بقلم: ماهر حسين
بعد سنوات طويلة من إصرار البعض على حق حركة حمـــاس فيما قامت به من إنقلاب على الشرعية الوطنية الفلسطينية وبعد إجراءات عديدة قامت بها حمـــاس لفصل القطاع وللإنفصال به عن فلسطين القضية وعن فلسطين القرار وعن فلسطين الهوية والتمثيل والشرعية وبعد نقاشات وجدالات وخلافات مست بأغلب مواطني الشعب الفلسطيني ومست بصورة فلسطين في العالم العربي ها هي وبشكل مفاجئ ترغب حمـــاس الان بالتخلص من قطاع غزة وتسليمه للسلطة الوطنية الفلسطينية .
الحديث يدور الأن عن تسليم كامل للقطاع ولكن بدون المساس بسلاح حمـــاس هذا السلاح الذي باتت قدسيته الوطنية محل تشكيك بعد أن تم استخدامه في الشأن الداخلي وبعد أن أرتبط في كثير من الأحيان بأجندات إقليمية بعيدة عن فلسطين وحاجتها للتحرر والسلام .
طبعا" إستلام القطاع من قبل الشرعية الفلسطينية وعبر حكومة الدكتور رامي الحمدالله هو واجب وطني وهدف أساسي لنتجاوز بهذه الخطوة الهامة معا" الإنقسام الملعون الذي عصف بنا" نفسيا" ووطنيا" قبل أن يُضعفنا سياسيا" .
ولكن هناك ضرورات للتأني ....نعم هناك ضرورات للتأني في الإجراءات وليس في القرار .
القرار هو الوحدة والمصالحة وعودة قطاع غزة البطل الى فلسطين بعيدا" عن خطط الإنفصال والتقسيم وبعيدا" عن الصفقات المشبوهة والتسويات الأحادية .
أعلم بأن الدعوة للتأني لن تٌرضي البعض ولكن قول ما يُزعج أفض من الخداع .
ضرورات التأني تأتي أساسا" من ضرورة فهم الأسباب وراء رغبة حمـــاس المفاجأه في تسليم القطاع وبشكل عاجل للسلطة الوطنية الفلسطينية طبعا" يجري إستخدام حجة معاناة المواطن والحقيقة بأن المواطن يعاني منذ سنوات وكان البعض في حمـــاس يرفض أساسا" بأنه يوجد معاناة في غزة ويقول بأن (غزة جنة ) و في المقابل كل المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية كانت تدل على إنهيار في القطاع وهذا الإنهيار يشمل جميع القطاعات وبكل المستويات هذا بالإضافة الى أننا شاهدنا ظواهر عجيبة في القطاع تتمثل في تزايد معدلات الطلاق والإنتحار والإدمان على كل ما يمكن أن يتم الإدمان عليه .
كل الظواهر والمؤشرات لم تحدث فجأه بل هو نتيجة حتمية لما قامت به حمـــاس منذ إنقلابها حيث أن سياستها عزلت القطاع ومنحت الكل أسبابا" لمحاربة حمــاس والقطاع .
مما فاقم الحالة الإنسانية في القطاع وأوقع الشباب الفلسطيني هناك في براثن اليأس والمرض والحصار .
بكل الأحوال نحن الأن نتحدث عن رغبة حماس في تسليم سريع وعاجل للقطاع وفي الوقت نفسه نرى ضرورات وطنية للتأني وفي التأني السلامة للجميع وسأذكر هنا مجموعة من الأسباب التي أرى بأنها تٌوجب التأني :
- المصالحة ليست إجراءات تسليم وإستلام وفقط وإنما هناك حاجة لتعزيز المبادرات الإجتماعية التصالحية بين القيادات لتجاوز الإنقسام نفسيا" وهذا يتطلب المزيد من اللقاءات والمجاملات والمناسبات لكي ينعكس هذا الجو الإيجابي على الجميع فتعود المصالحة راسخه في النفس.
- حجم المشاكل المتراكمة منذ سنوات لا يمكن حله بقرارات سريعه فهناك ضرورة لدراسة الوضع القائم لمعرفة أفضل الحلول في كل القطاعات وبشكل خاص في ملفات الموظفين والدمج ومستوى الخدمات .
- هناك ملفات سيادسة تتعلق بالسلطة ومنها الإعمار والأموال والجباية وتوحيد القوانين في الوطن الواحد وبالطبع المعابر وهذه الملفات بحاجة لصلابة قرار ولتطبيق حقيقي ولتنفيذ فعلي يحتاج الى وقت نرجو أن يكون قصير .
- هناك ملفات شائكة ومنها الأراضي الحكومية التي تم توزيعها على قيادات حمــاس وهذا غير قانوني وغير مقبول ويجب أن تعود الأراضي الحكومية للشعب وللحكومة بلا أي تنازل في هذا الملف الهام وهذا كذلك يحتاج الى وقت .
- كنت قد أشرت لملف السلاح والذي يبدو بأن هناك قرار سياسي بتأجيل التعامل معه ولكن تصريحات المتشدد المعادي للوحدة (الزهار) الأخيرةتؤكد ضرورات التأني في إستلام القطاع كاملا" لحين الإتفاق على أسس التعامل مع ملف السلاح فلن نقبل بأن يكون سلاح حماس مسلطا" على رأس صانع القرار أو الشعب .
- هناك ضرورات تامة للتفاهم إستراتيجيا" على الشأن الفلسطيني وعلى السياسة الفلسطينية ففلسطين عربية والعلاقة مع الجميع تأتي من بوابة عروبة فلسطين ولسنا جزء من أي معسكر سوى معسكر فلسطين الساعي لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على أراضينا المحتلة عام 1967 لنعيش بسلام مع كل دول الجوار وهذا يقتضي من حماس التوقف عن التدخلات في أي شأن عربي بشكل يضر بنا كما حدث عند دعم حماس للإخوان في مصر أو دعم حماس للثورة في سوريا وهذا يعني كذلك بأن علاقات حماس الخارجية يجب أن تكون من خلال السلطة فلا مكان لصفقات ولإتفاقات .
هناك ضرورات أخرى تقتضي التأني والهدوء ولكن ما سبق وكما أرى هو أسباب كافية للمواطن الفلسطيني وللقارئ الكريم ليعلم وليفهم وليعي بأننا بحاجة الى وقت لإنجاز المصالحة بالشكل الصحيح البعيد عن العواطف والحماسة التي قد تؤدي الى صدام أخر لا سمح الله .
بالنسبة لي وبلا تردد ...
أنا مع المصالحة تماما"
وكلي ثقة بأن القادم أفضل لشعبنا في غزة ولشعبنا الفلسطيني .
وكلي ثقة بأن القادم أفضل بين حماس وفتح فكلا الطرفين خسر من الإنقلاب والإنقسام .
وكلي ثقة بأن جهود المخلصين لن تتوقف لحماية المصالحة .
ولكن هناك ضرورات ليكون القادم مبني على أسس وطنية من الشراكة والتفاهم والتعاون .
وكلي ثقة بأن كل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) برئيسها وقادتها وكوادرهـــا مع المصالحة ومع الإسراع في إستلام القطاع ولكن هناك وكما قلت ضرورات للتأني في الإجراء مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الدفع الجماهيري والسياسي والعربي للمصالحة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها