ثلاثة من كبار قادة حماس، خليل الحية، ومحمد درويش، ونزار عوض الله، كانوا يوم أمس الأول في طهران وقيل أنه تم استدعاؤهم لمقابلة علي خامنئي، شاهدنا الصورة، كانوا جالسين على أريكة واحدة، لصق بعضهم البعض، كمثل تلاميذ في غاية الانضباط أمام مرشدهم خامنئي، الذي كان على كرسيه مع علم وحيد إلى جانبه، هو العلم الإيراني.

حدثهم المرشد عن نصرهم على أميركا وإسرائيل، وباعتباره نصرًا لمحور المقاومة، وأن هذا المحور ما زال حاضرًا لا بدلالة وجود هذه "القيادة" في طهران فحسب وإنما كذلك بدلالة خشوع التابع أمام المتبوع، ومن يشكك بهذه الحقيقة، عليه أن يحدق في الصورة جيدًا.

ابتسم هؤلاء "القادة" لهذا الحديث، لكن على الأغلب كانت ابتساماتهم ابتسامات المجاملة، وبمعنى أنهم وهم الذين قالوا إن غزة منكوبة، ولا نصر مع النكبة، لم يصدقوا ما قاله المرشد، الذي نعتقد أنه أيضًا ما كان ليصدق ما يقول لا عن النصر ولا عن المحور، وهو الذي رأى بأم عينيه، وسمع بملء أذنيه، انهيار المحور الذي بدأ مع ضربة "البيجر".

ما زالت حركة حماس تذهب إلى العناوين الغلط، وما زالت تتوهم أن تحت عمامة خامنئي شيخًا، وليس أي شيخ، وإنما شيخ محور الممانعة، الذي لم يعد له أي وجود، سوى على شاشة فضائية الجزيرة التي تتحدث كخامنئي عن نصر لحماس، هذا الذي أخرج بعض المحتجزين الإسرائيليين، راجلين، من فوق ركام بيت يحيى السنوار، ويا لها من دلالة رمزية، لا نعتقد أنها ستريح السنوار في قبره.

لا يبدو أن "حماس" وحدها من يُعاقر هذا الوهم، طهران جاءت بقيادة هذه الحركة لتقول إن محورها ما زال قائمًا، وإن صورة "النصر" تظل من صناعتها، طالما تظل هي من يقول ذلك.

لعل هذا هو ما جعل مسلحي حماس يوم أمس الأول خلال تسليمهم لثلاثة من المحتجزين الإسرائليين لديهم، يكتبون لافتة على منصة هذا التسليم، " نحن الطوفان، ونحن اليوم التالي"  ترى أي شيء حققه "الطوفان" حتى يتباهى هؤلاء به، وعلى هذا النحو الاستعراضي الفج؟. الأقصى لم يتحرر وقد بات أكثر عرضة لاقتحامات المستوطنين الصهاينة، قطاع غزة وبعد أن أصبح ارضاً يباب بات محكومًا لإجراءات وسياسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحتى طهران لم يعد لها من هم سوى هم إرضاء الرئيس الأميركي "ترامب" كي لا يجهز على برنامجها النووي. وأين هو اليوم التالي، فما زال طي المجهول، مع سياسات نتنياهو، وجماعته من الصهيونية الدينية، التي ما زالت تلمح، بل وتطالب بعودة عدوانها الحربي على قطاع غزة، حال خروج كل المحتجزين الإسرائيليين لدى "حماس" و"الجهاد الإسلاموي". ما الذي تفعله حماس في طهران، وما الذي ستأخذه منها؟.

تحضرنا هنا في هذا الشأن بعض الأمثلة الشعبية لعل "حماس" تفهم مغزاها بعد كل قول ومحاججة، فتكف عن دورانها، في دوائر الوهم والغلط، المثل الأول يقول: ماذا تفعل الماشطة "الكوافيرة" بالوجه العكر" وأما المثل الثاني فيقول: "ماذا تأخذ الريح من البلاط" لا شيء طبعاً وربما قليلاً من التراب لا أكثر ولا أقل.