بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – إقليم لبنان
يا جماهير شعبنا العظيم...
في هذه الايام المباركة المضرجة بالدماء، والمضمَّخة بطيب الارض والشهداء، نستعيد واياكم صفحاتٍ خالدات من تاريخ مُشرقٍ يتألقُ مجداً وعطاء، نرتقي معاً إلى قصور العنفوان التي بناها أصحابُ الهمم العالية عندما كانوا وجهاً لوجهٍ مع التحديات الجسام، ومع مُرِّ الخيارات، واختاروا العزة والكرامة، وظلَّت الراية مرفوعةً لأنها راية الشهداء والتضحيات، رايةُ الفداء والانتصارات.
ففي معركة الكرامة 21/3/1968 كانت الملحمةُ لأن الرمز ياسر عرفات وصحبُه تسلَّحوا بالإيمان والإرادة رغم قلة عددهم وعتادهم، وتحصَّنوا في قرية الكرامة التي لا تحصينات فيها، واصروا على شطب كلمة هزيمة حزيران ليكتبوا مكانها كرامة الأمة وعزتها، أما الدرس الثاني فنحن قد اكدنا ميدانياً أنَّ الفئة القليلة المؤمنة تهزم الفئة الكثيرة، فالنصر يأتي من عند الله.
وأما الدرس الثالث فهو أنَّ في الوحدة قوة، وأن العدوَّ يعيش على حالة تمزُّقنا وتفرُّقنا، وكان اللقاءُ التاريخي على أرض المعركة بين المقاتل الفلسطيني والجندي الاردني، واختلط دم الشعبين بشكل أثار الذعر والخوف في أعماق الصهانية، واستطاع الدم المشترك أن يحقق إنطلاقة مجيدة أسقطت آثار الهزيمة، كما تحققت المرحلة الجديدة أيضاً التي حملت اسم الصمود الثوري، وتبلورت مباشرة بعد هزيمة جيش العدو، وانسحاب قواته تجرُّ ذيول الخزي والعار. وفتحت الكرامة آفاقاً جديدة في العمل الوطني الفلسطيني، وفي البعد القومي للثورة الفلسطينية، وأخذت حركة فتح وضعها الطبيعي كقائدة للعمل الوطني الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
لقد استشهد في معركة الكرامة (74) شهيداً من حركة فتح، و(27) شهيداً من قوات التحرير الشعبية، و (74) شهيداً من الجيش الاردني، أما القتلى الاسرائيليون فعددهم (28) عسكرياً، كما جُرح نحو (90) جندياً، وجرى تدمير (20) آلية اسرائيلية.
إنَّ عملية الشهيد كمال عدوان التي قادتها دلال المغربي في 11/3/1978 ومعها رفاق الدرب من جنسيات مختلفة يجمعهم حبُّ فلسطين وشهوة القتال ضد الاحتلال.
ثلاثة عشر مقاتلاً تمكنوا من مغادرة جنوب لبنان إلى شمال فلسطين إلى حيفا محطِّمين كلَّ المحطات والوسائل الامنية التكنولوجية، ووصلوا إلى رمال الشاطئ الفلسطيني مدججين بالسلاح والذخيرة مصممين على الوصول إلى أهدافهم، نجحوا في السيطرة على الباص الاسرائيلي، وأسروا ركابه، وانتقلوا به نحو الهدف في تل أبيب إلاَّ انَّ إشتباكاً واسعاً وحاداً حصل مع جيش العدو عندما تنبَّه قادته إلى أنَّ ثلة من المقاتلين الفلسطينيين اخترقوا كل العوائق والحواجز. استشهدت دلال المغربي ومعها عددٌ من رفاقها الأبطال وأُسر خالد ابو إصبع، وفُقد يحيى سكاف وما زال أهله يأملون رؤيته حياً. وفقد العدو (37) قتيلاً، وثمانون جريحاً، وانتشرت حالة من الذعر.
هذا السجل الحافل من البطولات هو ثروة وطنية وحضارية في تاريخ شعبنا الفلسطيني، وهو ما أجَّج الصراع مع الاحتلال، وبلغ حالة من الجنون عندما رأى العالم بأسره يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، ورأى هذا المسلسل من العمليات العسكرية البارعة تهزُّ كيانه السياسي والأمني، فأخذ قراره باجتياح جنوب لبنان، وكان الصمودُ التاريخي في بيروت العاصمة.
وكان اتفاق أوسلو الذي سمَّيناه الخيارَ المر، بينما شارون قال عنه إنه الخطأ التاريخي الذي يجب إلغاؤه. يومها عدنا إلى أرضنا، وتمركزنا في مدننا، وعاد مع الرئيس الرمز ياسر عرفات ثلاثماية وخمسون ألف فلسطيني إلى أرضنا التاريخية، وأصبح قرارنا بأيدينا نأخذه في رام الله، وعاد شارون ليدمِّر الضفة وقطاع غزة، ليزيد الاستيطان ويمارس التهويد، ويعمل على تهجير أهلنا، لكننا رفضنا، وتمسكنا بتراب الأرض، قتلنا، وجُرحنا، ونزفت دماؤُنا وروت ترابنا، لكننا ما انحنينا، ولا انهزمنا، ولا تراجعنا، وبقينا في الأرض وعليها كما زَرَعَنا الرمز ياسر عرفات في الخندق الاول وجهاً لوجه، واليوم نحن مع الاستحقاقات الأصعب والاكثر تعقيداً، فالولايات المتحدة تنتصر للكيان الصهيوني العنصري، وهذا الكيان صاحبُ المجازر والمذابح، والخارجُ عن إرادة المجتمع الدولي يريد أن يفرض شروطه السياسية علينا ونحن تحت الاحتلال، لكننا ثابتون على ثوابتنا، لا نتزحزح فنحن أصحاب الارض والحق. فالرئيس أبو مازن كان واضحاً مع أوباما وكيري، ومع الجانب الاسرائيلي، ومع الشعب الفلسطيني، وبعد أيام قليلة سيلتقي الرئيس أبو مازن الرئيس أوباما، وسيكون صلباً وصادقاً مهما كلَّف الامر، ومهما كانت الضغوطات:
أولاً: إنَّ أية مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي يجب أن تكون على أساس قرارات الشرعية الدولية، وليس على أساس أي مرجعية أخرى.
ثانياً: إنَّ الدولة الفلسطينية المستقلة وصاحبة السيادة هي حق للشعب الفلسطيني وحدودها هي حدود الرابع من حزيران العام 1967.
ولا نسمح بوجود أي جندي إسرائيلي على أرضنا .
ثالثاً: القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين لأنها جزء لا يتجزأ من الاراضي المحتلة العام 1967. ونرفض الاقتراح الاميركي الاسرائيلي بأن العاصمة هي في القدس وليس القدس كلها.
رابعاً: الاستيطان مرفوض لأنه اقيم على أرضنا الفلسطينية وبقوة الاحتلال كأمر واقع، وهذا ما يرفضه القانون الدولي، وأي تبادل للأراضي لا يكون إلاَّ بعد الاقرار بسيادة دولة فلسطين ولا تتعدى نسبته من 1.5 –< 2% وبالقيمة والمثل، وأن لا يشمل هذا التبادل السكان لأننا حريصون على بقاء أهلنا في قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية.
خامساً: أما حق اللاجئين بالعودة فهو قرار دولي أقرته الامم المتحدة تحت رقم 194، وينص على العودة والتعويض، وأن هذا الحق هو حق فردي، ومن حق كل لاجئ أن يقرر ماذا يريد.
سادساً: إنَّ الخيارات أمام شعبنا الفلسطيني مفتوحة خاصة أن العدو الاسرائيلي قد أدار ظهره للعالم بأسره ويصرُّ على تنفيذ مخططاته ومشاريعه في الاستيطان والتهويد، والعدوان المتواصل جواً براً على أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. فلا شك أن المعطيات الواقعية تؤكد على ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية، والذهاب إلى مؤسسات الأمم المتحدة بكاملها لمحاكمة الاحتلال على جرائمه اليومية، ولحماية الأسرى.
وما سلف ذكره يتطلب قبل كل شيء تحقيق المصالحة الوطنية، وانهاء الانقسام، لتشكيل وحدة وطنية حقيقية قادرة على النهوض بالمسؤوليات الجسام التي تفرضها الاستحقاقات.
وإننا في هذه الساعات القادمة ندعو إلى تشكيل اكبر قوة تضامن والتفاف حول الرئيس أبو مازن في الزيارة القادمة إلى الولايات المتحدة حيث هو خير من يعبِّر عن طموحات شعبه وآماله وأهدافه، وهو الأقدر على المواجهة، والثبات على الثوابت.
التحية لشعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات.
التحية إلى الأسرى البواسل الصامدين في المعتقلات.
المجد والخلود إلى الشهداء الأبطال.
وإنها لثورة حتى النصر
حركة فتح- اقليم لبنان 15/3/2014
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها