أكثر من خمسين ألف شهيد وشهيدة، لم يقنعوا "حماس" بالتعقل، والخروج من جائحة الوهم التي أصابتها، وما زالت تصور لها أن المحتجزين الإسرائيليين الذين لديها، هم وسيلتها، لخروجها الآمن من هذه الحرب، ونحو عودتها إلى سدة الحكم في غزة.
فاقمت جائحة الوهم هذه وسائل الإعلام الإسرائيلية وبعض العربية، وبخاصة قناة "الجزيرة" التي جعلت من التفاوض مع "حماس" مخلفًا للأزمات الداخلية في إسرائيل، بل وأحالته إلى انتصار للمقاومة، حتى إن الناطق العسكري باسم "حماس" هدد العدو إذا ما عاد للحرب، فإنه سيتلقى المزيد من الضربات، التي ستحطم كامل هيبته.
عادت إسرائيل لحربها، وفي يوم واحد، وبقصف عنيف، حصدت أرواح 429 من أهالي قطاع غزة. ضحايا جدد، وإسرائيل "نتنياهو" تحديدًا، غير معنية بهيبتها، بل بإعادة "بن غفير" إلى حكومتها، لتواصل حربها ضد فلسطين، ومشروعها الرامي للخلاص من الاحتلال، وتحقيق الحرية والاستقلال.
عادت إسرائيل إلى حربها، ولم تتحطم سوى الهيبة الكاذبة، للهدنة المخردقة، عادت، وجيشها تستفحل فيه نزعته الفاشية الإجرامية، التي تغذيها على ما بات واقعيًا، نزعة النكران التي تستفحل في "حماس". وكل يوم يمر مع هذه النزعات المدمرة، هو بالنسبة لقطاع غزة، يوم مظلم، وظالم، ولا يسيل بغير دم الضحايا الأبرياء، وعلى رأي الإعلامي اللبناني، نديم قطيش "إن كل يوم تصر فيه حماس على حكم غزة هو يوم إضافي لمأساة الفلسطينيين".
أكثر من ذلك وبلغة تبدو غاضبة جدًا، يرى قطيش أن المعادلة اليوم، بشأن فحوى كل المداولات المحيطة بغزة، وما يسمى اليوم التالي، إنما هي معادلة بسيطة، قوامها، وبلغة قطيش الغاضبة (إما بتربح "حماس" وبيخسروا الفلسطينيين، أو بتخسر "حماس"، وبيربحوا الفلسطينيين) لن نتفق مع هذه المعادلة بحرفيتها، لكننا نتفق بالقطع مع مغزاها البليغ، الذي يطالب "حماس" بأن يكون قطاع غزة، خارج برنامجها السياسي، وألا يبقى ضمن آيديولوجيتها، ومشروعها، لكي تمضي خطة إعادة الإعمار للقطاع، في صيغتها المصرية، والفلسطينية، التي أقرتها القمة العربية الطارئة، التي عقدت مؤخرًا في القاهرة، أن تمضي هذه الخطة، في دروب سالكة، مع الخمسين مليار دولار العربية التي خصصت لهذه العملية.
وباختصار لا إعادة إعمار مع "حماس" ولا نهاية للعدوان الحربي الإسرائيلي، مع تواصل نكرانها، وابتعادها عن دروب الشرعية الفلسطينية.
وها هو قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اللحظة، بين مطرقة العدوان الحربي الإسرائيلي، وسندان النكران الحمساوي، وما بينهما أهل القطاع الأبرياء يطحنون بلا هوادة. مشهد القطاع بات مأساويًا إلى حد مهول، والسكوت على حقيقة المطرقة والسندان، خيانة للحقيقة، وطعن بها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها