الرقص مع طهران

هآرتس - تسفي بارئيل:14/2

(المضمون: مع أنهم في طهران يتحدثون عن "عام الحرب"، الا انهم يعنون اكثر بالاستعدادات للانتخابات  القريبة، وبمسائل الصراعات الداخلية والفساد في الدولة).

يوم السبت الماضي حلت الذكرى الـ 33 للثورة الاسلامية في ايران. ورغم الاحتفالات الرسمية والمظاهرات المنظمة لم يكن هذا يوما لطيفا على نحو خاص. مطر خفيف هطل في طهران وفي الليل انخفضت درجات الحرارة الى ناقص 3 درجات. في الشوارع، كما يروي بعض المدونين، يتحدثون  عن "عام الحرب" ضد ايران. "لم يعد هناك فزع او خوف، ولكن توجد اسئلة"، كتب احد المدونين. وفي موقعه يوجد رابط بنبأ من وكالة "رويترز" يتحدث عن ان الصين قررت تقليص كمية الحديد التي تستوردها من ايران.

هل الخوف من العقوبات يتعاظم؟ ليس بالضرورة. الهند أعلنت بان استيرادها من النفط الايراني  ازداد بـ 37 في المائة في كانون الثاني وموقع التزلج، على مسافة نحو 55 دقيقة سفر من طهران يمتلىء بالمتزلجين والمتزلجات رغم التحذير الخطير من اختلاط الجنسين في المكان والذي كانت نشرته الشهر الماضي شرطة الاداب. الشركة السياحية البريطانية Persian Voyages لا تزال تقترح نزهات منظمة لمدن ايران القديمة (1750 جنيه استرليني في فنادق أربع نجوم)، جولات لجبل دمنند بارتفاع 5.5كم أو نزهات تزلج. ويبدو أن مواعيد الرحلات لا تراعي الحرب القريبة. في آب 2012 ستنطلق الجولة التالية، ولرزم التزلج في شباط بقي مكانان شاغران آخران.

كما أن اعضاء البرلمان لا يبدون قلقين على نحو خاص من هجوم اسرائيلي او غيره. فقد بدأ هناك  السباق نحو الانتخابات التي ستجرى في 3 اذار. هذه انتخابات هامة. ليس لانها سترسم خريطة سياسية جديدة في ايران، وذلك لان معظم من يعتبرون اصلاحيين قرروا مقاطعتها، بل لانها ستقرر كم سينجح محمود احمدي نجاد في ان يبقي وراءه إرثا سياسيا يواصل طريقه حتى بعد أن يكف عن أن يكون الرئيس في السنة القادمة، كما يطالب الدستور الايراني.

هذا صراع سياسي قدر، يذكرنا ببعض من عناصر السياسة الاسرائيلية. مثلا القصة عن شهادت الدكتوراة لعضو البرلمان أحمد تواكلي، احد أبرز معارضي احمدي نجاد. فقد اتهم تواكلي النائب الاول للرئيس، محمد رضا رحيمي، بالمشاركة في احدى قضايا الفساد الاخطر في ايران، والتي "اختفى" فيها نحو ثلاثة مليار دولار. وقد عصفت القضية في ايلول الماضي في المنظومة البنكية وشركة التأمين الحكومية، التي تكبدت أساس الخسارة. رئيس الجهاز القضائي صادق لاريجاني شقيق رئيس البرلمان علي لاريجاني، خصم آخر شديد لاحمدي نجاد – أمر في حينه باجراء تحقيق سريع ومعاقبة المذنبين بكل شدة القانون.

ولكن  عندما  تبين ان رحيمي هو احد المشاركين الرئيسيين، تدخل الزعيم الاعلى علي خمينئي وأمر بعدم تقديمه الى المحاكمة. من الصعب ايجاد تفسير مرضٍ لتدخل خمينئي باستثناء التهديد غير الصريح الذي اطلقه احمدي نجاد وبموجبه يعتزم الكشف عن دور ابن خمينئي، مجتبا، في قضايا فساد "رهيبة".

في اعقاب وقف التحقيق خرج تواكلي بنداء لاستئنافه وتقديم رحيمي الى المحاكمة. وردا على ذلك نشر رحيمي "لائحة اتهام" خاصة به ضد تواكلي، روى فيها بان تواكلي حصل على منحة تعليم كي ينهي لقب الماجستير في العلوم في لندن بينما يحتفظ منذ الان بلقب الماجستير من جامعة بهشتي في ايران، والاخطر من ذلك – فان لقب الدكتوراة الذي يتباهى به ليس حقيقيا. "كيف يحتمل أن يكون تواكلي يتلقى منحة دراسة لـ 38 شهرا عندما تكون أقر له فقط 11 شهر تعليم؟"، تساءل رحيمي في مذكرته، وعندها سارع الى أن يضيف ااحبولة اخرى من احابيل تواكلي – شراء أرض في شمالي طهران بـ "ثُمن سعرها في السوق".

هذه ليست المناكفة السياسية الوحيدة التي تعصف بايران. جماعات المحافظين التي تتنافس في الانتخابات تنقسم بين مؤيدي احمدي نجاد ومؤيدي خمينئي. ولكن في داخل معسكر مؤيدي خمينئي، الذي يجمع 18 حركة، نشب خلاف حين أعلن علي مطهري، صهر رئيس البرلمان ومعارض حاد لاحمدي نجاد عن تشكيله جماعة مستقلة لن تتنافس في اطار مجموعة مؤيدي خمينئي. وهو يسمي مجموعته بـ "منتقدي الحكومة العاشرة" – حكومة احمدي نجاد – وهدفها سحب البساط من تحت أقدام مؤيدي الرئيس في البرلمان.

هذه ليست صراعات ستحسم مسألة النووي – فعلى تطوير تكنولوجيا نووية يوجد اجماع من الحائط الى الحائط الى هذا الحد أو ذاك – ولكنها كفيلة بان تضع امام احمدي نجاد تحديات أصعب مما في الماضي في كل ما يتعلق بسياسته الاقتصادية وبوضع الاقتصاد في ايران الذي يتأثر بالعقوبات.

هل ما يجري في السياسة الداخلية لايران كفيل بان يؤثر على سياستها تجاه الغرب؟ ليس في المدى القريب، في ضوء وجود حملة انتخابية يجتهد فيها كل طرف في أن يعرض مفهوما وطنيا اكثر تشددا من غيره. في موسم الانتخابات فان العقوبات التي يفرضها الغرب هي الاخرى لا تساعد في تغيير السياسة حين يحاول كل طرف ان يظهر تصميما وطنيا ضد الاعداء من الخارج. ولكن بعد الانتخابات، وقبيل الانتخابات للرئاسة في العام القادم، سيتعين على البرلمان ان يدرس آثار السياسة على الدولة وان يعرض بدائل لها. هذه مدة زمنية غير مناسبة لمحبي الهجوم على ايران، ولكن من يسعى الى أن يرى تغييرا من الداخل يتعين عليه ان يرقص  على الوتيرة الايرانية.

مهاجمة اسرائيل أمر في موروثاتهم الجينية

اسرائيل اليوم - بوعز بسموت:14/2

(المضمون: ليست ايران وتوابعها في حاجة الى سبب معين لتنفيذ عمليات في أهداف اسرائيلية فالارهاب الشيعي لم يولد أمس).

يمكن ان نرى في العملية في الهند ومحاولة العملية في جورجيا بصمات أصابع حزب الله مع الوكيل من طهران وهما مسؤولان عنهما أمس.

وكذلك محاولات تنفيذ العمليات في الشهر الماضي في السفارتين الاسرائيليتين في باكو وبانكوك صدرتا عن خط الانتاج نفسه. فقد أقسم حزب الله ان ينتقم لاغتيال عماد مغنية، أما ايران فهي كحالها تعرف منذ سنين كيف توجه جيدا مصدري تصديرها الرئيسين: النفط للصينيين والارهاب للاسرائيليين.

يمكن بالطبع ان نجد أسبابا لتوقيت الهجوم الارهابي المشترك على أهداف اسرائيلية في نقاط مختلفة فوق البسيطة. ففي حال حزب الله، الانتقام لاغتيال رئيس الذراع العسكرية للمنظمة الذي لم يوجد بديل عنه حتى الآن، قبل اربع سنين ويومين. وكذلك ارادة طهران ان تنتقم لاغتيال علمائها الذريين مع اختيار نفس نموذج القيام بالعمليات في الهند (عملية على دراجة نارية) يمكن ان يكون تفسيرا.

لكن الارهاب الشيعي لم يولد أمس. ومن الصعب ان ننسى العملية التي تم تنفيذها في سفارة اسرائيل في الارجنتين في السابع عشر من آذار 1992 وقتل ضابط أمن السفارة في أنقرة، ايهود سدان، في ذلك العام. لا يحتاج حزب الله ورئيسه الايراني الى سبب لمهاجمة اسرائيل ومفوضياتها فهذا شيء في موروثاتهما الجينية.

يُقدرون في القدس ان الامر لم ينته، فالتحذيرات للمفوضيات الاسرائيلية أو اليهودية في الخارج كثيرة. وليس لطيفا ان تكون مبعوثا اسرائيليا في هذه الايام. وأنا أعرف هذا جيدا عن تجربة شخصية. فأنا أتذكر الخوف والتوتر حينما كان جميع اعضاء المفوضية الدبلوماسية الاسرائيلية محاصرين معا في منزل رئيس المفوضية عشرة ايام مع الاولاد بسبب انذار ساخن. وجربت هذا في عاصمة موريتانيا في تشرين الاول 2005. وأنا أعلم ايضا كيف الشعور بأن تستيقظ بعد منتصف الليل (2:20) مع زوجة وطفلة صغيرة حينما تُرمى قنابل يدوية على مكان العمل القريب، وعلى سفارة اسرائيل. كانت القاعدة هي التي فعلت ذلك وايران هي التي تفعل اليوم.

ان التباحث في انه هل تُهاجَم ايران أنسى للحظة أننا ما نزال في أوج محاربة الارهاب. وهي محاربة بلا حدود لا تُقدم فيها ايران المعلومات فقط بل المدد ايضا.

في الواقعتين أمس، كان الحديث عن والدين سافرا لنقل اولادهما من روضة الاطفال أو من المدرسة. وفي نيودلهي كان الهدف امرأة هي زوجة مبعوث اسرائيلي وهذا كاف بالنسبة لايران وتوابعها. ويمكن ان نعزي أنفسنا بالطبع بالنتيجة المخيبة للآمال بالنسبة لمنفذي العملية، فقد كان هناك اربعة جرحى فقط بأربع محاولات تفجير. لكن يمكن ان نكون قلقين ايضا لأن جميع الدلائل تشير الى ان عمليات اخرى في طور التخطيط لها. وايران تنكر بالطبع كل صلة لكنها تتهم اسرائيل باغتيال علماء الذرة. كم من النفوس الطاهرة في واشنطن اهتمت بأن تُسرب لوسائل الاعلام معلومات عن مشاركة اسرائيلية.

 

 

الحدود تغيرت

معاريف - عوفر شيلح:14/2

(المضمون: في هذه الايام، حين تكون ايران عرضة لهجوم دبلوماسي واسع وتستعد لهجوم مادي، من المعقول الافتراض بان لجام حزب الله وثيق على نحو خاص).

العمليتان امس في الهند وفي جورجيا تبدوان – في النظرة الاولى، وقبل أن يتضح أي تنظيم بالضبط نفذهما – هاويتين جدا. ولكن الاستنتاج منهما عن قدرة حزب الله الذي يكاد لا يكون هناك شك في أن رجاله يقفون خلفهما، سيكون ايضا تحد للمصير – فمعظم رجال الامن يعتقدون بان محاولات القيام بأعمال ارهابية لن تتوقف، وكذا الاعمال الهاوية بحد ذاتها. يخيل أنه يجب محاكمة تلك العمليتين في سياق أوسع.

في 1992 استغرق حزب الله شهر بالضبط للثأر على تصفية عباس موسوي، الامين العام السابق لحسن نصرالله. العملية كانت كبيرة، تظاهرية وكثيرة الاصابات: مبنى السفارة الاسرائيلية في بوينس أيرس انهار بعبوة اخفيت في سيارة متفجرة قادها انتحاري، وقتل 29 اسرائيليا وارجنتينيا. بعد سنتين من ذلك قتل 85 شخصا في عملية مشابهة في مبنى الجالية اليهودية في الارجنتين.

ماذا تغير منذئذ وحتى يوم أمس، بعد أربع سنوات على وفاة عماد مغنية في اغتيال في دمشق؟ حدود النزاع أساسا. في العشرين سنة السابقة، ولا سيما منذ 11 ايلول 2001، أصبح الارهاب والحرب ضده موضوعا عالميا. أذرع الاستخبارات التي كانت تتحفظ على ما يخصها بتزمت ذات مرة باتت تتعاون، وقدرات كانت ذات مرة من نصيب القليلين، فتحت الان امام العيون الاجنبية. مصالح تنظيمية وسياسية تخفض رأسها امام الفهم بانه في هذا العالم لا أحد يحمي نفسه وحده وبنفسه.

حزب الله يحاول منذ أربع سنوات تنفيذ عملية كبيرة، تثأر من موت مغنية. وبقدر ما نعرف، لم ينجح حتى الان لان أذرع الاستخبارات من كل العالم تتعاون، مثلما بدا الامر ايضا في احباط العملية في تايلندا قبل بضعة أسابيع. عمليتا أمس بدتا سطحيا كنتيجة لتنظيم محلي، تنظيما يمكن ان ينفذ من تحت الرادار، ولكنه بقدرات محدودة. واضح أن هذا ليس النهاية، لا بالنسبة لهم ولا بالنسبة لنا.

الحدود الجديدة تبدو أيضا في الكوابح التي يضعها معظم الاطراف على أنفسهم. فحزب الله يقف امام واقع حساس جدا في لبنان، ضعف شديد للصديق من دمشق، ضغط دولي هائل على السيد من ايران. وقد سبق لنصرالله أن أطلق ذات مرة في صيف 2006 عيارا أشعل نارا أكبر بكثير مما خطط له. في هذه الايام، حين تكون ايران عرضة لهجوم دبلوماسي واسع وتستعد لهجوم مادي، من المعقول الافتراض بان لجام حزب الله وثيق على نحو خاص. ايران يمكنها ان تتنكر لعمليتي أمس، ومشكوك فيه أن تعاقب عليهما. نتائج اخرى كانت ستجعل هذه المهمة صعبة عليها.

اسرائيل هي الاخرى لا يمكنها ان تحطم الاواني. فعلى الطاولة أمور أكبر بكثير، ولنا أيضا توجد اطراف ثالثة ينبغي أخذها بالحسبان. الدفاع الذاتي، في وجه الارهاب مثلما في وجه التهديدات الاخرى لم يعد موضوعا بين النظام ونفسه. فالحرب الاستخبارية، الى جانب قوى اخرى من أرجاء العالم، أنتجت حتى الان النجاحات أساسا. هذا لا يعني ان أيا من الطرفين مسموح له تحطيم الاواني.

 

عمليات حزب الله: اليدان يدا ايران

اسرائيل اليوم - رؤوبين باركو:14/2

(المضمون: كلما زادت التهديدات لمصالح ايران وحزب الله والنظام السوري وجب توقع تصعيد عمليات تنفذها هذه الأطراف الثلاثة في أهداف اسرائيلية وغربية وامريكية).

تمت اربع سنين منذ حدث اغتيال مسؤول حزب الله الكبير عماد مغنية. ونسب حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الى اسرائيل اغتيال الارهابي اللبناني الكبير على ارض سوريا ووعد بالانتقام. وبقي هذا الوعد حتى الآن بلا رد "حاسم" كما تم الوعد.

لكنني أرى ان سلسلة العمليات التفجيرية التي وجهت أمس على أهداف اسرائيلية في نيودلهي في الهند وفي تبليسي في جورجيا، وقبل ذلك في بانكوك في تايلاند، ليست فقط عمليات متابعة للارهاب الذي تديره المنظمة موجها على اسرائيل في اطار حملة الانتقام المعلنة حول قضية مغنية. الحديث كما يبدو عن دلائل تشهد على انهيار ويأس في ايران وسوريا. فالضغط الذي يزداد على الوكيلين السوري والايراني هو بمثابة تهديد وجودي لحزب الله الذي حذر في المدة الاخيرة من أنه اذا أصبح النظام السوري في خطر فسيبادر الى مواجهة مع اسرائيل لانقاذه.

