العدوان الحربي الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الفلسطينية المحتلة وبمثل هذا الغل الفاشي لجرافاته العسكرية التي تريد اقتلاع المخيمات من أسمائها ودلالاتها، ومحو تاريخ السبب النكبوي الذي أقامها، هذا العدوان إنما هو في الأساس عدوان على حق العودة، وعدوان على حق التطلع الوطني الفلسطيني، المشروع، وأهدافه العادلة، الرامية لتحقيق الحرية والاستقلال.
وفي سياق تواصل هذا العدوان، يستهدف الاحتلال أيضًا تحقيق المزيد من الأعباء على خزينة السلطة الوطنية- الخزينة المنهكة بالحصار والقرصنة- لإعادة إعمار ما تدمره جرافاته العسكرية، من بيوت وشوارع، وممتلكات، وبنى تحتية، والذي تواصله هذه الجرافات، لا في المخيمات فحسب، وإنما في المدن التي تحتضنها كذلك، فالسلطة الوطنية بحكومتها لن تترك هذا الخراب شاخصًا، ولن تدع أحدًا من أبناء شعبها، الذين أخرجهم العدوان من بيوتهم عنوة وقسرًا، هائمين على وجوههم، دون ملاذات آمنة، و"العونة" الفلسطينية احتضنت هؤلاء بنخوة وطنية وأخلاقية، لا مثيل لها، حتى لا تدع أحدًا من النازحين، من أن يكونوا من سكنة الشوارع والأرصفة.
لا نهاية للمخيم الفلسطيني، دون نهاية الاحتلال، يمكن دائمًا مع غطرسة القوة وعدوانيتها، تدمير الأبنية، وتجريف الشوارع، وتخريب الحقول، لكن ليس بوسع هذه الغطرسة تدمير الذاكرة، ولا تجريف التطلع، ولا قتل التاريخ، ولا كسر إرادة الحرية والاستقلال. الذاكرة الفلسطينية ليست من غبار، والتطلع الوطني الفلسطيني ليس أغنية وإن كان بألحان تطرب الروح، وإرادة الحرية والاستقلال هي إرادة النضال الوطني الفلسطيني، ورسوخها عصي على الكسر بالمطلق، بواقع ماثل في الزمن والأمثولة.
لا شك مطلقًا ولا جدال، أن نهاية المخيم لن تكون قبل زوال الاحتلال، دلالة المخيم ليست في المبنى، وإنما في التاريخ والمعنى الذي يجسد حقيقة المظلمة الفلسطينية الكبرى، وما من قوة بوسعها أن تزور التاريخ، أو أن تبدل المعنى.
هو الصراع على أشده، وحين يشتد الصراع عادةً، تبدو نهاياته وشيكة، والحسم مقبلاً، ولن يكون بالقطع لصالح الاحتلال مهما تصاعد بطشه في ساعاته الأخيرة وإنما سيكون لصالح الحق والعدل والسلام، وهذا هو صالح فلسطين، بإرادة شعبها وثباته الملحمي على أرض وطنه، ودائمًا شاء من شاء وأبى من أبى.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها