بقلم: زهران معالي
عاد المواطن أيمن استيتي (55 عامًا) إلى عربة الخضار خاصته صباح يوم الاثنين، قرب مجمع الكراجات الغربي في مدينة جنين، بعد أن اضطر لتركها قبل 21 يومًا إثر العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على المدينة ومخيمها منذ 21 كانون الثاني/ يناير الماضي.
ووقف استيتي خلف عربته التي يبيع عليها البصل التي رتبها بشكل هرمي ملفت للنظر، لكن تسيطر عليه ملامح الصدمة والخوف في آن واحد؛ إثر خلو الموقع من المتسوقين، بعدما كان يشهد حركة دراماتيكية في المتسوقين والمركبات سابقًا، وخشية من اقتحام جيش الاحتلال للمنطقة.
في اليوم الثاني للعملية العسكرية على مدينة جنين ومخيمها، أجبر الاحتلال استيتي على ترك منزله في حارة الدمج في مخيم جنين حاله كحال أكثر من 15 ألف نازح أجبروا على النزوح للمدينة وبرقين والريف، واضطر لاستئجار شقة سكنية بالمدينة بتكلفة 1200 شيقل؛ لتأوي عائلته المكونة من 10 أفراد.
ويقول استيتي: إنه "سليل عائلة تعمل في مجال بيع الخضروات وورث المهنة عن والده وتشكل مصدر دخل رئيس لعائلته، لكن الاحتلال يتعمد محاربة الفلسطينيين بمصدر رزقهم، ويستهدف كل ما هو فلسطيني".
ويضيف: "اضطررت للنزول رغم الخطر لبيع البصل على العربة وأحضرت 4 كراتين فقط ما يقارب 80 كيلو غرام، لكن لم أبيع سوى كمية قليلة جدًا، لا يوجد متسوقين ولا إقبال من الأهالي، في ظل استمرار الاقتحام".
ويشير إلى أن الاحتلال هدم محلاً تجاريًا لبيع الملابس يملكه أبناءه قرب مستشفى جنين الحكومي للمرة الثانية، آخرها كان خلال العدوان الحالي المستمر.
ويؤكد أن الظروف الاقتصادية ربما هي الأصعب التي يتعرض لها القطاع الاقتصادي في مدينة جنين منذ سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن الاقتحامات المتكررة للمدينة وإغلاق معبر الجلمة ومنع دخول المتسوقين من فلسطيني 48 لمدينة جنين، أدت إلى حالة شلل بالأسواق.
وتقدر غرفة تجارة وصناعة جنين حجم الخسائر اليومية للعملية العسكرية الإسرائيلية على المدينة ومخيمها بـ30 مليون شيقل يوميًا.
ويشير مدير الغرفة التجارية محمد كميل، بأن سوق المدينة مغلق بشكل كامل، منوهًا إلى أن المدينة شهدت إغلاقات تجاوزت 25 يومًا منذ بداية العام الجاري، وأن قوات الاحتلال تعمدت تدمير البنية التحتية واقتصاد المدينة.
ويؤكد أن الاقتحامات المتكررة للاحتلال لمدينة جنين أدت لتراجع الحركة الشرائية وصعوبة تنقل وتوزيع البضائع، وتنقل المتسوقين ووصول أصحاب المحلات التجارية لمحلاتهم، ما أدى لتأثر كافة القطاعات الاقتصادية داخل المدينة وريفها والتي بلغت قرابة 1400 محل تجارية.
وعلى مقربة من استيتي، يقف الشاب رفيق أمام محل تجاري مخصص لبيع المواد التموينية يعمل به، ومكون من مخزنين، بعد أن أعاد فتح المحل يوم السبت الماضي رغم استمرار الاقتحام عله يعوض بعض خسائره المتراكمة على مدار السنوات الثلاث الماضية، إثر الاقتحامات المتواصلة.
لكن رفيق يؤكد أن الحركة الشرائية تكاد تكون معدومة خاصة من قبل المواطنين، ونادرًا ما يجهز بضائع لمحلات تجارية من تجار الجملة والذين تبعد محلاتهم التجارية عن مواقع الاقتحام.
ويشير إلى أن الاقتحامات المتكررة لمدينة جنين ألقت بظلالها الصعبة على اقتصاد المدينة، وتكبد التجار خسائر فادحة خاصة ممن اتجهوا لشراء محلات تجارية يصل بعضها إلى 200 ألف دينار، أو ممن اتجه للعمل على بسطات في المدينة عقب تعطل أعمالهم داخل الخط الأخضر.
واضطرت شركات ومحلات تجارية داخل المدينة إلى تسريح عددا من العاملين فيها نتيجة الإغلاقات والاقتحامات المستمرة وفق رفيق، منوهًا إلى أنه اضطر للتعطل عن عمله خلال العام الماضي لمدة 5-6 أيام شهريًا، إضافة لأيام الجمع إثر الاقتحامات الإسرائيلية، ما أدى لتراجع دخله إلى النصف.
ووفق حديث صحفي لرئيس بلدية جنين محمد جرار، فإن المدينة تكبدت خسائر اقتصادية تجاوزت حاجز 2 مليار دولار في البنى التحتية والمباني والمتاجر، خلال الثلاثة سنوات الماضية، إثر تعرضها لـ104 اقتحامات متواصلة.
ويصف جرار هذا العدوان والإخلاء "الأسوأ على الإطلاق"، ويتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة، وأن ما يحصل في جنين كارثة على كل المستويات، إنسانية تتمثل بتهجير 15 ألف مواطنًا في مدينة صغير كجنين يترافق مع ظروف اقتصادية صعبة جدا.
وأدى العدوان المستمر لجيش الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ21 على التوالي، إلى تدمير أكثر من مئة منزل داخل المخيم واستشهاد 25 مواطنًا، وإصابة واعتقال العشرات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها