في قلب حرب الإبادة في غزة، يواجه المدنيون معاناة غير مسبوقة، متمثلة في القتل الجماعي، الحصار، والجوع والعطش. هذه الحرب التي لم تفرق بين الكبير والصغير، فلا أحد ينجو من هذا الواقع القاسي الذي يعصف بالناس هناك. ومع تصاعد أرقام الشهداء والجرحى بشكل مهول، تزداد القلوب المكلومة، وتضيع صور الأمل بغدٍ أفضل. لكن أكثر ما يدمي القلب ويقض مضاجع الإنسانية هو أن هذه الحرب تركت آثاراً لا تمحى على الأجيال القادمة، خاصةً الأطفال الذين يعتبرون أكثر فئات المجتمع تضررًا. 

تستمر الصور المروعة التي تزداد بشاعة يوماً بعد يوم. الطفولة التي يجب أن تعيش في أمان وسلام، تُسحق تحت ركام الحرب العمياء. مشهد مأساوي لطفلة في شهرها الثاني من عمرها، فقدت أطرافها كلها، فلا يدين ولا قدمين، وتبدو حياتها القدمة كاملة ككابوس. هذا الواقع لا تقتصر آثاره على الأطفال الذين يُقتلون أو يصابون، بل يشمل أيضاً أولئك الذين يفقدون أحبائهم، كما حدث مع الطفلة التي فقدت والديها وأشقاءها دفعة واحدة، لتواجه الحياة وحيدة، بلا أمل، بلا ملجأ، وبلا حضن تأوي إليه. 

الصدمة لا تتوقف عند هذا الحد، فالأطفال الذين يسعون إلى إعادة بناء حياتهم بعد هذه المآسي يصبحون ضحايا للإعاقات النفسية والجسدية. فهناك من يفقد سمعه، وهناك من يفقد بصره، وكل طفل يعاني من أثر نفسي يرافقه طوال حياته. إصابات نفسية شديدة تتسبب في اضطرابات عصبية تشل حركة هؤلاء الأطفال، وتخلق فيهم جروحًا لا تندمل.

هذه الصورة الكئيبة التي يقدمها الواقع، تعكس مأساة الحرب وتدمير الحياة. الحرب لا تقتل فقط الأجساد، بل تقتل الطفولة بأسرها. الأطفال الذين كانوا في يوم من الأيام يملأون الأرض ضحكًا ومرحًا، يجدون أنفسهم اليوم تحت الأنقاض مكبلين بالألم والدمار. 

التدمير النفسي الذي يعاني منه أطفال غزة، في مثل هذه الظروف، ليس محصورًا في الآثار الجسدية فقط، بل يمتد ليشمل التدهور العقلي والاجتماعي. هؤلاء الأطفال يفقدون الثقة في العالم من حولهم، ويعيشون في بيئة تتسم بالعنف والفوضى. فقدان الأب أو الأم أو الأخ، يجعل من الصعب على الطفل أن يستعيد أي أمل في الحياة أو أن يفهم لماذا يتم معاقبته وهو لا ذنب له؟.

تستمر الحرب في تحطيم كل شيء جميل في حياة هؤلاء الأطفال، وبدلاً من أن يكون لديهم أمل في المستقبل، يتحول كل شيء إلى أشلاء تحت الركام.