ان سلسلة العمليات التفجيرية التي يبدو ان حزب الله نفذها تشير الى ان المنظمة تعمل على قضاء الدين بتوكيل من أسيادها. وقد انحصرت العمليات التفجيرية الاخيرة في أهداف اسرائيلية في دول مضيفة لا في خط المواجهة مع اسرائيل. ففي هذا من جهة ما يشهد على قوة الردع الذي حشدته اسرائيل في مواجهة المنظمة الارهابية في حرب لبنان الثانية. ومن جهة اخرى تشير الجرأة في اختيار أهداف العملية الى ان المنظمة قد تستعمل بنى تحتية لمساعديها المتعاونين معها على أهداف اوروبية وامريكية في كل مكان في العالم في المستقبل القريب حقا.

في دوائر الاستخبارات الوقائية في العالم من المعلوم منذ زمن ان حزب الله طور بنى تحتية لتنفيذ عمليات في دول افريقيا واوروبا وامريكا الجنوبية ودول اخرى من اجل "يوم الحسم" الذي يبدو انه قد حان. ويفترض ان تكون العمليات التفجيرية الثلاث الاخيرة بالنسبة للاجهزة الامنية في العالم الغربي اشارات تحذير خطيرة تشير الى قدرة حزب الله واستعداده لتحديد مراكز ارهاب وتوسيع حلبة المواجهة مع اسرائيل ومع الغرب وتنفيذ عمليات تفجيرية داخل المجال السيادي للدول المضيفة للجالية الشيعية ايضا مع تجنيده لمتعاونين على الارهاب من داخلها.

كلما زادت التهديدات لمصالح ايران وحزب الله والنظام السوري واقتربت ساعة الحسم في شأنها، ينبغي ان نتوقع تصعيدا لعمليات متعددة الأبعاد على أهداف اسرائيلية وغربية وامريكية. وقد تُنفذ هذه العمليات باعتبارها جزءا من النظام القتالي الايراني تلاحظ اشاراتها التصعيدية في مضيق هرمز ايضا.

ان مواجهة ايران وخطوات معاقبة حزب الله تحتاج الى تعاون دولي وليست قضية اسرائيلية فقط. وينبغي ان نفترض ان حزب الله يعلم ان من اغتال مغنية في سوريا يستطيع ان يؤلم حزب الله ومؤيديه جدا في كل مكان وفي كل وقت يختاره.

 

رهائن في السفارة

يديعوت أحرونوت- سمدار بيري:14/2

(المضمون: الازمة الامريكية المصرية تهدد بالغاء المساعدة الامريكية التي ستكون من مصلحة الحركات الاسلامية التي تنادي باعادة فتح اتفاق السلام مع اسرائيل).

يصعب ان نفهم لماذا تعقدت قضية اعضاء المنظمات غير الربحية الـ 43 الذين عملوا الى ما قبل شهرين في مصر وكيف تضخمت هذه القصة تضخما مخيفا الى درجة أنها تهدد العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر الجديدة. توجد رواية امريكية، وتوجد رواية مصرية ونحن الآن ايضا نغرق في الوحل.

اليكم ملخصا: في كانون الاول الاخير داهمت اجهزة الامن المصرية 17 مكتبا للمنظمات الاجنبية في القاهرة، وصادرت اموالا ووثائق واستولت على الحواسيب وأغلقت المباني بسلاسل حديدية. واستقر رأي الامريكيين في المجموعة على انه لم يعد لهم ما يبحثون عنه في مصر واستعدوا للمغادرة. بيد أنه أدهشهم في المطار ان يسمعوا بأنهم ممنوعون من الخروج من الدولة. ووصل 6 منهم في يأسهم الى مقر السفارة الامريكية التي تتمتع بحصانة دبلوماسية وابتُلعوا داخلها. وبعد اسبوع أعلن المدعي المصري العام أنه ينوي ان يحاكمهم على نشاط بلا ترخيص. ومر يومان آخران وعرض المدعي العام وثائق ترمي الى تأثيم نشطاء المنظمات وعلى رأسهم سام لحود ابن وزير النقل العام في ادارة اوباما – بسبب تآمر وتحريض وتدخل في شؤون مصر الداخلية.

من وراء الستار وفي حين كان الغضب وخيبة الأمل يتغلغلان الى مجلسي النواب في واشنطن بدأ رشق التهديد بالغاء/ تعليق/ تقليص ميزانية المساعدة السنوية لمصر. وميزانية المساعدة التي تبلغ ملياري دولار تقريبا ليست أمرا تافها في الوقت الذي يُحتاج فيه الى حماية قناة السويس وفي الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد المصري وتهتز فيه البورصة ولا يوجد سياح وفي الوقت الذي يختفي فيه المستثمرون الاجانب. هاتف وزير الدفاع الامريكي ليئون بانيتا رئيس المجلس العسكري في مصر المشير حسين الطنطاوي وحاول ان يقنعه بانهاء هذه القصة الهاذية قبل ان يصبح الوقت متأخرا.

وعقدت تلك المكالمة الهاتفية الامور فقط. ان وفدا من ضباط الجيش الكبار من مصر تناولهم الضرب على رؤوسهم في واشنطن. وقد زار رئيس مقر القيادة المشتركة الجنرال مارتن دامبسي أول أمس القاهرة زيارة خاطفة وخرج وفد من الشيوخ لتحذير مصر لتكف عن اللعب بالنار.

وفي الاثناء لا توجد بشائر خير في شأن الستة العالقين في السفارة الامريكية. ويفخر اعضاء مجلس الشعب من الاحزاب الاسلامية بقولهم: "لدينا مصادر مساعدة اخرى". وعلى العموم "من الذي يحتاج الى تفضل من الامريكيين؟".

منذ سقط مبارك تمتحن واشنطن القاهرة امتحانا شديدا. وقد اشترطت الادارة الامريكية ثلاثة شروط صارمة للموافقة على المساعدة السنوية وهي: الحفاظ على اتفاق السلام مع اسرائيل، وتنفيذ اصلاحات لتحسين مكانة المواطن ازاء السلطة وحرية العبادة لجميع أبناء الأديان. واليكم النتائج: ان مصر تحترم (في هذه الاثناء وبحسب تفسيرها في الحد الأدنى) اتفاقات السلام. وفي شأن حقوق المواطن فالامر بين بين. وفي شؤون حرية العبادة، يرتجف الأقباط خوفا.

ليس عرضا ان ضايق المصريون نشطاء حقوق الانسان. ان النشطاء المحجوزين في السفارة الامريكية عملوا في الأساس مع شباب الثورة وهؤلاء خاصة تلقوا لطمة مجلجلة في انتخابات مجلس الشعب. والشباب الذين يصرون على الشغب في الشوارع، من وجهة نظر المجلس العسكري والحركات الاسلامية، يشوشون على رسم الخريطة السياسية الجديدة.

من المهم ان نعاود التذكير بأن مصر يجري عليها تغيير حاد، ومصر الجديدة ليست هي مصر التي عرفناها. والتهديد بأنه يمكن تسوية الامور من غير الامريكيين ايضا يُسمع حتى في تل ابيب. وقد شهدت الوزيرة المصرية بالتعاون الدولي، فايزة أبو النجار، التي تعتبر القوة الدافعة في هذه القضية، شهدت أمس في المحكمة في القاهرة وقالت: "ان الثورة في مصر أفسدت على الامريكيين والاسرائيليين الخطط، ولهذا فانهم مستعدون لانفاق مال كثير وجهود للحفاظ على مصالحهم".

اليكم العقدة المثلثة: اذا ألغت واشنطن المساعدة لمصر التي ولدت عن اتفاق السلام مع اسرائيل فان الساسة الاسلاميين سيتلقفون هذه اللقطة. وسيطلبون فورا فتح الاتفاقات والتغيير واعادة البناء والتشديد في كل ما يتعلق بالتعاون (والذي مُحي أصلا). كيف يتم الحفاظ على الاتفاق وتُنقل مليارات الى دولة دبرت ملفا جنائيا للباحثين عن الديمقراطية؟ ان المتفائلين مستعدون لأن يُقسموا ان القضية تميل الى الخفوت. ويحذر المتشائمون من ان هذا هو البداية فقط.