ما موقع قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة في سياسة حماس؟ وهل سمع أحد خبرًا عن مكانة هذه القضية في جدول ساسة حماس الجماعة؟ لا نحتاج لإجابات، فالاستهتار بنفس الإنسان المقدسة، وبحقه في الحياة، واتخاذ الإنسان وسيلة، وليس الهدف المأمول من السياسات محور مفاهيمهم وتعاليمهم، وهذا ما يفسر انشغالهم بكيفية تعميم واستدراج الدمار والنزوح والمآسي والمعاناة في الضفة الفلسطينية للتغطية، ليس على فشلهم وحسب، بل باستكبارهم، وإصرارهم على القطيعة مع المراجعة.
وما نتائج سلطة الأمر الواقع التي فرضوها بانقلاب دموي في قطاع غزة سنة 2007 الماثلة للعيان، إلا الأدلة الدامغة، الواضحة بدقة، وبكامل التفاصيل، أما حملة الإبادة التي ابتدأتها منظومة الاحتلال الاستيطانية العنصرية بذريعة السابع من أكتوبر 2023 منذ حوالي ثمانية عشر شهرًا، ومساعيهم التي لا تنقطع لتعميمها في الضفة الفلسطينية، فتؤكد تأصل المشكلة في عقليتهم الناظمة لأعمالهم، التي لا يمكن ربطها منطقيًا، ونظريًا وعمليًا، بأي من المرجعيات الإنسانية الوطنية، أو حتى الدينية كما يدعون.
فالفشل واليأس وانسداد الرؤية، وتشابك القضايا وتعقيداتها بسبب جهلهم المطبق بأمور الحياة الدنيوية ومتطلباتها لحماية كرامة الإنسان، تهبط بهم إلى ما دون الصفر قياسًا، إلى العقلانية والواقعية التي يجب أن يتحلى بها كل امرئ بموقع المسؤولية، فهؤلاء وفي ذروة بحثهم عن خلاص شخصي وفئوي في قطاع غزة، وتعلقهم بقشة (بوهلر) مندوب الإدارة الأميركية، لإنقاذهم من الغرق، ورغم إعلان نائب رئيس سياستهم في الخارج موسى أبو مرزوق "استعداد جماعته للنظر بموضوع سلاح كتائبها"، ما
زالوا يحرضون المواطنين في الضفة الفلسطينية على اتباع "الأعمال المسلحة"، وهم على يقين بأن دعواتهم وبعض مظاهرهم المسلحة، سيتخذها المحتلون ذريعة، لاستكمال المرحلة الثانية من حملة الإبادة، في مخيمات الضفة الفلسطينية، تمهيدًا لحملة أكبر قد تهدد الكيان السياسي الفلسطيني القائم، وتبعد الأمل بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران سنة 1967.
يعرفون، ولا يحتاجون لعرافين لإنبائهم عن مآلات سياساتهم، وخدماتهم المقدمة لمنظومة الاحتلال، يفعلون هذا عن قصد، فلا هم صم، ولا بكم، ولا عمي، وإنما يعلمون، لكنهم لا يفقهون، يرون ويسمعون ويُشاهدون عبر وسائل إمبراطورية "الإعلامية" جرائم حكومة منظومة الاحتلال وجيشها المستمرة منذ حوالي شهرين، فيما سمى "عملية السور الحديدي"، لكن هيهات لمتجرد من الحس والمشاعر الإنسانية، ومن المسؤولية الوطنية، الإقرار بعجزهم عن تجاوز دائرة المسؤولية في حدود جماعتهم، والاعتراف بانعدام قدراتهم على تحقيق مستوى من المسؤولية الوطنية، ولنا في تصريح أبو مرزوق في 30 أكتوبر 2023 خلال ذروة حملة الإبادة الدموية الجماعية والتدمير في قطاع غزة، الانعكاس الطبيعي لحجم المسؤولية الوطنية، البالغة صفرًا، إذا ما وضعت أمام مسؤولياتهم تجاه جماعتهم، ونكرر جماعتهم فقط، فهو القائل "إن الأنفاق في غزة بنيت لحماية مقاتلي حماس من الطائرات. و75% من المدنيين في قطاع غزة هم من اللاجئين، وحمايتهم وتأمينهم ضمن مسؤوليات الأمم المتحدة وحكومة الاحتلال".
ورغم قناعتنا بالوعي الوطني للمواطنين في الضفة الفلسطينية، لمخاطر الانجراف في طوفان الخطاب التحريضي، المؤدي إلى مصير مشابه لقطاع غزة، إلا أن استمرار حماس والجهاد في تصنيع الذرائع لمنظومة الاحتلال، لتدمير المخيمات وإزالتها، وتهجير سكانها قسرا، بينة واضحة، على إسهام ساسة حماس - لا يعفي الجاهل عن المسؤولية -، بإلغاء قضية اللاجئين وحق العودة المقدس، فشعبنا بعد النكبة، والإبادة الجماعية، في قطاع غزة، وتقطيع أوصال الضفة الفلسطينية، وتمدد الاستيطان، وتكثيف الحواجز العسكرية، وإطلاق العنان للمستوطنين، للتعبير عن ذاتهم الإجرامية الإرهابية، بإطلاق الرصاص وقتل مدنيين أبرياء، وإحراق بيوت وأملاك المواطنين الآمنين، ووضع اليد على أراضيهم تحت تهديد السلاح المسنود من جيش دولة الاحتلال، لن ينفعه بعد استكمال أهداف الإبادة الصهيونية (لو أبو مرزوق) ولا (لو خالد مشعل)، ولا (لو خليل الحية) .
قال لي أحدهم: هل تعتقد أن حماس يمكن أن تطرح تزامن إيقاف إطلاق النار في غزة والضفة، وكذلك قضية اللاجئين؟ فقلت: تفعل هذا قيادة الشعب الفلسطيني الوطنية الشرعية، امتثالاً لمبادئ الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية، أما ساسة حماس، فيظلون أسرى الأنا الفئوية إلى آخر زمنهم، تتحكم بسعة وعمق منظور رؤيتهم، إذ لا قضية تشغلهم إلا حماية وتأمين مصالح جماعتهم، ونقطة آخر السطر.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها