منذ عقود، ظلت فكرة تهجير الشعب الفلسطيني جزءًا من الطروحات السياسية التي تتبناها بعض الدوائر الإسرائيلية والأميركية، لكنها عادت مؤخرًا إلى الواجهة مع تقارير تتحدث عن مقترح للرئيس الأميركي يهدف إلى تهجير الغزيين إلى دول أخرى.

وفي ظل هذه التطورات، باتت منصات التواصل الاجتماعي الميدان الرئيسي لمواجهة هذه المخططات، حيث يتوجب على صناع المحتوى والمؤثرين والنشطاء السعي إلى فضح أبعاد هذا المخطط أمام الرأي العام العالمي والتصدي لمحاولات الترويج له.

لقد ساهمت ولا تزال، وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تشكيل الخطاب حول القضية الفلسطينية بعيدًا عن الهيمنة الإعلامية التقليدية التي غالبًا ما تعكس الرواية الرسمية للجهات الفاعلة دوليًا.

ومع تداول الوثائق والتسريبات التي كشفت عن مقترحات تهجير مواطني قطاع غزة إلى دول أخرى كجزء من ترتيبات سياسية تخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي؛ يتوجب على صناع المحتوى والنشطاء والمؤثرين أن يجدوا في هذه الأزمة فرصة لنقل الصورة الحقيقية إلى العالم من خلال التغريدات والمنشورات التحليلية والبثوث المباشرة والنشر المستمر على منصات التواصل الاجتماعي من أجل تحويل "المقترح غير المنطقي" إلى موضوع  نقاش عالمي من أجل خلق ضغط سياسي وشعبي كخطوة أولى تحول دون تمرير المقترح أو حتى طرحه على طاولة السياسيين.

لا يقتصر دور المؤثرين والنشطاء ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي على نقل الأخبار فحسب؛ بل تفكيك الروايات الدعائية التي حاولت تبرير التهجير باعتباره "حلاً إنسانيًا" لأهالي قطاع غزة، كما يتجاوز دورهم ذلك إلى فضح مثل هذه المقترحات التي بلا شك ما هي إلا استمرار لنهج التهجير القسري الذي تتبعه دولة الاحتلال منذ النكبة.

وعلى صناع المحتوى أيضًا، الاستفادة من قدرتهم على الوصول إلى جمهور إقليمي وعالمي يتفاعل معهم بشكل مباشر، وقد أظهرت الحملات الرقمية التي أطلقها ناشطون ومؤثرون فلسطينيون وعرب وأجانب أنه بإمكان السوشال ميديا أن تكون أداة فعالة في مواجهة السياسات التي تهدد الحقوق الفلسطينية وفضح المخططات التي تهدد وجودهم.

إن الاستراتيجيات التي يتبعها صناع المحتوى لرفض مشروع التهجير وكشف خطورته من شأنها أن تنجح في تسليط الضوء على التداعيات الكارثية لهذه السياسة والتي تعيد إلى الأذهان سيناريوهات التهجير القسري التي عانى منها الشعب الفلسطيني منذ النكبة ولغاية اليوم.

كما أن استغلال المنصات الرقمية لخلق ضغط دولي من شأنه أن يدفع شخصيات سياسية وإعلامية وحقوقية عالمية إلى التفاعل مع القضية وإبداء مواقف رافضة لأية محاولات لترحيل المواطنين من أرضهم في غزة.

إن إحدى أهم نقاط القوة التي يمتلكها صناع المحتوى هي قدرتهم على كسر احتكار وسائل الإعلام التقليدية لرواية الأحداث، وهو ما يظهر بوضوح في قضية مقترح التهجير، فبينما تحاول بعض الجهات تصوير المخطط كحل "إنساني" للأزمة المعيشية في غزة يستطيع الناشطون تفكيك هذا الإدعاء وتوضيح أنه ليس سوى محاولة جديدة لإفراغ القطاع من أهله خدمة لمشاريع التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.

وعلى الرغم من محاولات التقييد غير الجديدة على بعض المنصات الرقمية التي تحاول إسكات الصوت الفلسطيني والصوت المؤيد له؛ إلا أن استمرار الحملات الرافضة للمخطط والتي تعتمد على أساليب مبتكرة في إيصال الرسالة مثل استخدام المؤثرين العالميين والترجمة الفورية للمواد الإعلامية إلى عدة لغات وتنظيم حملات إلكترونية من شأنها أن تردع صناع القرار الدوليين.

إن هذه الاستراتيجيات وهذا الحراك الإلكتروني يؤكدان أن المواجهة لم تعد تقتصر على ميادين السياسة التقليدية بل أصبحت تمتد إلى الفضاء الرقمي حيث بات للرأي العام العالمي تأثير متزايد على مواقف الحكومات والمؤسسات الدولية.