لا شك أن ملف الاعتقالات سواء في غزة من قبل مليشيات حماس، أو في الضفة من خلال الأجهزة الأمنية الرسمية ملف شائك، وحيث لا مقارنة بين همجية القتل (لم يحصل في الضفة إطلاقا) والتعذيب والاعتقال الذي مارسته/وتمارسه مليشيات حماس في قطاع غزة من الطبقة الطفيلية المعطلة للمصالحة، وبين الاعتقال على القاعدة الجنائية من قبل الأجهزة الأمنية أي تلك التي يتم فيها القبض على المتاجرين بالأسلحة أو القائمين بتبييض الاموال مما أشار لها الرئيس أبو مازن تكرارا وأمام خالد مشعل.

والفرق بين الاعتقال على قاعدة الانتماء السياسي أو وجهة النظر المخالفة فكريا وسياسيا واجتماعيا وهو ما تمارسه حماس، وبين الشأن الأمني الجنائي يعد فرقا كبيرا فالأول مدان من أي طرف كان، والثاني هو مفهوم استقرار أمن المواطن ومقبول في أي مكان بالعالم.

إن عدم إقرار حماس بانقلابها الدموي والذي أدى إلى الانقسام، أو رفضها الإقرار بعدم شرعية ما فعلت من قتل وجرح وفتاوى واعتقال وتعذيب (وحديثا الاستعداد لاعدامات لكوادر من حركة فتح)، وضرورة أن تدفع ثمن ذلك هو ما مكّن المستفيدين فيها ماليا واقتصاديا وأمنيا، وما زاد في فظائعها بالقتل والتعذيب والاعتقال وهي الممارسات التي لا يشير إليها غالبية متحدثي حماس حين الحوار عن قضية المعتقلين، وتشير إليها القلة المنصفة رافضة هذه الممارسات التي آذت حماس ذاتها كما أشارت هذه القلة الملتفة حول مشعل في حوارات المصالحة في القاهرة.

أن محاولات حماس اللعب على وتر الاعتقالات الجنائية (حيث من الممكن الرجوع لعشرات التصريحات التحريضية من حماس الداعية لمقاتلة السلطة الوطنية، والتي أفردنا لها مقالا سابقا) التي أدت لتكديس الأسلحة ليس بهدف مقاومة المحتل وإنما الاستعداد لضرب السلطة الوطنية كما دعا لذلك جهارا نهارا عدد من أولئك المحرضين في حماس، لذلك يأتي الحذر من ألا يتكرر سيناريو الانقلاب الدموي في غزة ثانية في الضفة خاصة والتحريض والفتاوى جاهزة بما لا يقبله الله ولا رسوله ولا أي مواطن.

خلاصة ما نريد قوله هو ان الاعتقال على قاعدة الرأي المخالف مهما كان هذا الرأي سياسي أو فكري أو اجتماعي مرفوض قطعيا سواء طبق من قبل الأجهزة الأمنية الرسمية في السلطة الوطنية، أو من قبل مليشيات حماس هذا أولا، وثانيا لقطع دابر الأمر يجب أن يتوقف المحرضون والمفتون والمستفيدون في حماس من الانقلاب عن تحريضهم وفتاويهم الفاجرة ضد بني جلدتهم، وثالثا يجب أن تقر حماس بخطأ الانقلاب والاعتذار عنه وعما فعلته وعدم العودة له مطلقا وتحت أي ظرف وإلا سنظل نعيش حالة اللامصالحة التي تفيد أمراء الحرب في غزة.

القضية الأخرى المرتبطة بالاعتقالات هي ما يتعلق باعتقالات الطلبة، والتي في ظني ان لم يطلها التحريض على القتل أوتكديس الأسلحة أوتبييض الأموال تصبح اعتقالات مرفوضة وغير مقبولة وندينها ونقف في هذا الإطار مع طلبة حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح في غزة وغيرها من الفصائل، ومع طلبة حماس في بيرزيت حينما يرفضون اعتقالاتهم ان كانت على قاعدة الرأي المخالف، ما يضر بمسيرة الطالب التعليمية.

وتحت أي ظرف فمن المتوجب ان يبتعد الطلاب والشباب عامة عن المماحكات السياسية وعن استغلالهم من قبل الأجهزة الأمنية او من قبل القيادات السياسية الانتهازية للايذاء والتحريض وافتعال الفتن والدعوة لقتال بعضنا بعضا كما حصل في قطاع غزة، وان تكون حرية التعبير لهم حصانة، كما يجب أن يكون عليه الحال لكافة فئات المجتمع.