كان للمواقف العربية الرسمية والشعبية منفردة ومشتركة، وخاصة مواقف جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية والعربية السعودية الرافض لخطة الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أثر هام في الرد عليها، التي أدلى بها فجر الثلاثاء 5 شباط/فبراير الحالي في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، الداعي لتهجير الفلسطينيين من وطنهم الأم فلسطين وتحديدًا سكان قطاع غزة. كما أن المواقف الدولية للغالبية الساحقة من دول العالم بدءً من بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا والصين وروسيا الاتحادية ودول البريكس عمومًا، والدول الإسلامية ودول قارة أميركا اللاتينية، والدول الإفريقية والآسيوية، وهيئة الأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية المختلفة وغيرهم، كانت لها انعكاسات إيجابية جدًا في الرد على الخطة الجهنمية والكارثية، التي فاقت في صفاقتها صفقة القرن المشؤومة، التي طرحها في دورته الأولى، وهي بمثابة صاعق تفجير ليس لمواصلة الإبادة على الشعب الفلسطيني، إنما بهدف تفجير وإشعال النيران في الوطن العربي والإقليمي في الشرق الأوسط عمومًا، كما يُسجل للعديد من أعضاء مجلس الشيوخ وخاصة صديقه المقرب، غراهام ليندسي، ومجلس النواب ومن النخب والشخصيات الأميركية المؤثرة، بفضحهم خواء وإفلاس خطة التطهير العرقي الترمبية ضد الشعب الفلسطيني، ولها أهمية ملموسة في كشف المستور في صدمات وصفقات الرئيس دونالد ترمب الخطيرة، وغير المسؤولة والمهددة للسلام الذي يدعيه.
ولا ينسى في هذا المقام، دور وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والدولية وخاصة الأميركية والأوروبية، التي أماطت اللثام عن عقم وفقر حال فكر الرئيس السياسي، وجهله في القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والمواثيق والمعاهدات الأممية، وتاريخ الشعوب، بحيث شكل الهجوم العالمي والإقليمي والعربي رافعة جديدة وهامة للقضية الفلسطينية، ولا يفوتني تثمين بعض المواقف الإسرائيلية الرافضة للخطة وردت عليها كونها هدامة لركائز السلام والتعايش والاستقرار في المنطقة. رغم أن أقطاب اليمين الفاشي المتطرف هللوا لها وباركوها كما فعل سموتريش وبن غفير وغيرهم، وخاصة بنيامين نتنياهو، الذي حصل على أكثر مما يريد من الرئيس الأميركي، الذي كسر عصاته من أول رعياته. لا سيما وأن هجومه وتغوله لم يقتصر على الشعب العربي الفلسطيني، وإنما على حلفائه في كندا وجزيرة غرينلاند الدنماركية والاتحاد الأوروبي عمومًا وجارته المكسيك وبنما والصين الشعبية وإيران وغيرها من الدول.
هذه الخطة المارقة والجهنمية تحتاج إلى رد فلسطيني رسمي وشعبي واسع يتناسب مع بشاعتها وخطورتها، ومن الخطوات الوطنية والقومية والأممية الضرورية للرد عليها، أولاً عقد اجتماع الهيئات القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي في دورة عادية كاملة، واللجنة المركزية لحركة "فتح"، ودعوة الأمناء العامين للحركات والفصائل والأحزاب للانعقاد الفوري لاستخلاص الدروس والعبر؛ ثانيًا تكريس الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعقد المجلس الوطني في دورة عاجلة، واستخلاص برنامج سياسي وكفاحي جديد يستجيب للرد على التحديات الخطيرة والتحولات الجيوسياسية في الوطن وإسرائيليًا وأميركيًا التي عصفت وتعصف بالقضية والأهداف الوطنية؛ ثالثًا العمل على تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في محافظات الوطن كافة، وقطاع غزة خاصة من خلال تمثل الحكومة صاحبة الولاية على القطاع أسوة بالضفة الغربية بما فيها القدس العاصمة الأبدية لمسؤولياتها على الأرض دون انتظار، وتأمين إدخال المساعدات الإنسانية والإيوائية كافة وبأسرع وقت ممكن لتجذر أبناء الشعب في أرض وطنهم الأم؛ رابعًا تثبيت وقف الحرب بشكل دائم وفرض الانسحاب الإسرائيلي من كامل أراضي قطاع غزة، والشروع بخطة الإعمار بالتلازم مع عقد مؤتمر دولي للمانحين العرب والأمميين لرصد الأموال الضرورية لمنح خطة إعادة الإعمار القوة الضرورية لمواصلة النهوض بحياة المواطنين؛ خامسًا تحريك الشارع الفلسطيني في محافظات الوطن كافة من الشمال إلى الجنوب من خلال المظاهرات والاعتصامات والإضرابات وصولاً للعصيان، إذا ما استدعت الضرورة؛ سادسًا الدعوة لعقد قمة عربية طارئة بأسرع وقت ممكن، وقمة لمنظمة التعاون الإسلامية ومنظمة عدم الانحياز، ومنظمة الصين والـ77، والتحالف الدولي لدعم خيار حل الدولتين بقيادة العربية السعودية وفرنسا وقبل حزيران/يونيو القادم إذا أمكن ذلك؛ سابعًا دعوة الجمعية العامة لدورة طارئة تحت عنوان الاتحاد من اجل السلام لتكريس حقوق الشعب الفلسطيني، ورفع مكانة دولة فلسطين لعضو كامل في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية للاعتراف بها تعزيزًا لمكانتها الشرعية الأممية، وعقد مؤتمرات عربية ودولية ضد التهجير والتطهبر العرقي، تعزيزًا لمبادرة مجموعة السلام العربية التي دعت يوم غد الأحد لعقد مؤتمر ضد التهجير القسري في القاهرة، وكما المظاهرة التي دعت لها لجنة المتابعة العربية العليا في الـ48 اليوم السبت في أم الفحم ضد نفس العنوان؛ ثامنًا ملاحقة الرئيس ترمب في المحافل الدولية وخاصة أمام محكمة الجنائية الدولية، التي فرض عليها أمس الجمعة عقوبات جائرة لإصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو ووزير حربه السابق غالانت، حيث اعتبر ذلك تهديدًا للأمن القومي الأميركي، وغيرها من الفعاليات والأنشطة الوطنية والقومية والعالمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها