعية وأدواتها. 

ثورة الربيع العربي، قامت ضد التفرد والحزب القائد،واللون الواحد، والادعاء بالحق، وانتصرت لقيم التعددية والديمقراطية وصناديق الاقتراع،ونجحت حركة الإخوان المسلمين، التي لا فضل لها على نجاح ثورة الربيع العربي، وإن كانثمة مشاركة لها في الاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر، فكانت مشاركتها متواضعة انتظارية،أكثر منها ريادية وباسلة في مواجهة مؤسسات وإجراءات زين العابدين بن علي وحسني مبارك. 

نجحت حركة الإخوان المسلمين، وحققت الأغلبية البرلمانيةفي كل من المغرب وتونس ومصر، وأثبتت أنها الحركة الأقوى نفوذاً وانتشاراً في العالمالعربي، وهو ما سينعكس على دعم حركة حماس وإحتضانها ومدها بأسباب القوة المعنوية والمادية،ولكن ذلك مشروط، بالتجاوب مع القيم الجديدة التي ستحكم موقف الإخوان المسلمين في البلدانالتي انتصرت فيها قيم الربيع العربي، قيم التعددية والديمقراطية وصناديق الاقتراع،وهي قيم ما زالت حركة حماس ثبت بإصرار وإمعان عدم القناعة بها، وعدم الرضوخ لها وعدمالاحتكام إليها. 

لقد فرض المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين، على خالدمشعل التوقيع على ورقة المصالحة المصرية وفرض عليه خيار دخول منظمة التحرير الفلسطينية،بعد فشل خطوتي \\\'حماس\\\' الأولى أن تكون بديلاً عن منظمة التحرير والثانية أن تكوننداً لمنظمة التحرير، ولذلك وافق خالد مشعل أن يكون واحداً من بين 27 شخصية قياديةتشكل القيادة العليا الانتقالية المؤقتة لمنظمة التحرير وتنازل عن مطالبته المسبقةبالحصول على أربعين بالمائة من أعضاء المجلس الوطني وباقي مؤسسات منظمة التحرير، وقبلبخيار الاحتكام إلى صناديق الاقتراع الذي ما زال معلقاً، بسبب تمسك قيادة \\\'حماس\\\'الميدانية في قطاع غزة بورقتي القوة بيدها وهما : 1- نتائج الانتخابات النيابية عام2006، التي أعطاها الأغلبية البرلمانية 2- ونتائج الانقلاب 2007 الذي أعطاها سلطة التحكمالمنفرد بقطاع غزة. 

توجهات ثورة الربيع، ستخلع من وجهها، ومن أمامها، سلطةالحزب الواحد، واللون الواحد، والقرار الشمولي، وستفتح الأبواب أمام التعددية والديمقراطيةوصناديق الاقتراع، فهل سترضخ \\\'حماس\\\' برضى لمطالبات الشارع الفلسطيني، وقواه الحيةوالشبابية، كما حصل في تونس والمغرب ومصر، أم ستنتظر نزيف الدم الفلسطيني في قطاع غزةأسوة بما حصل في ليبيا واليمن وما يحصل في سورية الآن ؟؟.