الموساد، المخابرات وشعبة الاستخبارات العسكرية لم تكشف عن الاستعداداتالايرانية للعمليات

هآرتس – من امير أورن:15/2

الجانب الأكثر اقلاقا في سلسلة العمليات الايرانية فيآسيا، في الايام الاخيرة، هو الدافع الى تنفيذها مهما يكن – رغم أنها لم تُعد كماينبغي. الضرر المتراكم من العمليات الثلاث في نيودلهي، تبليسي وبانكوك هو اصابةتالي كوهين يهوشع. لم يقتل أي اسرائيلي، لم يتعرض للهجوم أي هدف نوعي – مبنى،ممثلية، طائرة مسافرين، وفد رسمي. باعثو منفذي العمليات كان يمكنهم ان يقدروا بأنالنتيجة لن تبرر الاستثمار وانه في ميزان الصورة مع اسرائيل، حيال نجاح الاغتيالاتالمنسوبة لها بحق عماد مغنية قبل اربع سنوات وعلماء الذرة في الاشهر الاخيرة، فانيدهم ستكون هي الدنيا. ومع ذلك، فقد سارعوا الى العمل.

هذا سلوك لم يكن تتميز به منظومة اتخاذ القرارات فيطهران وهو يدل على ان أصحاب القرار هناك في حالة ضغط، يخرجون عن توازنهم ومن شأنهمان يعملوا بدوافع أضيق مما بحسابات عقلية. هذا مدخل لتصعيد محتمل ولاضعاف الكوابحالتي قيدت حتى الآن البعد العسكري لوتيرة تقدم البرنامج النووي. فرضية عمل اجهزةالاستخبارات في الغرب، في السنوات الاخيرة، كانت ان ايران تنشر سرا فيالقهالعمليات رد ضد محافل امريكية واسرائيلية، اذا ما تعرضت للهجوم. لايران مصلحة معينةفي استخدام هذا الانتشار لخلق الردع، ولكن لهذا الغرض المحدود من غير المجدي اخراجالبنية التحتية الى حيز التنفيذ. يكفي نثر شظايا معلومات، تصل الى الآذان الصحيحة.

يخيل أنه مثل عملية اختطاف حزب الله في حدود لبنان، في12 تموز 2006، والذي أوقع رد الفعل الاسرائيلي على ايران ضربة شديدة في شكل ضربةلذراع حزب الله الصاروخي (والذي أعيد بناؤه في هذه الاثناء) وغير منظومة اعتباراتحزب الله للمرة القادمة، هكذا ايضا العمليات في آسيا كانت تسريبا مبكرا. التورط معالدول المضيفة، بينها من هو حيوي لايران كالهند في صراعها للخروج من الطوق الخانقللعقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية المتشددة؛ وكذا المسعى لكشف البنية التحتيةالتي أُعدت لحالة الطوارىء، وإن لم تستخدم هذه المرة – كل هذا هو كلفة جسيمة.اضافة الى ذلك، توجد اعتبارات داخلية كالصراع بين الشيوخ والمجموعة المدنيةالمحيطة بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، مع حرس الثورة كشريك آخر ومتعزز. واذاكان كذلك، فان الانتخابات البرلمانية بعد اسبوعين والازمة الاقتصادية المتصاعدةيمكنها ان تشرح الامر، حتى وإن لم يكن بوسعها ان تبرر.

كما ان اسرائيل ليست جبهة أساس من ناحية ايران. يسبقهاالعراق الذي عملت ايران فيه ضد القوات الامريكية وفي صالح احزاب شيعية تأتمر جزئياعلى الأقل بامرتها. وقد فعلت ذلك ضمن امور اخرى من خلال "كتائب حزبالله"، محاكاة عراقية للمنظمة اللبنانية، ساعدت في تدريبها، حسب دروس التصديللجيش الاسرائيلي. كما عملت ايران في افغانستان وهرعت لمساعدة بشار الاسد لمنعانهيار نظامه. في ساحة النشاط ضد اسرائيل تعطى أولوية لتسليح حماس ولا سيما الجهادالاسلامي الفلسطيني. في هذه الظروف من تبقى متوفرا للعمل ضد الاسرائيليين فيالهند، في جورجيا وفي تايلاند، ليسوا بالضرورة الخريجين المتميزين في دوراتالتخريب.

الفشل الايراني في التنفيذ لا يضمن ان تنتهي العملياتالقادمة ايضا بشكل مشابه، لانه ترافق معها فشل استخباري اسرائيلي. فالمخابراتالاسرائيلية "الشاباك" والموساد وأمان (شعبة الاستخبارات)، كل واحدة فينطاقها، لم تكشف الاستعدادات للعمليات والنية لتنفيذها في آن واحد، في عدة ساعات،باسلوب ميز القاعدة ومنظمات اخرى كالجهاد العالمي في الماضي.

البنية التحتية الايرانية منتشرة في أرجاء المعمورةوتتمتع بامتيازات محفوظة للدول: سفارات، جوازات سفر دبلوماسية، علاقات، بريددبلوماسي (يمكن ان ينقل فيه بالاكياس بل وبالحاويات، بحيث أنه يسمح باستيراد خفيللسلاح والمواد التخريبية الى دولة الهدف، دون المخاطرة بالحصول عليها في السوقالمحلية) والحصانة للاشخاص، للسيارات وللشقق. ضباط قوة القدس التابعة للحرس الثوريوممثلي وزارة الاستخبارات والامن – الجهتين اللتين تفعلان العمليات في الخارج –تندرج ضمن طاقم السفارات، بل واحيانا تقف على رأسها.

نقطة الضعف في هذه الشبكة هي القدرة على متابعتهاواعتراض الاتصالات بينها وبين طهران، مثلما حصل في عمليات حزب الله ضد أهدافعسكرية ودبلوماسية، أمريكية وفرنسية، في لبنان في 1983. في ذات السنة انكشفتالعمليات التي نفذت بتعليمات صريحة من ايران وممثليتها في دمشق. عندما نشرت هذهالحقيقة على الملأ غير الايرانيون شيفرتهم وأخفوا الاستعدادات للعملية التاليةوالاشد منها جميعا، ضد سرية قيادة المارينز في مطار بيروت في خولدا والتي جبت حياة241 شخصا.

للتملص من المتابعة الامنية والشرطية للسلطات في الدولالمضيفة وحراس اهداف الارهاب، يمكن للقيادة في ايران ان تتجاهل الشبكات المحليةالتي تحت تصرفها وان تبعث بخلايا تنفيذ لمرة واحدة. ولمساعدة هذه الخلايا يمكن انتأتي خلايا غافية اعدت ليوم الامر او معاونون من اوساط السكان العاطفين، ايرانيين،لبنانيين او مسلمين شيعة من اصل آخر.

مثل هذه المجموعات بارزة أكثر في الارجنتين ودول اخرىفي أمريكا اللاتينية، ولا سيما في المناطق النائية بعيدا عن المراكز المدينية.الكثير من هؤلاء يخشون مساعدة العمليات وبالتالي اتهامهم بالولاء المزدوج. ولكنيكفي متزمتون قلائل لاعداد الخلفية الاستخبارية والتنفيذية لوصول خلية العملية.

مثال فاشل يمكن ان نجده العام الماضي، في المؤامرةالهاوية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، وبالمقابل ايضا المسبالسفارة الاسرائيلية واهداف اخرى في العاصمة الامريكية. مواطن أمريكي من أصلايراني، عديم كل احساس اساسي بالحذر، توجه في مكسيكو سيتي الى عميل خفي للسلطةالامريكية لمكافحة المخدرات كي يستأجر، بعلاقاته مع اتحاد المخدرات المكسيكي ومنأجل الحرس الثوري، مجرمين لعمليات الاغتيال.

وزير العدل اريك هولدر، في تقريره العلني عن عمليةالاغتيال التي احبطت قدر بان قرارها جاء من القيادة الاعلى. رئيس الاستخباراتالوطنية، الجنرال احتياط جيمس كلافر، ذكر قبل اسبوعين الاسم الصريح للزعيمالايراني الاعلى، علي خميني كمشبوه بالمشاركة في المؤامرة. وكان يفترض بكلافر انيظهر غدا في الاستماع في مجلس الشيوخ ولا بد سيتطرق ايضا لعمليات الايام الاخيرة.وزير العدل الامريكي استضاف الاسبوع الماضي في مكتبه المستشار القانوني للحكوميةيهودا فينشتاين ومعاونه راز نزري في حديث في أعقابه اتفق على تعزيز نشاط الجهازينالقضائيين في الدولتين لمكافحة الارهاب.

أهم ما في التقدير الاستخباري السنوي لكلافر هو انخمينئي وشركاءه في الحكم "غيروا حساباتهم وباتوا أكثر استعدادا من قبل للهجومردا على أعمال امريكية، حقيقية أو وهمية، تهدد النظام". مثل هذه الهجوم ممكنداخل الولايات المتحدة ولكن الاستخبارات الامريكية "قلقة ايضا من مؤامراتايرانية خلف البحر، ضد الولايات المتحدة أو حلفائها".

مدى الاستعداد الايراني لمنح الرعاية لهجمات ضد اهدافامريكية، او ضد مصالح امريكية في أرجاء المعمورة، يفترض أن ينشأ عن الثمن المرتقبفي جانبي الميزان – من جهة، أعمال مثل الاغتيال المخطط للسفير، ومن جهة اخرىالتهديد الامريكي على النظام، باحساس زعمائه، القلقين ايضا على أمن ايران، علىمكانته ونفوذه. بشرى صيغت في كلية القانون في هارفرد وليس في بازار في طهران تقدرالمخابرات الامريكية بان اتخاذ القرارات في ايران "يوجهه نهج الكلفة –المنفعة". يحتمل، ولكن هذه كلفة ومنفعة بحسابات ايرانية وليس امريكية.وبالتالي فانه متسرع جدا التقدير بان المنطق يلزم ايران بضبط النفس الى ان يقتربالتهديد عليها من تحققه.

وما العلاقة بين عمليات آسيا و "تشديد اليقظة فيكل أرجاء البلاد"، الذي أعلن عنه أمس رئيس شعبة العمليات في الشرطة، اللواءنسيم مور، مع التشديد على "مناطق السفارات والمصالح الاجنية، المعابر،المطارات والموانيء ومؤسسات الحكم"، وتفعيل "أمر حماية 3 في ألويةالشرطة – "ثلاث دوائر حراسة، كل لواء في منطقته" – وكذا التعليماتالفورية للشرطة "للحراسة المتبادلة وتعليمات فتح النار"؟ ماذا حصل؟ فهلالحرس الثوري أدخل خلايا الى اسرائيل؟ هل أصبحت بئر السبع بانكوك وطيرة الكرملتبليسي؟ مثل الارهاب الايراني، فان الفزع الاسرائيلي مبكر بعض الشيء. من المجديتوفيره؛ فلا بد سيأتي دوره.