بقلم: عبد الباسط خلف

سحقت رصاصة احتلالية واحدة مسيرة أحلام الطفلة ريماس عمر عموري، بدراسة الصحافة.

واختار جنود الاحتلال مساء أمس الجمعة إطلاق النار من مسافة قصيرة نحو الطفلة التي لم تكمل ربيعها الثالث عشر، وعلى بعد خطوات من بيت أسرتها على مشارف مخيم جنين.

وروى أحمد عموري اللحظات القاسية التي شاهدتها العائلة، فحينما كانت ابنة أخيه على بعد خطوات من بوابة منزلها؛ لزيارة ابنة عمها، طلب منها جنود الاحتلال العودة إلى البيت، ولما استدارت إلى الخلف، أطلقوا عليها النار من نحو مترين.

- بدم بارد!

ووصف ما حدث بقتلٍ بدم بارد مع سبق الإصرار، خاصةً في عدم وجود أي حدث غير عادي في المكان، وتحققهم من هوية طفلة أمام أعينهم.

وأضاف بصوت حزين: أن الرصاصة أصابتها في الظهر واخترقت البطن، فيما منع الجنود شقيقها وابن عمها من إسعافها وفتحوا النار عليهما، وظلت تنزف حتى وصول الإسعاف.

وأكد عموري أن ريماس اعتادت منذ أيام، على قضاء حوائج عائلتها من المتجر المجاور، وخرجت قبل ساعة أيضًا، ومرت من جوار نقطة تواجد جيش الاحتلال على مقربة من بيت إبراهيم أبو الهيجاء.

وقال: إن الحركة كانت طبيعية في الحي، ولم تشهد أي مواجهات، كما أن الأهالي خرجوا لأداء صلاة الجمعة، وتحركوا نحو متاجر الحي، وذهب بعضهم لصالون الحلاقة، دون أي إعاقة.

وريماس، هي الابنة الأصغر في عائلتها، إذ يسبقها سامر ومؤمن، ثم تتبعهما لين وغنى، فريماس، ابنة الصف الثامن في مدرسة الوكالة، والتي كانت تدب الحياة في منزل عائلتها، وتملأ الدنيا على والدتها الأربعينية ردينة سلامة.

ووفق العم المكلوم، فإن ابنة شقيقه كانت متعلقة بالتصوير، ووثقت الكثير من يوميات الحياة في المخيم، وتفننت في تصوير الملابس لأحد المتاجر النسائية.

- صفر مسافة

بدوره، أكد مدير مستشفى الشهيد خليل سليمان (جنين الحكومي)، وسام بكر، أن الطفلة عموري وصلت إلى المستشفى، بعد أن فارقت الحياة، إذ أصابتها رصاصة واحدة دخلت من الظهر وخرجت من البطن.

وأضاف: أن طبيعة الإصابة ووجود مدخل ومخرج للعيار الناري يؤكد إصابتها من مسافة قريبة، وهو أمر يحدده الطب الشرعي.

فيما أفاد خالها أشرف سلامة، أن ريماس وعائلتها نزحوا منذ نحو ثلاثة أسابيع إلى برقين، وعادوا قبل ثلاثة أيام إلى منزلهم لتفقده، ولرعاية الأغنام التي يمتلكها والده، بعدها تناوبوا على الإقامة في برقين ليلاً والعودة إلى بيتهم نهارًا.

- جد وحفيدة

وتابع أن ابنة اخته كانت تتفاخر خلال زيارة بيت جدها بأحلامها في دراسة الصحافة، واتقان التصوير لنقل ما يحدث في محيطها إلى العالم.

واسترد أشرف ما نقلته له ريماس ببراءة منذ بداية العدوان، حينما أجبرهم جنود الاحتلال على إخلاء بيتهم، واستخدموا طائرة مسيرة لاقتحام المنزل، وراقبت عن كثب نزوح العائلة وإخراجها للأغنام.

والتحقت عموري بجدها لأمها الشهيد شحادة سلامة، الذي ارتقى في 14 تشرين الأول 1988، خلال حظر التجوال على بلدة برقين، عقب اقتحام دورية للاحتـلال مزرعته واتهامه بإيواء المطاردين، قبل ضربه بالهراوات وإعاقة نقله بمركبة أحد الجيران إلى المستشفى، قبل أن يتوقف قلبه، ويمنع المحتلون تشييع جثمانه إلا بعدد مقلص من أبناء عائلته.

وريماس هي الشهيدة الطفلة الثانية خلال العدوان المتواصل على جنين ومخيمها وريفها منذ 21 كانون الثاني الماضي، وقد سبقتها في قرية مثلث الشهداء الرضيعة ليلى محمد الخطيب (عامان ونصف العام)، عدا عن 25 مواطنًا بينهم كهل سبعيني.